مصطفى عبد السلام يكتب: لمَ كل هذا الاستهداف لقناة السويس؟
إسرائيل، روسيا، إيران، الإمارات، العراق، تركيا، الصين وغيرها من دول العالم، ما الذي يجمع بين تلك الدول؟
الإجابة هي العمل على مشروعات نقل وطرق برية وبحرية ضخمة تمثل تهديداً مباشراً لقناة السويس، أهم ممر مائي في العالم، وواحدة من أبرز مصادر النقد الأجنبي في مصر، حيث باتت تدر على الخزانة المصرية ما يزيد عن 9 مليارات دولار في السنة. كما يجري عبرها نقل نحو 12% من التجارة العالمية.
أول أمس الثلاثاء، بدأت روسيا اختبار الممر البحري الشمالي لنقل النفط، وهو طريق ينافس قناة السويس، ويربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، عبر منطقة القطب الشمالي، ويعد حلقة وصل بين روسيا وبلدان جنوب شرق آسيا، بما فيها اليابان والصين وغيرها من الدول، وبات من الشرايين البحرية الشمالية المهمة لحركة التجارة العالمية التي تزداد أهمية يوماً بعد يوم، مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة وذوبان الثلوج.
وفي الآونة الأخيرة، اتفقت الولايات المتحدة مع إسرائيل على تشييد مشروع جسر بري ضخم يربط بين دولة الاحتلال ودول الخليج العربي، واللافت أن المشروع بدأ تنفيذه فعلاً على أرض الواقع وحظي بتأييد الإدارتين الأميركية والإسرائيلية وبعض الدول الخليجية.
وتشمل خطة المشروع الأردن وإسرائيل والسعودية والإمارات، بما يؤدي إلى ربط بري مباشر بين دول الخليج والموانئ البحرية الإسرائيلية.
ووفقاً لما نقله موقع “المونيتور” مؤخرا، عن مصدر إسرائيلي، فإنّ المشروع سيمضي قُدماً “حتى لو لم يتم تطبيع العلاقات الدبلوماسية” بين إسرائيل والسعودية.
وقبلها مباشرة ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن هناك خطة سرية لربط الإمارات بإسرائيل عبر طريق بري يمر بالأردن والسعودية.
ووفق ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تروجان لخطة سرية تقضي بربط إسرائيل بالإمارات من خلال هذا الطريق البري الطويل الذي يمر بالدولتين العربيتين، حتى يصل إلى الموانئ الإسرائيلية الواقعة على البحر المتوسط.
كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطة لبناء مشروع “خط سكة حديد” سيصل ميناء إيلات في أقصى الجنوب بمستوطنة “كريات شمونا” في أقصى الشمال والتي تتاخم الحدود مع لبنان.
وفي حال تنفيذ مثل هذه المشروعات التي تروج لها دولة الاحتلال على نطاق واسع، فإنها ستقتطع جزءاً مهماً من عملاء القناة المصرية، وهي الشاحنات التجارية التي ستنقل السلع والبضائع من دول الخليج والشرق الأقصى لأوروبا عبر إسرائيل، وكذلك الاستفادة من الطرق البرية في حركة السياح.
وفي مايو الماضي وقعت روسيا وإيران، اتفاقاً لتشييد خط للسكك الحديدية، سيكون جزءاً من ممر نقل دولي يربط بين الشمال والجنوب، وينظر إلى المشروع الضخم على أنه معبر جديد للتجارة العالمية ينافس قناة السويس، بحسب ما تروج له موسكو والرئيس فلاديمير بوتين.
ووفق ما هو مخطط فإنّ خط السكك الحديدية الجديد سيربط بين مدينتي رشت وأستارا الإيرانيتين، وهو جزء من رابط مهم في الممر الدولي الذي يربط بين الهند وإيران وروسيا وأذربيجان ودول أخرى، عن طريق السكك الحديدية والبحر.
فضلاً عن تلك المشروعات، فإن العراق يعمل مع دول الخليج وتركيا على تشييد طريق بري ينقل البضائع والسلع الخليجية والشرق آسيوية إلى تركيا، ثم إلى أوروبا، عبر الأراضي العراقية، ويطلق على المشروع الضخم ممر التنمية.
وهناك طريق بري آخر بات يربط بين الإمارات وتركيا عبر إيران، وغيرها من الطرق والمشاريع التي يتم العمل عليها على قدم وساق.
صحيح أنّ تلك المشروعات وغيرها لا تمثل بديلاً مباشراً وتهديداً قوياً لقناة السويس حتى الآن، وصحيح أنّ القناة المصرية لا تزال تمثل البديل الآمن والأرخص لنقل التجارة الدولية.
لكن الخوف هو تحول تلك المشروعات إلى تهديد حقيقي مع خروجها للنور، وبالتالي اقتطاعها جزءاً من عملاء القناة المصرية، خاصة سفن النفط والغاز والتجارة العملاقة، وهو ما يؤثر سلباً في إيرادات قناة السويس من النقد الأجنبي، وثقلها في مجال التجارة الدولية.