يواجه حوالي 7000 فلسطيني يعيشون في 22 تجمعاً بدوياً خطر التهجير القسري بسبب مشروع E1.
وجبل البابا هو أحد هذه التجمعات، حيث تعيش 80 عائلة، أي ما مجموعه 450 فلسطينياً، كما تضم القرية حوالي 3000 رأس ماشية، تُشكل أساس حياة رعاة البدو.
واستولت إسرائيل على الضفة الغربية من الأردن في حرب 1967، وبدأت بعد ذلك في إنشاء مستوطنات يهودية هناك، والتي تُعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي والأمم المتحدة ومعظم المجتمع الدولي كما تعتبر الأمم المتحدة الضفة الغربية والقدس الشرقية أرضًا محتلة، يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة مستقبلية عليها.
وتُعتبر المستوطنات على نطاق واسع أكبر عائق أمام قيام الدولة الفلسطينية، حيث تتوسع العديد من المجتمعات اليهودية حول المراكز السكانية الفلسطينية، وغالبًا ما تُبنى على أراضٍ فلسطينية مملوكة ملكية خاصة.
الصورة منقولة من شبكة سي إن إن
واليوم، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة، يوجد 700 ألف مستوطن يهودي يعيشون بين ما يقرب من 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
الدعوة إلى توسيع المستوطنات
و عبّر بتسلئيل سموتريتش، وأعضاء آخرون في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن رغبة صريحة في تقويض آفاق قيام دولة فلسطينية.
ويدعو سموتريتش إلى توسيع المستوطنات اليهودية، ووفقًا لتسجيل صوتي مُسرّب في يونيو/ 2024، قال سموتريتش إن السبيل لمنع قيام دولة فلسطينية تُهدد دولة إسرائيل هو تطوير المستوطنات اليهودية، وأضاف: “الهدف هو تغيير جوهر النظام لسنوات طويلة”.
وبعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، أمر سموتريتش بالتحضير لضم مستوطنات الضفة الغربية.
وقال للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) إن فوز ترامب “يُتيح فرصة مهمة لدولة إسرائيل”، وأضاف سموتريتش أن “الطريقة الوحيدة لإزالة تهديد الدولة الفلسطينية “هي بسط السيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات في يهودا والسامرة”، وهو المصطلح التوراتي الذي يُطلقه الإسرائيليون على الضفة الغربية.
وإلى الجنوب مباشرة من القرية، تقع بلدة العيزرية الفلسطينية الصاخبة، المتاخمة للقدس الشرقية، إنها بلدة تُسمع فيها أصوات أبواق السيارات وتزدحم شوارعها، مما يُلبي احتياجاتها التجارية.
وإلى جانب بناء مستوطنة E1، تخطط إسرائيل لبناء طريق يمر مباشرة عبر العيزرية، وإنشاء أنظمة طرق منفصلة للإسرائيليين والفلسطينيين حول المستوطنة، وفقًا لمنظمة السلام الآن، وهي منظمة تتابع عن كثب توسع المستوطنات.
و تم إصدار 112 أمر هدم لأصحاب المتاجر، مع الموعد النهائي للإخلاء.
“سلة غذاء” لمدينة القدس
وأكد السكان أن العيزرية تُعتبر “سلة غذاء” لمدينة القدس، إذ تضم أكبر سوق تجاري في الضفة الغربية، ويربط شمالها بجنوبها.
وإذا تم بناء الطريق الذي تخطط له إسرائيل، فسيضطرون إلى البحث عن أماكن أخرى لتلبية احتياجاتهم، مما يزيد الأمر صعوبةً وتكلفةً أما أصحاب المتاجر، فيخشون أن تُستنزف مدخراتهم.
وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، طرحت إدارته رؤية عُرفت باسم “صفقة القرن”.
وأشارت خطة ترامب بشكل مبهم إلى أجزاء محدودة من القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطينية لكن ترامب لم يُشر تقريبًا إلى هذه الخطة المُهملة منذ توليه منصبه.
خطة مستوطنة E1
وتقول هاجيت عوفران ناشطة سلام إسرائيلية ومديرة مشاركة لمنظمة “مراقبة الاستيطان” في حركة “السلام الآن”، إن الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ قرابة عامين على غزة جعل من الصعب جذب انتباه الناس إلى الضفة الغربية.
وتراقب عوفران المستوطنات الإسرائيلية وتدعو ضد احتلال إسرائيل للضفة الغربية منذ عقود.
وأضافت : “نحن نقاتل لإنهاء الحرب في غزة وإنهاء الاحتلال في الضفة الغربية. إنه عالم مجنون هنا”.
وعند النظر في إنشاء الطريق لتسهيل حركة سكان مستوطنة E1، قالت عوفران إنه سيُغلق فعليًا وسط الضفة الغربية أمام الفلسطينيين ويتحكم في حركتهم سيتم هدم منازل الفلسطينيين، وسيتم عزل التجمعات السكانية.
وتابعت: “لا أعرف كيف سيتمكنون من الوصول إلى الأراضي التي يصلون إليها عادةً. يعتمد الأمر على حسن نية هذه الحكومة، التي لم تُظهر أي حسن نية تجاه الفلسطينيين على الإطلاق”.
وأضافت: “لا يُمكن تطوير اقتصاد قابل للاستمرار، ناهيك عن دولة. سيكون من المستحيل أن تكون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين”.
وبالنسبة لبعض الفلسطينيين، لم تُلغِ الموافقة النهائية الأخيرة على مستوطنة E1فكرة الدولة الفلسطينية، لأن إسرائيل قضت عليها منذ زمن طويل بفرضها وقائع على الأرض.
وقال خليل التفكجي، رسام الخرائط الفلسطيني الذي يراقب المستوطنات الإسرائيلية منذ 1983، : “إذا نظرت إلى المستوطنات، المنتشرة الآن في كل مكان، فمن المستحيل بناء دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي”.
وأضاف أنه “في حين أن هذه الخطوة تُنذر بنهاية مستقبل الفلسطينيين، إلا أن نهايتها مؤكدة منذ زمن بعيد، لقد استغلوا (الحكومة الإسرائيلية) 7 أكتوبر(هجوم حماس) والرئيس ترامب لتنفيذ مخططاتهم”.
وبالعودة إلى قمة التل، في نسيم ما بعد الظهر تحت شجرة مترامية الأطراف، ينظر مزارعة إلى قريته، غير متأكد مما إذا كانت ستظل موطنه بحلول الصباح.
وقال: “إنها ليست حياتي فحسب؛ بل ذكرياتي وطفولتي. أعرف كل ركن من أركان هذه المنطقة، جبل البابا ليس فقط نهاية أحلام البدو الذين يعيشون هنا، بل هو أيضًا نهاية حلم كل فلسطيني بإقامة دولة في المستقبل”.