مصطفى عبد السلام يكتب: كيف نهب بشار ثروات سورية؟
كيف نهب بشار ثروات سورية؟.. بشار الأسد لص سارق عتيّ الإجرام المالي وله خبرة طويلة ليس فقط في ارتكاب جرائم غسل الأموال القذرة وتهريبها إلى الخارج، بل في كل أنواع الجرائم المالية من رشى وفساد واحتكارات والتربح من المال العام والإثراء غير المشروع والسمسرة في أصول الدولة. كما حقق الأسد ورموز نظامه عائدات ضخمة من الاتجار الدولي بالمخدرات وتهريب الوقود، وفقا تقارير غربية.
وربما تقف زوجته أسماء الأخرس، المصرفية السابقة في بنك “جي بي مورجان” الاستثماري الأميركي، في مقدمة مهندسي تلك العمليات المالية القذرة التي نجح بشار الأسد من خلالها في نهب ثروات سوريا وسرقة مليارات الدولارات من أموال السوريين الذين عانوا خلال فترة حكمه من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، وانهيار في كل شيء بداية من العملة المحلية ونهاية بالرواتب والأجور.
نقل 250 مليون دولار إلى روسيا خلال عامي 2018 و2019
أمس الأحد، كشف تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”، أن نظام الأسد نقل 250 مليون دولار على متن طائرات إلى روسيا خلال عامي 2018 و2019، في وقت كانت فيه الدولة السورية تعاني من انهيار حاد في موارد النقد الأجنبي، ولا يوجد دولار واحد في خزينة البنك المركزي، ووجدت الحكومة نفسها عاجزة عن تدبير السيولة الدولارية المطلوبة لاستيراد سلع أساسية واحتياجات الأسواق مثل القمح والأغذية والبنزين والسولار وغاز الطهي. وأعقب عملية التهريب شراء أسرة الأسد أصولاً وعقارات في روسيا، خاصة في حي المال والأعمال “موسكو سيتي” الشهير.
نقص شديد في العملة الأجنبية
وأظهرت سجلات حصلت عليها الصحيفة البريطانية أن نظام الأسد الذي كان يزعم أنه يعاني من نقص شديد في العملة الأجنبية، نقل أوراقاً نقدية تزن نحو طنين من فئتي 100 دولار و500 يورو، عبر مطار فنوكوفو في العاصمة موسكو، لإيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات الغربية.
والملفت أنه في العامين الذين هرب بشار الأسد خلالهما ربع مليار دولار لبنوك روسيا من ثروات السوريين خرجت علينا وسائل الإعلام السورية وقتها بعناوين براقة، أبرزها إطلاق النظام الحاكم حملة “محاربة للفساد”، مؤكدة أنّ من يقف خلف الحملة هو بشار الأسد وزوجته، وكان أول ضحايا الحملة وزير التربية السوري هزوان الوز وزوجته؛ اللذين تم اتهامهما باختلاس أموال عامة، ثمّ توسّعت الحملة لاحقاً لتشمل شركات مملوكة لابن خال بشار وهو رجل الأعمال رامي مخلوف، صاحب شركة اتصالات سيريتيل وأكبر الداعمين للأجهزة الأمنية.
ووصل الأمر إلى حدّ الحجز على أموال رامي وأيمن جابر وعددٍ من رجال الأعمال المحسوبين على النظام، بعد أيام من إجراءٍ مماثل استهدف طريف الأخرس، ابن عم فواز الأخرس والد أسماء.
ووفق البيانات الرسمية، فقد أصدرت وزارة المالية في العام 2019، نحو 600 قرار بالحجز الاحتياطي على أموال 10315 شخصاً.
لكن تبين لاحقا أن هذه الحملة وغيرها كانت مجرد غطاء لنهب بشار ثروات سورية وتحويل الناتج عن عملياته غير المشروعة للبنوك الخارجية.
تحويل ملايين الدولارات لأرصدة عائلة الأسد
وفي الوقت الذي كان فيه مصرف سورية المركزي يحول ملايين الدولارات من أموال وثروات سورية لأرصدة وحسابات عائلة بشار الأسد في روسيا كان النظام يسبق تلك الخطوة بالتنازل عن أهم أصول الدولة لحلفائه والمحتلين الجدد،
حيث تنازل عن مرفأ طرطوس لصالح روسيا بموجب عقد تأجيرٍ لمدة 49 عاماً، وقبلها أسند إدارة مرفأ اللاذقية لإيران،
وبعدها واصل رهن أصول الدولة وبيع مقدراتها للقوى التي ساهمت في منع نظامه من السقوط والانهيار،
منها منح عقود طويلة الأجل لاستثمار أنشطة استخراج الفوسفات والغاز والنفط.
تميز 2019 أيضا بأنه كان عام الصدمات الاقتصادية والأزمات المعيشية العنيفة في سورية،
حيث شهد أزمات الوقود الخانقة، وأسوأ انهيار لليرة السورية، وأعلى معدلات التضخم، وضعف القوة الشرائية في تاريخ الدولة،
مع ندرة المعروض من السلع والبضائع في الأسواق، وعجز مالي لخزانة الدولة، وإقرار قانون سيزر الأمريكي.
وبحسب الأرقام وقتها، فقد بلغت نسبة الفقراء السوريين، بحسب الأمم المتحدة، 83% من إجمالي السكان.
وبلغ معدل البطالة رقماً خيالياً هو الأعلى على مستوى العالم، يراوح بين 50% و78%، وفق تقديرات أممية.
إيرادات الاقتصاد السوري في جيوب آل الأسد
ببساطة، صبت إيرادات الاقتصاد السوري في جيوب وخزن آل الأسد بدلاً من الخزانة العامة للدولة طوال فترة حكم هذه الأسرة،
وكان بشار ينهب المزيد من أموال وثروات السوريين ويحولها للخارج حيث أرصدته وحساباته المصرفية وعقاراته وذهبه وأسهمه وسنداته
وذلك بمساعدة مصرف سورية المركزي وتحت رعاية وهندسة أسماء الأسد،
في الوقت الذي كان فيه النظام يطلق حملات خادعة من عينة مكافحة الفساد وتجفيف منابعه رغم أنه كان المنبع الأول للفساد طوال سنوات حكمه،
ويوعز إلى إعلامه بأن الهدف من تلك الحملات هو التخفيف عن رجل الشارع،
وتحصيل أموالٍ وإيرادات من شأنها المساعدة على تدارك انهيار الاقتصاد ووقف تهاوي الليرة وعلاج أزمة التضخم والغلاء،
ويتاجر بآلام السوريين وأزماتهم المعيشية، بل ويزعم أن الارهاب تسبب في “تصفير” خزينة البنك المركزي من السيولة الدولارية،
رغماً أن تلك الخزينة كان بها ما يزيد عن 20 مليار دولار قبل سنوات الحرب الأهلية،
وأنه يجري اتصالات مكثفة بحلفاء سورية للحصول على قروض ومنح لتمويل شراء واردات الدولة من الدقيق والزيوت والأرز والسكر.