مصطفى عبد السلام يكتب: نجاحات جديدة لـ حملات المقاطعة
حققت الحملات والدعوات إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وكذا سلع الدول الداعمة للاحتلال في حربها ضد غزة ثمانية نجاحات جديدة خلال الفترة القليلة الماضية تضاف إلى النجاحات التي حققتها منذ انطلاقها بداية شهر أكتوبر الماضي.
واللافت هذه المرة أن النجاحات تتحقق في مناطق تقع معظمها خارج دائرة الدول العربية والإسلامية، وتحديداً في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا وجنوب شرق أسيا.
أول تلك النجاحات لحملة المقاطعة هو تعهد إدارات جامعات أميركية مرموقة مثل هارفارد وجونز هوبكنز وبراون ومينيسوتا، للطلاب المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين والرافضين للإبادة ببحث طلبهم سحب الاستثمارات من إسرائيل وشركاتها ومشروعاتها، ووقف الأبحاث المشتركة مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، وذلك وفق تقرير موسع نشره موقع «غلوبس» الإسرائيلي يوم الثلاثاء الماضي.
خطوة كتلك ستكون لها عواقب وخيمة على اقتصاد إسرائيل، خاصة على صناعة التكنولوجيا والدواء، الأهم بين الأنشطة الاقتصادية، ومناخ الاستثمار، إذ إن استثمارات تلك الجامعات تقدر بمليارات الدولارات، فجامعة هارفارد استثمرت وحدها 200 مليون دولار بشكل مباشر في شركات إسرائيلية، في العام 2020.
وثاني النجاحات لحملة المقاطعة المتواصلة، إعلان سلسلة مطاعم الشطائر والقهوة البريطانية (بريت إيه مانجر) الشهيرة أمس الاثنين تخليها عن خطة دخول إسرائيل أو فتح فروع لها داخل دولة الاحتلال. وبذلك تتخلى الشركة عن الاتفاق الذي وقعته مع مجموعة فوكس جروب البريطانية وشركة يارزين سيلا جروب لخدمات الأغذية في ديسمبر 2022 لتقديم علامة بريت في إسرائيل.
أما ثالث النجاحات فيتمثل في استمرار هروب المستثمرين الأجانب من القطاعات الحيوية في إسرائيل ومنها قطاع التقنية، والتخارج من أسواق المال وبورصة تل أبيب والبنوك، خاصة مع استمرار مخاطر الحرب وتوقعات تسخين الجبهة الشمالية على الحدود اللبنانية الفلسطينية في الفترة المقبلة، وهو ما يعني مزيداً من المخاطر الجيوسياسية لدولة الاحتلال التي قد يخوض جيشها مواجهة شرسة مع حزب الله اللبناني.
والنجاح الرابع للمقاطعة هو استمرار تراجع أرباح شركات الوجبات السريعة الأميركية في المنطقة العربية وبعض مناطق آسيا، بسبب دعوات المقاطعة التي استهدفت علامات مشهورة مؤيدة للاحتلال في حربه ضد غزة، مثل ماكدونالدز وستاربكس وكنتاكي وبيتزا هت وكارفور، وشركات المشروبات الغازية، مثل بيبسي وكوكا كولا.
والمؤشر الخامس لحملة المقاطعة ما نلحظه في رد قطاع كبير من المصريين على شركة بيبسي التي تعرضت لانتقادات شديدة ولاذعة على مواقع التواصل، بسبب إعلانها الأخير الذي شارك فيه عدد من النجوم المصريين، وانتهى بشعار “خليك عطشان”، وهو ما اعتبره نشطاء ردّاً مباشراً على حملات مقاطعة منتجات العلامات الشهيرة الداعمة للاحتلال، ودفع الضغط الشعبي شركة المشروبات الغازية الشهيرة إلى إغلاق التعليقات على فيديو الإعلان على قناة الشركة على يوتيوب.
والنجاح السادس شهدته باكستان حيث تعرضت شركات المشروبات الغازية الأميركية لمقاطعة واسعة بعد انتشار شائعة قوية تقول إنها مملوكة لإسرائيليين، واعترفت بيبسي وكوكا كولا أن مبيعاتها انخفضت 11% في الربع الأول من العام 2024. وقبلها اضطر أكثر من 100 فرع لمطاعم الوجبات السريعة كنتاكي KFC في ماليزيا إلى الإغلاق بسبب المقاطعة الواسعة.
وفي فرنسا، تعرضت ماكدونالد لخسائر وانخفاض في المبيعات بسبب المقاطعة، وقال وكيل العلامة الشهيرة في باريس إن ماكدونالدز وستاربكس قد يستغرقان حتى نهاية العام الجاري للتعافي لأن الانتكاسة كانت أكبر لهما. ولا ننسى الحكم المهم الصادر في نهاية مارس الماضي، من محكمة استئناف باريس وهي الدرجة القضائية الأعلى في فرنسا، ومفاده أن الدعوة إلى مقاطعة المنتجات المستوردة من إسرائيل هي جزء من حرية التعبير السياسي.
وشهدت كندا النجاح السابع حيث خفض بنك نوفاسكوشيا، أكبر مصرف كندي، حصته إلى النصف تقريباً في شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية إلبيت سيستمز وباعها لمستثمر أخر. وكانت وحدة إدارة الأصول التابعة للبنك قد واجهت احتجاجات تطالبها بخفض استثماراتها في الشركة الإسرائيلية بسبب الحرب على غزة.
النجاح الثامن لحملة المقاطعة، تمثل في قرار حكومة بلجيكا مقاطعة منتجات الاحتلال التي تصنع في المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، القرار مهم حيث تعد بلجيكا رابع أكبر مستورد للمنتجات الإسرائيلية داخل الاتحاد الأوروبي، بحسب الأرقام التي نشرتها وكالة التجارة الخارجية لعام 2022.
ظنت الشركات العالمية الداعمة له أن المقاطعة ستستغرق أياماً وربما أسابيع قليلة، ثم سرعان ما سيتدفق الملايين حول العالم إلى فروعها لتحصد مليارات الدولارات في شكل إيرادات وأرباح، لكن الحملات صمدت لما يقرب من تسعة أشهر، ولا يزال يتواصل زخمها ووهجها وتتسع رقعتها يوماً بعد يوم بشكل لا يضغط فقط على أصحاب تلك الشركات، بل يضغط أيضاً على الحكومات المؤيدة للاحتلال في حربه الإجرامية.