مراجعة كتاب: يوميات طبيب سيناوي – السنوات العجاف ومحنة الاحتلال
يوميات طبيب سيناوي – السنوات العجاف ومحنة الاحتلال، ليست مجرد مذكرات رجل نشأ في سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، بل هي شهادة على ما كان عليه الاحتلال الإسرائيلي.
ويعد الكتاب شهادة على صمود المصريين في سيناء ووطنيتهم التي تم التقليل من شأنها إلى حد كبير.
كما أنها شهادة على قدرة المرأة المصرية على الصمود والقوة، حيث تمكنت من التغلب على الصعوبات الاقتصادية والاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى حياة خالية من الخيارات.
إن كتاب الدكتور صلاح سلام هو بمثابة تذكير، كما كتب الروائي يوسف القائد في مقدمته للكتاب الذي يقع في 182 صفحة، بالحروب التي خاضتها مصر مع إسرائيل في النصف الثاني من القرن العشرين ـ “الحروب مع العدو الصهيوني” التي لا يمكن ولا ينبغي أن ننسى.
قرر سلام، وهو طبيب ناجح، أن يقدم وجهة نظره الشخصية حول حياة شاب من سيناء.
استيقظ الشاب ذات يوم في شهر يونيو 1967، حين كان عمره سبع سنوات فقط، على صوت طائرات مقاتلة مذهلة كانت تحلق في سماء العريش، شمال سيناء.
وكان يعتقد، كما كانت الإذاعة وأشكال الدعاية العامة الأخرى، أن الجيش المصري “يحرر أرض فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي”.
ولكن لم تمر سوى ساعات حتى أدرك الصبي وعائلته وسكان العريش الآخرون أن ما حدث كان عكس ذلك تماما.
ولأنه كان على مقربة شديدة من خطوط المواجهة، فقد كان سلام هناك ليشهد بنفسه وجود الدبابات الإسرائيلية على أرض سيناء ودخول الجنود الإسرائيليين العنيف إلى بيوت الناس. وكانوا يبحثون عن جنود مصريين هاربين أو أسلحة مخبأة اضطر الجنود إلى تركها وراءهم عندما أجبروا على “الانسحاب الأكثر فظاعة وإذلالاً”.
وفي الوقت الذي بدأت فيه إذاعة القاهرة في إعلان الأخبار المبكرة عن الهزيمة العسكرية، كان سلام يقف هناك ويرى جنديًا مصريًا متبقيًا يحمل بندقية واحدة ويحاول إطلاق النار على العدو.
وبعد ذلك أطلق جنود الاحتلال الرصاص على الجندي ما أدى إلى تحويل جثته إلى أشلاء قام أهالي حي سلام بجمعها ودفنها مع جثث جنود مصريين آخرين قتلوا أثناء محاولتهم القتال رغم الأوامر بالانسحاب.
إن أهوال الأيام الأولى للاحتلال الإسرائيلي لسيناء في الخامس من يونيو/حزيران 1967، إلى جانب غزة التي كانت تحت الحكم الإداري المصري، تقدم لنا لمحة عن المعاناة التي اضطرت عائلة سلام، مثل كل عائلة أخرى تقريباً في سيناء في ذلك الوقت، إلى تحملها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
واستمرت هذه المهنة طيلة بقية سنوات دراسته، وخلال سنوات دراسته الجامعية حيث التحق بكلية الطب بجامعة القاهرة.
وإلى جانب ذلك جاءت العزلة الثقافية ــ “عدم وصول البث التلفزيوني المصري إلى سيناء” و”الإمكانية الوحيدة لمشاهدة الأفلام المصرية عندما يتم بثها مساء الجمعة على التلفزيون الإسرائيلي”.
علاوة على ذلك، يتضمن كتاب سلام روايات عن المقاومة، بما في ذلك العمليات العسكرية التي نفذها المدنيون في سيناء بتوجيهات وتوجيهات منظمة سيناء العربية.
وتقترن روايات البطولة بإحساس خفي وغير معلن تقريبًا بالمرارة لعدم وجود اعتراف واسع النطاق بالأعمال الوطنية لشعب سيناء منذ يونيو 1967 حتى حرب أكتوبر عام 1973.
الكتاب مقسم إلى فصول مستقلة ولكن متصلة ومكتوب بلغة بسيطة للغاية ولكن مؤثرة.
ولكن لا يخلو الكتاب من الروايات الشخصية التي يروي فيها سلام لحظات الحزن والحب والفرح خلال سنواته في العريش ثم عندما جاء بعد ذلك إلى القاهرة.
يعد كتاب سللم بمثابة تكريم لوالدته الحبيبة الراحلة التي كان دعمها وإرشادها مصدر إلهام له ومهد له الطريق نحو مسيرته الطبية الناجحة.
إنها موجودة في كل فصل تقريبًا، تحاول توفير بعض مياه الشرب النظيفة خلال أيام الحرب، وتستمع إلى الخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) للحصول على الأخبار، وتوفر المال لتغطية نفقاتها، وتطبخ وجبات بسيطة ولكن دافئة لسلام.
هذا الكتاب هو مجلد جديد في سلسلة مستمرة من إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب حول التاريخ الاجتماعي في مصر.
/الأهرام/