مصطفى عبد السلام يكتب: رياض سلامة.. حان وقت الحساب
ظن رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي السابق أنه سينعم بحياة هادئة ومستقرة عقب مغادرته منصبه يوم الاثنين قبل الماضي، حيث كان صاحب الفترة الأطول في رئاسة بنك مركزي على مستوى العالم.
وظن أنه سيخرج من مقر مصرف لبنان الذي قبع فيه 30 سنة إلى قصوره المنيفة والمحصنة في بيروت أو باريس أو غيرها من العواصم الأوروبية حيث يستمتع بملايين الدولارات التي يودعها في بنوك عالمية.
أو يهنأ بغيرها من الأموال التي يستثمرها في أصول خارجية مثل العقارات والشركات والأسهم والبورصات والذهب والمعادن النفيسة وغيرها من أدوات الاستثمار التي هو خبير بها أكثر من غيره.
واعتقد سلامة أنه سيكرر نموذج إمبراطور السيارات ومدير تحالف رينو-نيسان-ميتسوبيشي، إحدى أكبر مجموعات صناعة السيارات في العالم، والرئيس التنفيذي السابق لشركة نيسان موتور اليابانية للسيارات، ومهندس خطط الاندماج بين شركتي نيسان ورينو، كارلوس غصن، والذي تلاحقه اليابان بتهم فساد، وسجنته بالفعل تمهيدا لمحاكمته، إلا أنه تمكن من الهرب إلى لبنان موطنه الأصلي.
كان رياض سلامة يأمل، في حال مغادرته منصبه، التمتع بما تمتع به سابقاً، و”عفا الله عما سلف”، فهو في حماية عدد من أبرز الساسة والنافذين وقيادات الأحزاب وزعماء الطوائف في لبنان والذين قدم لهم خدمات جليلة خلال توليه منصب.
وجاء وقت رد الجميل له، حيث ساعد بعضهم في تهريب أموالهم إلى الخارج حتى في فترة ما بعد الانهيار المالي في العام 2019 وعقب فرض قيودا مصرفية شديدة على عمليات تحويل الأموال إلى الخارج أو حتى صرفها لأصحابها المودعين في الداخل.
كما أنه من النادر محاكمة مسئول سابق أو حالي بوزن رياض سلامة في لبنان حتى وإن ساهمت سياساته في تهاوي الليرة، والحالة المزرية التي وصل إليها الاقتصاد اللبناني، ودخول الدولة في حال تعثر مالي وإفلاس والتوقف عن سداد أعباء الديون الخارجية.
صحيح أيضا أن هناك 7 دول، من بينها فرنسا وألمانيا، تلاحق رياض سلامة وتطالب بمحاكمته على أراضيها عن تهم عدة منها الفساد المالي والتربح وتهريب وغسل الأموال والأثراء غير المشروع والتزوير وغيرها.
لكن يبدو أن رياض سلامة لن يفلت من العقاب ولن ينعم بأمواله وقصوره وأسهمه وسنداته وعلاقاته المتشابكة سواء داخل لبنان أو خارجها.
ولن يكون بمقدوره العودة للعمل في مؤسسات مالية مرموقة مثل «ميريل لينش» التي كان يعمل فيها قبل توليه منصب حاكم مصرف لبنان، أو مستشارا ماليا لإحدى الحكومات العربية أو البنوك المركزية الخليجية.
ويبدو أيضا أن وقت الحساب بدأ، وأن محاكمات جادة ستلاحق المحافظ السابق لمصرف لبنان في الأيام المقبلة، وأن تحرك 3 دول كبرى أمس الخميس هي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرضها عقوبات على الرجل ــ اللغز، يشي بأن القادم أصعب لرياض سلامة.