مصطفى البدري يكتب: الحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزي
عندما طرح البعض سؤالًا عن الفرق بين الحملة الفرنسية على مصر والاحتلال الإنجليزي لها، ولماذا لم تستطع الحملة الفرنسية البقاء إلا أقل من ثلاث سنوات (١٧٩٨: ١٨٠١) في حين استقر الاحتلال الإنجليزي سبعين عامًا (١٨٨٢: ١٩٥٢)؟
كان الجواب: الفرنسيون واجهوا شعب مصر بأكمله، وقد كان عموم الشعب يحمل السلاح، والروايات تقول إنهم قتلوا ما يزيد عن سدس الشعب المصري، كما كانت الزعامات الدينية والشعبية هي الأكثر تأثيرًا في حشد الجماهير وتحريكها.
في حين جاء الإنجليز بعدما صنع محمد علي جيشًا (قويًا) ومؤسسات دولة (مسيطرة) وقام بتفتيت وتمزيق الزعامات الدينية والشعبية، ونزع السلاح من يد الجماهير.
ومن ثم كانت معركة الإنجليز مع السلطة وحدها؛ وبعد القضاء عليها لم تستطع الرموز
(التي حاولت عدة مرات طرد الاحتلال)
الذي يحصل الآن (وأنا متفائل به) أن معركة الاحتلال ووكلائه تتحول شيئًا فشيئًا من مواجهة الحركات الجهادية إلى مواجهة عموم الأُمّة؛ وبعدما كان مصطلح الجهاد المسلح غريبًا مُستهجَنًا حتى وسط الحركة الإسلامية نفسها.. أصبح الآن في عقل وفكر عامة الشباب والجيل الصاعد.
ساعد في ذلك وصول واحد مثل ترامب لرئاسة أمريكا، كما هناك ظاهرة بروز اليمين المتطرف والاستعداء السافر للإسلام والمسلمين.
بالطبع.. لابد أن يواجه ذلك حملات توعية وإعداد، واستنفار على كل المستويات.
ولَك أن تتخيل كيف كان عموم الشعب المسلح يعرف أنواع الأسلحة، ويتدرب باستمرار (حتى لوفي رحلات الصيد) وكيف كانت علاقته بسلاحه (عناية وحفظًا من الصدأ والعطب).
فضلًا عن المسابقات التي كانوا يقيمونها بين بعضهم البعض.
وكيف كانت قدراتهم على الكر والفر والمناورة.
باختصار: أغلب ما تراه الآن في معسكرات الجيوش.. كان ثقافة عامة عند الشعوب.
وقبل أن أسألك عن كونك تفعل هذا أم لا؛
أود أن أسألك قبلها:
هل أنت تفكر هكذا، وتحاول أن تجد سبيلًا؟
أم أنك ستقرأ هذا المنشور ثم تمصمص شفتيك،
وتقول: مين بقى (الزعيم المُخَلّص) اللي يرجعنا للأيام دي!!
وقبل أن أختم.. عندما ذكرت ذلك لزوجتي؛ سألتني السؤال البدهي المكرر: أليس انتشار السلاح خطرًا وضررًا على المجتمع؟
فأجبتها: الناس بلا سلاح متساوون، وهم بالسلاح كذلك؛ والقيم والمبادئ والأعراف هي التي تضبط التعايش، كما يكون ذلك أدعى لعودة دور الزعامات الدينية والعشائرية إلى مكانها الصحيح.
✍️ والله من وراء القصد