في تعديل وزاري واسع أجراه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عقب استقالة أنجيلا راينر، جاءت النائبة العمالية شابانة محمود للتربع على عرش وزارة الداخلية البريطانية، لتصبح بذلك أول مسلمة تتولى هذا المنصب السيادي في تاريخ بريطانيا.
ويأتي هذا التغيير في إطار أوسع عملية لإعادة تشكيل الحكومة، شملت نقل يفيت كوبر إلى وزارة الخارجية، وتعيين ديفيد لامي وزيرًا للعدل ونائبًا لرئيس الوزراء، فيما احتفظت رايتشل ريفز بمنصبها كوزيرة للخزانة.
من هي شابانة محمود ؟
ولدت شابانة محمود عام 1980.
نشأت في سمول هيث في برمنجهام وعاشت جزءًا من طفولتها في الطائف بالمملكة العربية السعودية.
تنحدر من أصول كشميرية.
درست في كلية لينكولن بجامعة أكسفورد وحصلت على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في القانون، وعملت محامية.
أصبحت أول نائبة مسلمة في البرلمان البريطاني عند انتخابها عن دائرة برمنغهام ليديود عام 2010.
لتكون من أوائل النساء المسلمات في البرلمان البريطاني إلى جانب روشَنارا علي وياسمين قريشي.
في سنواتها الأولى بالبرلمان، تورطت في جدل بعد مشاركتها في احتجاجات دعت إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية.
شغلت منصب المتحدثة باسم وزارة الخزانة في حكومة الظل تحت قيادة إد ميليباند بين عامي 2010 و2015.
في 2015 شغلت لفترة قصيرة منصب كبير أمناء الخزانة في حكومة الظل قبل استقالتها بعد خلافات مع جيريمي كوربين، ثم انضمت لاحقًا إلى اللجنة التنفيذية الوطنية لحزب العمال.
أعيد انتخابها عام 2019 بأغلبية 28,582 صوتًا.
في مايو 2021، انضمت إلى حكومة الظل برئاسة كير ستارمر كمنسقة للحملة الوطنية لحزب العمال، وأشرفت على فوز الحزب في الانتخابات الفرعية بمنطقة باتلي آند سبين.
تُعرف بتشددها في قضايا الهجرة بين نواب حزب العمال البريطاني.
انتُخبت نائبة عن دائرة برمنجهام ليديوود في يوليو 2024.
شغلت منصب وزيرة العدل بين 5 يوليو 2024 و5 سبتمبر 2025، قبل أن تتولى حقيبة الداخلية خلفًا لإيفيت كوبر في 5 سبتمبر الجاري.
وعبر مسيرتها البرلمانية، شغلت عدة مناصب في حكومة الظل، بينها وزيرة الظل لشؤون السجون، ووزيرة الظل للتعليم العالي، ووزيرة الظل المالية للخزانة.
مواقفها من فلسطين والعدوان على غزة
تؤكد محمود أنها “داعم قوي وحازم لحقوق الفلسطينيين”، وهي عضو في مجموعة “أصدقاء فلسطين والشرق الأوسط” داخل حزب العمال.
شاركت في فعاليات مؤيدة لفلسطين منذ 2010، ودعت للاعتراف بدولة فلسطين، وانتقدت خطط الضم الإسرائيلية، ونددت بالهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية التركي.
كما دعت عام 2014 إلى مقاطعة متجر “سينزبري” دعمًا لحركة المقاطعة (BDS)
بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، أدانت شابانة محمود هجوم حماس على إسرائيل، لكنها شددت على أن “القانون الدولي يجب أن يُحترم دائمًا من جميع الأطراف”، وأكدت أن على إسرائيل ضمان وصول الغذاء والماء والكهرباء والدواء لسكان غزة.
أثارت جدلاً واسعًا عندما امتنعت عن التصويت على وقف إطلاق النار في نوفمبر 2023، رغم توقيعها لاحقًا على مذكرة مماثلة في فبراير 2024.
هذا الموقف فجّر احتجاجات ضدها في برمنغهام، وأدى إلى تأسيس حزب “لن ننسى غزة” الذي خاض الانتخابات ضدها.
تحديات
تواجه شابانا محمود تحديات عدة، من ضمنها تبني نهج أكثر صرامة تجاه الهجرة غير الشرعية، إذ أوضحت مصادر مطلعة أن ستارمر يتطلع إلى وزير الداخلية الجديد لاعتماد سياسة حازمة لإدارة ملف الهجرة واستعادة زمام المبادرة.
ويرى مراقبون أن اختيار محمود يعكس أولوية الحكومة في التركيز على ملفات الهجرة غير النظامية واللجوء، التي تشكّل أبرز القضايا الأمنية والسياسية في بريطانيا اليوم.إلى جانب ذلك، تواجه وزيرة الداخلية الجديدة تحديات تتعلق بتنامي الإسلاموفوبيا، وملف الأمن الداخلي، والجدل المستمر حول سياسات اللجوء والاندماج.وتعيين شبانة محمود في وزارة الداخلية يحمل رمزية كبيرة باعتبارها أول مسلمة تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ بريطانيا، وهو إنجاز يُحسب للتنوع والتمثيل السياسي.
لكن مسيرتها تعكس أيضًا حجم التحديات التي تواجه السياسيين البريطانيين المسلمين، لا سيما في مواقفهم من قضايا الشرق الأوسط وفلسطين.ويتطلع المجتمع المسلم في بريطانيا إلى أن تسهم وزيرة الداخلية الجديدة في سياسات أكثر عدلاً تجاه اللاجئين والمهاجرين، وأن تعكس مواقفها التزامًا حقيقيًا بالقيم الإنسانية التي لطالما عبّرت عنها في تصريحاتها.