
مراسلات مسرّبة تكشف تدخلات سياسية
كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن رسائل بريد إلكتروني مسرّبة تظهر ضغوطاً مارسها جو كينت، كبير مساعدي مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، على محللي الاستخبارات الأميركية، لحثهم على إعادة صياغة تقييماتهم الأمنية المتعلقة بعلاقة الحكومة الفنزويلية بعصابة “ترين دي أراغوا”، بهدف تجنب الإضرار بالرئيس دونالد ترامب أو مديرة الاستخبارات.
وقال كينت في إحدى رسائله الموجهة لمجموعة من مسؤولي الاستخبارات في 3 أبريل:
“نحن بحاجة إلى إعادة صياغة ومزيد من العمل التحليلي، كي لا تُستخدم هذه الوثيقة ضد مديرة الاستخبارات الوطنية أو رئيس الولايات المتحدة”.
التقارير تتعارض مع تصريحات ترامب الرسمية
التقييم الأمني الأولي، الصادر في 26 فبراير، خلص إلى أن عصابة “ترين دي أراغوا” لا تعمل بتوجيه من الحكومة الفنزويلية، وهو ما يتعارض مع مزاعم إدارة ترامب، التي اعتمدت هذا الربط لتبرير ترحيل مهاجرين متهمين بالانتماء للعصابة بموجب قانون “الأعداء الأجانب”.
في إعلان صدر يوم 15 مارس، قال ترامب إن العصابة “تقوم بأعمال عدائية وتشن حرباً غير نظامية ضد أراضي الولايات المتحدة بتوجيه من النظام الفنزويلي”، مستنداً إلى قانون نادر الاستخدام يعود إلى عام 1798.
انقسام داخل الأجهزة الأمنية
أشارت التقارير إلى تباين واضح بين وكالات الاستخبارات، حيث رفض مجلس الاستخبارات الوطني —الجهة التي تتولى التحليل وتقديم المشورة للبيت الأبيض— الربط بين العصابة والحكومة الفنزويلية. في المقابل، اعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أن هناك مؤشرات على وجود صلة، استناداً إلى معلومات وصفتها وكالات أخرى بأنها “غير موثوقة”.
رغم هذا الانقسام، مضت إدارة ترامب في اعتماد روايتها الرسمية، ما أثار قلقاً من تسييس التقييمات الأمنية لخدمة أجندات سياسية.
ضغوط لتعديل التقرير وتبرير قرار الترحيل
أفادت الصحيفة بأن جو كينت، الذي يُعد مرشحاً محتملاً لرئاسة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، أرسل رسائل متعددة لمسؤولي الاستخبارات أرفق فيها التقرير الأمني الأصلي، وطلب إعادة تقييمه. وجاء في إحدى رسائله:
“إغراق البلاد بالمهاجرين، خاصة المنتمين لعصابة إجرامية عنيفة، هو عمل دولة معادية، حتى إن لم تكن الحكومة الفنزويلية قد وجّهت العصابة أو مكنتها من ذلك”.
وطالب كينت بإصدار تقييم جديد يعكس “المنطق السليم”، على حد تعبيره، داعياً لمراجعة استنتاجات الوكالات التي نفت صلة حكومة مادورو بالعصابة.
ردود فعل وتحقيقات جارية
أثار الكشف عن هذه الرسائل مخاوف داخلية بشأن حيادية أجهزة الاستخبارات، واعتبر منتقدو كينت أن ما جرى يمثل تدخلاً سياسياً صارخاً لتعديل الحقائق الأمنية بما يخدم سياسات إدارة ترامب.
في المقابل، دافع مؤيدوه عن موقفه، زاعمين أنه كان يسعى لكشف معلومات إضافية حول العصابة وليس لتضليل الرأي العام.
بالتزامن، أعلن نائب المدعي العام تود بلانش —وهو محامٍ سابق لترامب— عن فتح تحقيق جنائي بشأن تسريب المعلومات، واصفاً تقرير نيويورك تايمز بأنه “غير دقيق”.