أنجَز قراء النخبة في دولة التلاوة المصرية جُلَّ تاريخهم ومجدهم “القرآني” وهم في عنفوان شبابهم. الشيخ محمد صديق المنشاوي صاحب المكانة السامقة على مستوى العالم الإسلامي، وصديقه القاريء الفذ الشيخ كامل يوسف البهتيمي –مثلاً وليس حصرًا- غادرانا وهما دون الخمسين عامًا، تاركين خلفهما تراثًا لا يزال بعد 56 عامًا خالدًا وباقيًا وسوف يبقى بإذن الله.
ما كان هذا كله ليحدث لولا أن الموهبة فطرية وحقيقية وصادقة، وليست مزعومة ولا مُدعاة. ولولا أن القرآن الكريم وقَرَ في قلوب هؤلاء الأكابر واستوطن وجدانهم ما دامت سيرتهم حتى الآن رغم تعاقب الأيام والسنين.
أمَّا منتحلو الصفة ومُدّعو الموهبة والباحثون عن مكانة لا يستحقونها، وليسوا جديرين بها على أية حال، فغُضَّ الطرف عنهم، وقل لهم: “لا نبتغي الجاهلين”، فسوف يطويهم النسيان مهما شاغبوا وصخبوا!
البلوى التي حلَّت واستفحلت في دولة التلاوة المصرية في العقود الأخيرة ليست فقط في طبقة القراء الخاوية من كل فضيلة أو مكرمة أو موهبة، ولكنها تتركز في أولئك الذين يخادعوننا ويوهموننا أنهم من الأطهار. لا يعلمون أنها أشياء لا ولن تُشترى، ولو بموائد عامرة لا أول لها من آخر!
أبرز هؤلاء المخادعين الشيخ الضليل الذي يُظهر نقيض ما يُبطن، ولا يتخلق بأخلاق القرآن الكريم. يتواضع أمام أسياده تواضُع العبيد الإذلاء، ويستأسد على من لا يملكون من أمرهم شيئًا، ويتعملق ويغدو طاووسًا!
ولأمثاله من المتاجرين بالقرآن الكريم الذين يتكاثرون يومًا بعد يوم، ويتعاظم شرهم، ولكل شيخ ضليل نقول: مهلاً مهلاً، كفاكم كذبًا وخداعًا وضلالاً وتضليلاً وعوارًا. لا تنسبوا إلى ذواتكم شرفًا لا تستحقونه. النفاق لا يصنع مجدًا، والزيف لن يخلق حقيقة. حواراتُ غَسل السمعة منزوعة الأثر والتأثير والتغيير، وتُظهر مكنون صدوركم التي لم تُحسن استقبال القرآن الكريم.
مهما فعلتم سوف تبقون صغارًا. الهالاتُ التي تُحيطون أنفسكم بها هي والعدم سواء. طوفوا على الصحف والفضائيات وجندوا خفافيش الفضاء الإلكتروني لامتداحكم؛ فلن يزيدكم ذلك إلا خسَّة ووضاعة. سقطت الأقنعة وشاهت الوجوه وتعرَّت الضمائر. إنهم كذابون، ويعلمون أنهم كذابون، ويعلمون أننا نعلم أنهم كذابون، ومع ذلك يكذبون بأعلى صوت ويتصدرون القافلة. إنهم مصيبة عظيمة، ليس لها من دون الله كاشفة. اللهم ارفع عنا البلاء والكرب؛ إنا مؤمنون.
