مصطفى عبد السلام يكتب: العالم معلق برقبة روسيا
باتت دول العالم التي تعاني نقصا شديدا في الغذاء، ومعها أسواق الحبوب الدولية، معلقة برقبة روسيا التي تصر على رفض تجديد اتفاق الحبوب والذي ينتهي العمل به يوم الاثنين المقبل، ويتيح حاليا لأوكرانيا تصدير قمحها وحبوبها وأسمدتها بشكل آمن عبر موانئها الواقعة على البحر الأسود والمحاصرة من قبل القوات الروسية.
موسكو هددت أكثر من مرة بالخروج من اتفاق الحبوب، وحتى الآن كل الإشارات تقول إنها تصر على موقفها تجاه عدم تجديد الاتفاق فترة جديدة، ووقف تدفق القمح الأوكراني لأسواق العالم بدءا من الأسبوع المقبل، مع تعرضها، كما تقول، للخداع من قبل الغرب أكثر من مرة سواء فيما يتعلق بعدم تخفيف العقوبات المفروضة عليها، أو ذهاب القمح لأوروبا وبلدان غربية ثرية وحرمان أفريقيا والدول الفقيرة منه.
يرفض فلاديمير بوتين كل الضغوط التي تمارس عليه من الأمم المتحدة وقادة دول لتجديد الاتفاق بما يضمن لأسواق العالم تدفقا آمنا وسلسا للقمح الأوكراني، وهنا يطل علينا شبح حدوث قفزات لأسعار الأغذية في الأسواق العالمية كما حدث عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022.
الكرملين يخرج علينا من وقت لآخر ويؤكد أنه لا جديد نقوله بشأن اتفاق الحبوب. الأمم المتحدة ترسل اقتراحا لروسيا واحدا تلو الآخر لإنقاذ الاتفاق، وتسعى لإبرام صفقة تقضي بإزالة العقبات التي تؤثر على المعاملات المالية لبعض البنوك الروسية مع بنوك العالم، والسماح في نفس الوقت بالتدفق المستمر للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
أنطونيو غوتيريس الأمين العام للمنظمة يبعث يوم الثلاثاء برسالة إلى بوتين يقترح فيها زيادة التسهيلات الممنوحة لصادرات الأغذية والأسمدة الروسية، وفي المقابل ضمان استمرار اتفاق تصدير الحبوب.
يقترح أيضا على بوتين تمديد الاتفاق مقابل ربط شركة تابعة للبنك الزراعي الروسي بنظام سويفت الدولي للمدفوعات. علما بأن حرمان روسيا من شبكة السويفت وقطع علاقة بنوكها بالنظام المالي العالمي كان من أبرز أدوات الغرب في معاقبة موسكو اقتصاديا.
يبدو أن بوتين لا يثق في الوعود القادمة من الدول الغربية أو الأمم المتحدة، ولذا جاء الرد أمس الخميس من وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي قال إنه لم يسمع أي مقترحات جديدة بخصوص اتفاق البحر الأسود لتصدير الحبوب، متجاهلا بذلك مقترحات الأمم المتحدة.
كما أبغ بوتين زعماء أفارقة قبل أيام أنه لا يعتقد أن إمدادات الحبوب الأوكرانية تساعد في حل أزمة الغذاء، وهو هنا يمهد بتجميد الاتفاق.
كثيرون يراهنون على تدخل تركيا لنزع فتيل أزمة كبيرة يمكن أن تهدد باندلاع أزمة غذاء عالمية، وهي التي نجحت في تجديد اتفاق تصدير القمح الأوكراني عدة مرات على مدى عام رغم تشدد موسكو.
يدعم ذلك دخول بوتين وأردوغان في نقاش منذ فترة طويلة حول وضع خطط محددة تضمن استمرار إمدادات القمح الروسي والأوكراني للدول النامية بشكل مستقل عن أي طرف آخر، كما تقول موسكو إنها تبحث مع تركيا سُبل ضمان صادرات الحبوب الروسية بغض النظر عن أي اتفاق.
ومن المتوقع أن تحتل أزمة الحبوب صدارة الموضوعات المطروحة على أجندة اللقاء المرتقب الذي يجمع بين بوتين وأردوغان في أنقرة خلال شهر أغسطس المقبل.. فهل ينجح أردوغان في نزع فتيل الأزمة كما فعل في مرات سابقة؟
م منوهل يتحمل العالم كل هذه الأيام بلا حبوب؟