مصطفى النعيمي يكتب: مأزق النظام الإيراني أمام الضغوط الدولية
ولاية الفقيه بين التفاوض والمواجهة:

في ظل تصاعد الأزمات الداخلية والخارجية لنظام ولاية الفقيه، كشفت رسالة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، إلى خامنئي مجددًا تناقضات النظام وعجزه. هذه الرسالة، التي سُلّمت عبر أنور قرقاش، المسؤول الإماراتي، إلى عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية للنظام، وضعت النظام أمام مفترق طرق: إما قبول التفاوض الذي يصفه بـ”خداع الرأي العام”، أو مواجهة تبعات الرفض، بما في ذلك تشديد العقوبات وتصعيد الضغوط الدولية.
تناقضات مسؤولي النظام: محاولات الحفاظ على الصورة داخليًا والمساومة خارجيًا
في حين استخدم خامنئي لهجة تصعيدية، مؤكدًا أن التفاوض مع أمريكا غير مجدٍ وأنه “سيعقد أزمة العقوبات أكثر”، تحدث عباس عراقجي عن إمكانية إجراء مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن عبر قناة عمان. هذا التناقض الواضح يكشف أن النظام، رغم الشعارات العدائية، يسعى لإيجاد مخرج من أزمته المتفاقمة.
مثال آخر على هذا التناقض ظهر في تصريح إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية للنظام، حيث أكد وصول رسالة ترامب إليهم وأنها “قيد الدراسة”، بينما رفض خامنئي بشكل قاطع أي إمكانية للتفاوض، في حين أن المسؤولين الدبلوماسيين واصلوا البحث عن قنوات حوار.
تصاعد الضغوط الدولية: العقوبات والتهديدات العسكرية
بالتزامن مع هذه التناقضات، تتزايد الضغوط الدولية على نظام إيران. فقد أعلن جيمس كاريـوكي، نائب الممثل البريطاني في الأمم المتحدة، أن النظام الإيراني قام بإنتاج ٢٧٥ كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة ٦٠٪، وهي كمية تفوق بكثير الاحتياجات المدنية، ما أثار قلق المجتمع الدولي ودفع الدول الغربية إلى التلويح بتفعيل آلية الزناد.
من ناحية أخرى، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة واسعة النطاق ضد النظام، شملت وزير النفط، و١٣ سفينة، و١٨ شركة متورطة في تسهيل بيع النفط الإيراني. هذه العقوبات تؤكد استمرار سياسة الضغط القصوى، وتُظهر فشل محاولات النظام في الالتفاف على العقوبات.
هزائم النظام في لبنان وسوريا واليمن
إلى جانب الضغوط الدولية، يواجه النظام الإيراني انتكاسات إقليمية كبيرة. ففي لبنان، يعاني حزب الله، الذراع الإيرانية، من أزمة اقتصادية خانقة واحتجاجات شعبية تُضعف نفوذه. كما أدى تراجع التمويل الإيراني وعدم الرضا الشعبي إلى تراجع تأثير الحزب على الساحة السياسية.
وفي سوريا، لم تؤدِّ المليارات التي أنفقها النظام للحفاظ على بشار الأسد إلى نتائج ملموسة، حيث يواجه نفوذ طهران منافسة متزايدة من روسيا، إلى جانب الضربات الجوية الإسرائيلية التي ألحقت خسائر فادحة بالحرس الثوري والميليشيات التابعة له.
أما في اليمن، فإن الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، والتي تنفذ هجمات ضد السعودية ودول المنطقة، تتكبد خسائر متزايدة. فقد تمكن التحالف بقيادة السعودية من إحباط العديد من الهجمات، كما أن الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة اليمنية تضع طهران في موقف ضعيف.
إنهاء سياسة الاسترضاء والاعتراف بالمقاومة الإيرانية
في ظل تصاعد الاحتجاجات الداخلية وزيادة العقوبات الدولية والتهديدات العسكرية، لم يعد هناك مبرر لاستمرار سياسة الاسترضاء من قبل بعض الدول. فقد تظاهر آلاف الإيرانيين الأحرار في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، للمطالبة بإسقاط النظام، كما حدث في “تظاهرة إيران الحرة” في اليوم العالمي للمرأة.
وبحسب تقرير شبكة “إي بي سي نيوز”، فقد اجتمع آلاف الإيرانيين المقيمين في أمريكا في واشنطن يوم ٨ مارس لتوجيه رسالة واضحة إلى العالم: “هذه معركة من أجل العدالة والكرامة الإنسانية والمستقبل، حيث يمكن للرجال والنساء الإيرانيين العيش دون خوف”.
وأكد منظمو التظاهرة أن هذه الاحتجاجات ليست فقط دفاعًا عن حقوق المرأة، بل هي تعبير عن إرادة الشعب الإيراني في الحرية والتغيير. وأشاروا إلى أن ٨ مارس هو ليس مجرد يوم عالمي للمرأة، بل رمز لمقاومة الشعب الإيراني ضد نظام قائم على القمع والعنف.
لقد حان الوقت لإنهاء سياسة الاسترضاء التي منحت نظام ولاية الفقيه فرصة البقاء لعقود. يتوجب على المجتمع الدولي الاعتراف بحق الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة في إسقاط النظام، ودعم نضاله من أجل الحرية والديمقراطية.
فالتأخير في اتخاذ هذه الخطوة لن يؤدي إلا إلى تقوية نظام يشكل تهديدًا للأمن العالمي ويواصل قمع شعبه.