مصطفى عبد السلام يكتب: عن ملايين وذهب وياقوت السنوار
لا تتوقف آلة الدعاية الإسرائيلية ومعها وسائل إعلام خليجية وعالمية عن نشر الأكاذيب بحق قادة المقاومة الفلسطينية، ومنهم يحيى السنوار، والزعم بأنهم «تجار موت وسماسرة حروب» يمتلكون مليارات الدولارات والأصول والعقارات في الوقت الذي لا يملك سكان غزة المال لشراء الطعام والدواء والوقود.
ولا يتوقف الإعلام العبري عن تلفيق التهم لهؤلاء القادة بممارسة الفساد المالي على نطاق واسع، ظناً منه أن تلك الأكاذيب تشوّه الصورة الذهنية والسمعة المالية لهم بل وتحطيمها أمام الرأي العام الفلسطيني وفي أذهان العرب، والملفت أن تلك الآلة لا تقدم دليلاً واحداً على صدق مزاعمها، بل تنشر تقارير تنسبها زوراً لمؤسسات مالية وإعلامية عالمية، وأحياناً تستعين بشخصيات ومواقع مغمورة لترديد تلك المزاعم.
قبل شهور زعمت وسائل إعلام عبرية وعالمية أنّ إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي اغتالته إسرائيل في طهران يمتلك ثروة تصل إلى 4 مليارات دولار، وهو ما يضعه إلى جانب المليارديرات في قائمة فوربس لأثرياء العالم.
وامتدت المزاعم لقادة آخرين، فمجموع ما يملكه قادة حماس الثلاثة الكبار، هنية وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق، يتجاوز 11 مليار دولار وفق تلك المزاعم، ووصل الأمر إلى حد تلفيق غلاف لمجلة فوربس يتحدث عن امتلاك هؤلاء مليارات الدولارات، وثبت أن الغلاف مزور وغير موجود أصلاً.
وعقب استشهاد يحيى السنوار أعادت الدعاية الإسرائيلية الحديث عن ثروة الرجل وملايينه وذهبه وياقوته في بنوك فرنسا وغيرها من المصارف الغربية، مستندة لمزاعم قديمة سبق أن نشرتها وسائل إعلام عبرية، منها صحيفة غلوبس globes، التي نشرت يوم 29 أكتوبر 2023، مقالاً تحت عنوان: «غزة الفقيرة وحماس الغنية» زعم امتلاك قادة حماس، ومنهم السنوار، ثروات ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، وأن الجزء الأكبر من تلك الثروة يتم استثماره في الخارج في صورة ودائع مصرفية وعقارات وأسهم وسندات وذهب وأصول أخرى.
ونقلت عن باحثة فلسفة في الجامعة العبرية هي أدي تينينباوم مزاعم بأن ثروة الرجل تتراوح ما بين مليون وثلاثة ملايين دولار، كما رددت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات عن امتلاك السنوار ثروة تقدر بملايين دولار، تم تهريبها خارج غزة، ومزاعم أخرى لاحقت زوجته، إذ جرى تصويرها داخل أحد الأنفاق وهي تحمل حقيبة يد نسائية «بيركين» من شركة هيرميس الفرنسية قيمتها 32 ألف دولار، وهو ما ثبت كذبه بشهادة الشركة.
تدرك وسائل الإعلام العبرية أكثر من غيرها أن السنوار لا يمتلك دولاراً واحداً، سواء في البنوك الأوروبية أو الغربية كلها، وأنه لا يمتلك نصف متر في شقة سكنية تقع خارج غزة، وأن الرجل عاش فقيراً ومات لا يمتلك شيئاً، وأنه لو كان الرجل يمتلك حتى 100 دولار في بنوك غربية لسارعت كل الحكومات بالكشف عنها وتحطيم صورته الأسطورية.
وأن تلك الحكومات حاولت مراراً تشويه سمعة السنوار المالية من خلال الإعلان عن تجميد أمواله في البنوك الغربية، كما جرى في 5 ديسمبر 2023، من قبل فرنسا التي أعلنت تجميد أصوله وأمواله وموارده الاقتصادية التي يملكها أو يحوزها أو يسيطر عليها باعتباره مهندس هجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل. ورغم أنّ حسابات عربية زعمت وقتها أن باريس جمدت 2.7 مليار دولار، إلا أنه لم يتم العثور على يورو واحد للرجل، سواء في بنوك فرنسية أو غيرها.
السنوار تحول إلى أسطورة ورمز للتحرر الوطني، ولذا تُحاول وسائل الإعلام العبرية ومن يسير في فلكها من صحافة الصهاينة العرب تحطيم تلك الصورة، بعد أن اكتشف الجميع زيف ما رددته في الشهور الماضية من أنّ الرجل يعيش في إنفاق غزة محاطاً بالأسرى الإسرائيليين، وأنّه كان يخطط للهرب خارج القطاع.