مشاهد عديدة مرت بها الساحة المصرية خلال الايام القليلة الماضية تشير لعمق الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منه مصر وانسداد أي أفق للخروج من الأزمة في ظل تغييب الحلول السياسية وغياب الحريات وعدم نية النظام لتغيير النهج الذي افضي بالبلاد لهذه الهوة السحيقة
المشاهد بدأت عبر أنباء غير مؤكدة عن وجود قنوات حوار بين الأمين العام للجامعة العربية الأسبق عمرو موسي ومؤسسات مصرية وازنة لخوض الانتخابات الرئاسية وهي الأنباء التي لاذ الجميع حيالها بالصمت باستثناء ما ردده السياسي المصري محمد انور السادات من أن موسي قد يخوض الانتخابات كمرشح انتقالي بشكل قد يساعد في تجاوز الأزمة.
ثاني المشاهد تمثلت في الظهور المثير للدكتور حسام بدراوي آخر أمين عام للحزب الوطني الحاكم خلال حكم مبارك حيث أكد أن الرئيس السيسي سيدخل التاريخ حال عدم خوضه الانتخابات الرئاسية لولاية ثالثة معتبرا أن التداول السلمي للسلطة هو السبيل الوحيد لخروج مصر من ازمتها.
بدراوي وخوض الانتخابات الرئاسية كمحلل
وينظر لتصريحات بدراوي الذي أثر الصمت إلا قليلا منذ سقوط نظام مبارك عقب ثورة يناير علي أنها ألقت حجرا في المياه الراكدة واقتربت من التابوهات التي حرص النظام خلال السنوات الماضية علي ابقائها بعيدا عن التجاذبات السياسية فضلا عن أنها ألقت مزيدا من الأضواء علي احتمالات وجود خلافات داخل مؤسسات الدول العميقة حول خوض السيسي الانتخابات الرئاسية القادمة من عدمه .
بل إن الشائعات نفسها ترددت حول احتمال خوض بدراوي نفسه الانتخابات كمرشح يحظى بدعم من قوي إقليمية أو حتي كمرشح محلل السيسي يتجاوز المرشحين الكومبارس المعتدين في مواجهة السيسي كما فعل حمدين صباحي في انتخابات ٢٠١٤وموسي مصطفي موسي في ٢٠١٨وهو ما نفاه بدراوي جملة وتفصيلا فذكاء بدراوي السياسي يمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية كمحلل .
ثالث المشاهد التي لاقت اهتماما في الساحة المصرية خلال الساعات الماضية تتعلق بالظهور المتقطع لنجلي الرئيس المصري الراحل جمال وعلاء مبارك في المشهد الإعلامي وما يترافق مع ذلك مع إسالة حبر كثيرا علي احتمالات خوض نجل الرئيس المخلوع الأصغر جمال مبارك الانتخابات الرئاسية في مواجهة السيسي
ما يعزز من هذا السيناريو رغم عدم واقعيته إلا أنه فيما يتردد يحظى بدعم من عدد من دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التي تمر علاقاتهما السيسي بمخاض عسير في ظل وجود خلافات شديدة ظهرت بقوة خلال زيارة رئيس دول الإمارات محمد بن زايد مصر وهي الزيارة التي عكست حجم الخلافات الشديدة بين القاهرة وأبوظبي.
أم المشهد الأهم خلال الساعات الماضية فتمثل في الاعتداء علي المرشح المحتمل لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة البرلماني السابق أحمد طنطاوي خلال وجوده في أحد المساجد التاريخية بالقاهرة وهو التطور الذي كشف عن حالة الضيق التي تعتري النظام من وراء تحركات طنطاوي حيث ينظرون إليه كخطر محتمل قد يحظى بدعم محتمل مع قطاعات شعبية وزانة بشكل ينبغي معه السعي لتجفيف منابع الحملة والاجهاز عليها.
مسعى النظام للإجهاز على حملة طنطاوي ظهر بشكل واضح عبر التحرش الأمني بأنصار طنطاوي والايعاز للشهر العقاري بعدم استخراج توكيلات لأنصار ه وتأجيل الدعوي التي أقامها أنصار طنطاوي أمام القضاء الإداري لشهر يناير القادم أي بعد انطلاق المعركة الانتخابية بشكل رسمي بشكل يكشف عن توجه عام لإجهاض حملاته والعمل علي قطع الطريق علي حوضه لهذا الاستحقاق المهم خوفا من مفاجأة لا تسر الأجهزة الأمنية .
وأيا كانت هوية المرشح الذي سيخوض انتخابات الرئاسة أمام السيسي فإن الأوساط الدبلوماسية الغربية في مصر باتت تعتقد أن دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية و الإمارات هم من سيحددون هوية رئيس مصر القادم أو علي الأقل هوية من سيخوض الانتخابات القادمة وشكل هذه الانتخابات أم كونها روتينية أو حرة جادة تعيد هندسة المشهد السياسي المضطرب في القاهرة
محاولات الإجهاز علي حملة طنطاوى
بعيدا عن هذه الأجواء الملتهبة تعكف الدائرة المحيطة بالسيسي علي العمل علي تمريرهادئ للانتخابات الرئاسية القادمة حيث يأملون في وجود عدد من المرشحين الذين لا يشكلون خطرا علي السيسي مثل رئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة ورئيس حزب المحافظين أكمل قرطام وتوظيف ترشيحهما امام السيسي امام القوي الغربية لتسويق الانتخابات ونفي الصورية عنها لاسيما أن سجل النظام في مجال الحريات السياسية وحقوق الإنسان صار بالغ السوء بشكل تبدو هناك حاجة ماسة بإجراءات حتي لو كانت شكلية لتعويم هذا النظام المتعثر.
لذا فمن المهم الإشارة في هذا السياق الي أن مصر مقبلة علي مخاض عسير مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وفي ظل تفاقم الأزمة السياسية وتصاعد الخلافات مع الحلفاء التقليديين للنظام الحالي وعدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالموقف الأمريكي من هذا الاستحقاق ومدي وجود ضغوط لإجراء انتخابات حرة تشكل بداية لإخراج مصر من ازمتها والي أن تتضح هذه المواقف فإن الأشهر القادمة ستكون حبلي بالمشاهد المعقدة أن لم نقل السيناريوهات الصعبة للنظام الحالي.