مقالات

مصطفى عبد السلام يكتب: الخناق يضيق على الاقتصاد الإسرائيلي

يوماً بعد يوم، يزيد الخناق على الاقتصاد الإسرائيلي الذي بات هشاً وضعيفاً ومحاطاً بالأزمات العنيفة وحالات الغموض واللايقين.

فتكلفة الحرب على غزة فاقت 60 مليار دولار، وبما يعادل 217 مليار شيكل، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد الماضي، والتي أكدت أيضاً أن الجيش الإسرائيلي فشل في تحقيق أهداف الحرب رغم دخولها الشهر الرابع، وسط تكلفة اقتصادية هي الأكبر في تاريخ الدولة العبرية.

ومع ضغوط زيادة النفقات والخسائر المتلاحقة بات هناك عجز ضخم، يبلغ 30.36 مليار دولار في ميزانية دولة الاحتلال، من المتوقع أن تعالجه حكومة نتنياهو بعد انتهاء الحرب عبر إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق العام وزيادة الضرائب وإلغاء وزارات، وهو ما يؤدي إلى زيادة الأعباء المعيشية وانخفاض مستوى دخل المواطن.

ومع طول أمد الحرب وعدم وجود أفق زمني، فإن هذا الاقتصاد الإسرائيلي يواصل نزيفه وسط زيادة الأعباء المالية، وضعف وتأخر المساعدات الخارجية التي بدو أنها لن تصل في ظل معارضة نواب بارزين في الكونجرس الأميركي من بينهم السيناتور البارز والمرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز، وهروب الاستثمارات الأجنبية والودائع من البنوك وقطاع المال.

فتكلفة اليوم القتالي الواحد للجيش الإسرائيلي تبلغ مليار شيكل (270 مليون دولار)، وهناك 9 مليارات شيكل أخرى (2.46 مليار دولار) يتم سدادها كرواتب لجنود الاحتياط.

ومن المتوقع أن تدفع دولة الاحتلال تعويضات قيمتها عشرات مليارات الشواكل للمتضررين من الحرب الدائرة، منها نحو 10 مليارات شيكل (2.74 مليار دولار) للشركات فقط التي تكبدت خسائر فادحة وتراجع حاد في أرباحها، وتعرض بعضها للإفلاس والتعثر بسبب الشلل الذي أصاب أنشطتها.

كما تتحمل حكومة الاحتلال مليارات الشواكل التي تدفعها للنازحين من مستوطنات غلاف غزة أو الشمال ومدن الجليل وغيرها على الحدود مع لبنان، والبالغ عددهم 125 ألف نازح.

وهذه تكلفة مفتوحة في ظل صعوبات تواجه إعادة هؤلاء النازحين لمنازلهم في المستقبل المنظور مع تردي الأوضاع الأمنية، وزيادة المخاطر الجيوسياسية، واستمرار تدفق رشقات صواريخ المقاومة على دولة الاحتلال.

وهناك تعويضات أخرى سيتم دفعها عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات في المستوطنات الحدودية مع لبنان تبلغ نحو ملياري دولار، بالإضافة إلى 6 مليارات دولار أخرى تمثل القيمة الأولية للأضرار التي لحقت بالممتلكات في منطقة غلاف غزة.

وعلى مستوى الأسواق التجارية المرتبكة، فإن المستهلك الإسرائيلي بات يعاني من الغلاء بسبب نقص السلع المتاحة على خلفية تراجع القطاع الإنتاجي مع استمرار استدعاء نحو 360 كجنود احتياط، أو في ظل الضربات القوية التي تلقتها واردات إسرائيل عبر موانئ البحر الأحمر بسبب صواريخ وهجمات الحوثيين على السفن، وتعطل الممرات الملاحية.

ما زاد من أزمة واردات إسرائيل الخارجية، خاصة من آسيا والشرق الأقصى، قرار شركات شحن عالمية كبرى التوقف عن الشحن إلى الموانئ الإسرائيلية، أو الإبحار عبر البحر الأحمر وباب المندب أصلا.

أحدث مثال على ذلك قرار الشركة الصينية العملاقة المملوكة للدولة «كوسكو للشحن». وهذا قرار له تداعيات خطيرة على واردات دولة الاحتلال، إذ تعد كوسكو أكبر شركة شحن في آسيا، ورابع أكبر خط ملاحي للحاويات في العالم، وتساهم بنحو 11% من التجارة العالمية.

وقبلها علقت شركات شحن كبرى رحلاتها التجارية عبر البحر الأحمر، من بينها أكبر شركتين للنقل البحري في العالم، وهما MSC وميرسك.

ليس بعيدا عن أزمات الأسواق الإسرائيلية ما يتعرض له قطاع الزراعة الذي يواجه أزمة خطيرة وخسائر محتملة ونقصا حادا في الإنتاج تصل إلى مليارات الشواكل، بسبب حظر دخول العمالة الفلسطينية وهروب العمال الأجانب.

تتوالى المصائب على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يضغط بشدة على حكومة نتنياهو للتعجيل بقرار وقف الحرب، أو على الأقل تقليص رقعته وقصره على الطلعات الجوية الخاطفة.

مصطفى عبد السلام

كاتب صحفي مصري، وخبير اقتصادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى