مصطفى عبد السلام يكتب: إزالة جرائم بشار الاقتصادية تحتاج لوقت طويل
ينتظر السوريين تاريخ طويل لإزالة جرائم نظام بشار الأسد الاقتصادية وإعادة بناء دولة المؤسسات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإقرار الدستور الدائم.
فلم يكتف نظام بشار، فقط، بتجريف الحياة العامة وقتل المشهد السياسي والحزبي طوال ربع قرن، والتفريط في أراضي وأصول وسيادة الدولة للأجانب، بل طغا وتجبّر وعاث في الأرض فساداً، فقد قتل أكثر من مليون شخص خلال فترة لا تتجاوز العشر سنوات، واغتصب نظامه وجيشه السوريات في السجون والمعتقلات والشوارع، واعتقل خيرة شباب سوريا وغيّبهم في السجون والمعتقلات ووراء القضبان، وارتكب جريمة الاختفاء القسري للمعارضين على نطاق واسع.
جرائم بشار في تهجير السوريين
وهجّر الملايين من السوريين إلى الخارج والدول المجاورة، وقصف المدن والقرى والثوار بالمدافع والطيران،
وألقى البراميل المتفجرة على رؤوس الأطفال والنساء والمدنيين وبلا رحمة، واستخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه.
وصادر أموال وممتلكات السوريين، وساعد في احتلال بلاده وجلب المحتل الإيراني والروسي لتثبيت نظامه والحيلولة دون سقوطه،
وأجهض ثورة شعبية سلمية تعامل معها بالرصاص والحديد والنار والقمع، وطأطأ رأسه أمام هجمات واعتداءات جيش الاحتلال على بلاده،
فلم يردّ على إهانة إسرائيلية واحدة أو انتهاك واحد لسيادة سوريا طوال فترة حكمه.
إغراق الدول المجاورة بالمخدرات
وحاول إغراق الدول المجاورة، بالمخدرات والكبتاجون، إما للحصول على النقد الأجنبي الذي تهاوى بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية،
أو لإثارة القلق داخل هذه الدول. ودمر البنية التحتية الرئيسية في جميع أنحاء الدولة بسبب القصف الجوي وهجمات الكيميائي،
بما في ذلك حلب المدينة الاقتصادية الرئيسية في سوريا. وجلب العقوبات الدولية على سوريا،
والأخطر اشعال حرب أهلية استمرت ما يزيد عن عقد من الزمان.
هذه عناوين عامة لجرائم مارسها بشار الأسد ضد الإنسانية، وقبلها ضد شعبه منذ توليه الحكم في العام 2000،
ومن قبله ارتكب أبوه حافظ جرائم لا تقل قسوة عن جرائم الابن، فقد ارتكب الأب واحدة من أسوأ مجازر القرن العشرين وهي مجزرة حماة.
ومارس وشقيقه رفعت القمع الوحشي على نطاق واسع وطوال سنوات حكمه، وتلقى هزيمة منكرة في العام 1967 على يد جيش الاحتلال.
تجويع السوريين وإفقارهم
هناك جانب آخر وأخطر مارسه نظام بشار وهو تجويع السوريين وإفقارهم وبيع أصول وثروات سوريا للمحتل سواء الروسي أو الإيراني،
ورهن مقدرات الدولة للحلفاء الدوليين الذين ساعدوه في البقاء في الحكم رغم الجرائم الوحشية التي مارسها هو وأسرته على مدى يزيد عن نصف قرن.
نظام بشار حقق فشل ذريعا في إدارة الاقتصاد السوري على مدى ما يقرب من ربع قرن،
فبعد أن كانت الدولة بلا ديون خارجية ولديها احتياطي أجنبي مريح وصادرات قوية واستقرار ملحوظ في سوق الصرف،
باتت الآن تعاني الإفلاس والتعثر والفساد والتضخم الجامح والاحتكارات، وسيطرة الأسرة الأسدية على مقدرات الدولة والشركات الكبرى،
وتهاوت الليرة السوريا مقابل الدولار لتفقد أكثر من 141% من قيمتها منذ عام 2011،
فالدولار الذي كان يساوي 47 ليرة عند اندلاع الثورة، أصبح الآن يباع بأكثر من 22 ألف ليرة في دمشق و40 ألف في حلب.
وتوزعت ثروات الدولة على المحظوظين والقريبين من دوائر صنع القرار، وتفشى الغلاء، وانهارت الطبقة الوسطى،
أما ملايين الفقراء السوريين فقد باتوا مكشوفين أمام الفقر والغلاء واختفاء السلع الأساسية، ولا يجدون الحد الأدنى من الطعام في اليوم.
التنازل عن أصول الدولة
تنازل نظام الأسد عن أصول الدولة الاستراتيجية للمحتلين والطغاة،
فكل دولة ساعدته في إجهاض الثورة وقتل الشباب حصلت على نصيبها من الكعكة والمشروعات والثروات.
إيران أكبر حليف لنظام الأسد أغرقته في الديون التي تقدر قيمتها بنحو 50 مليار دولار، وصفقات السلاح، وخطوط الائتمان والمنح النفطية،
وفي المقابل حصدت طهران مئات المشروعات، وسيطرت على الأنشطة الاقتصادية المهمة داخل سوريا بمباركة ودعم النظام المجرم.
ومؤخراً عجز النظام عن سداد ديونه الخارجية، ولذا سارع إلى بيع أصول الدولة للوفاء بتلك الديون والأعباء المستحقة عليها،
وقبلها تنازل النظام عن مناجم الفوسفات في تدمر الأهم على مستوى الموارد الطبيعية،
وعن رخصة تشغيل الهاتف الجوال ومحطات كهرباء ومستودعات ومحطات للنفط والغاز في مناطق سيطرته لإيران التي حمته من السقوط.
تكرر المشهد مع روسيا، والنتيجة أن غالبية موارد البلاد الطبيعية باتت خارج مناطق سيطرته.
موضوعات ذات صلة: