الأمة/ رأى متابعون ومحللون أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية، إلى جانب نظام الرواتب المجتزأة الذي تتبعه حكومة السلطة الفلسطينية، واقتطاع الاحتلال لأموال المقاصة وتأخير تسليمها، ليست إلا جزءًا من سلسلة سياسات تهدف إلى خلق حالة من اليأس والإحباط لدى المواطنين، ودفعهم نحو الهجرة الطوعية.
وقال الكاتب والمحلل المتخصص في الإعلام الإسرائيلي عزام أبو العدس، في حديثه لـ”قدس برس”، إن الخطط الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية لم تعد خفية، سواء من حيث الأطماع الاستيطانية أو محاولات خلق بيئة طاردة للسكان الفلسطينيين، مؤكدا أن خلق واقع اقتصادي خانق هو إحدى أدوات الاحتلال لتحقيق هذه الغاية.
وأشار أبو العدس إلى أن ذلك بدأ بمنع عمال الداخل من الوصول إلى أماكن عملهم، ثم مواصلة قرصنة أموال المقاصة، وهو ما يشكل، بحسبه، “خرقًا فاضحًا لكل الاتفاقيات والقوانين الدولية”.
كما حمّل السلطة الفلسطينية جزءًا كبيرًا من المسؤولية، نتيجة ربطها نظامها المالي بسياسات الاحتلال وقراراته، قائلاً: “السلطة رهنت مواردها برحمة وزراء حاقدين على كل ما هو فلسطيني”.
وأكد أن الاحتلال يسعى لتهجير سكان الضفة وتحويلها إلى كنتونات معزولة، بينما لا تزال بعض الأطراف السياسية الفلسطينية تتوهم أن الاحتلال قد يمنح شيئًا في المستقبل، رغم التصريحات العلنية التي تدعو إلى قتل اتفاق أوسلو وتهجير السكان.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي خالد معالي لـ”قدس برس”، إن عجز السلطة عن دفع رواتب الموظفين العموميين قبيل عيد الأضحى يطرح تساؤلات جوهرية حول مغزى وجودها وجدواها، في ظل خضوعها للأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال بمصادرة أموال المقاصة.
وأضاف بأن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية صارت كارثية، مشيرًا إلى أن الراتب الكامل لم يعد يكفي لتلبية احتياجات الأسر، فكيف بالأحرى مع استمرار صرف الرواتب المجتزأة منذ سنوات. واعتبر أن الوضع البائس للموظفين سيترك أثرًا واسعًا على باقي شرائح المجتمع، مما يدفع كثيرين للتفكير بالهجرة كخيار للهروب من الواقع الصعب.
من جانبه، اعتبر الكاتب والخبير الاقتصادي الدكتور طارق الحاج أن ما يجري على الساحة الاقتصادية هو حلقة من حلقات التخدير والإلهاء، تخدم أجندة الاحتلال الرامية إلى تفكيك القضية الفلسطينية وتغيير أولوياتها لصالح المشاريع السياسية والاستيطانية الإسرائيلية.
وأشار الحاج إلى أن تأخر الرواتب واجتزائها بهذا الشكل يؤثر سلبًا على قدرة المواطنين على تسديد التزاماتهم الأساسية، منتقدًا غياب الخطط الاقتصادية البديلة لدى السلطة، والتي كان من الممكن أن تُسهم في تخفيف الأزمة، خاصة في المناسبات المهمة مثل عيد الأضحى.
وقال: “كان على السلطة أن تعتمد على إيراداتها المحلية لسداد جزء من الرواتب، بدلاً من ترك الناس رهينة لقرارات الاحتلال”. وختم قائلاً: “رغيف الخبز أصبح مغمسًا بالمعاناة والذل، وهناك تقسيم طبقي ومعيشي واقتصادي واضح يهدد المجتمع، ويبث روح اليأس والإحباط بين الناس”.
وكانت حكومة السلطة الفلسطينية أعلنت الأربعاء، نيتها صرف 35% فقط من قيمة الراتب المجتزأ أصلاً، مما أحدث حالة من الإرباك والاستياء الواسع بين الموظفين، خاصة في ظل تراكم المستحقات المالية منذ نحو ثلاث سنوات، وعشية عيد الأضحى المبارك.