لا تحسبوه شرا لكم.. فما حدث في السويداء جنوب الشام هو صفعة أمريكية بيد إسرائيلية بامتياز لحكام الشام الكرام وثوارها الأبرار وأهل الشام المباركين والأحرار، تعيد توضيح الأمور، ليروا من جديد ويصبح بصرهم حديد.
إن حجم ضغوط وشكل إحاطة النظام العربي الرسمي والشخصيات الغربية والمبعوثين الدوليين والإدارة الأمريكية بالحكومة السورية الجديدة والرئيس المؤقت أحمد الشرع كاف ليفتنه عن دينه ويصرفه عن خدمة المشروع الإسلامي في سورية، والذي يعبر عن مصالح الشعب السوري، ويحفظ هويتهم الثقافية المرتكزة على القرآن الكريم والسنة النبوية، كما يحافظ على حيوية انتمائهم لأمة العرب والمسلمين.
ولا أخفي سرا إن قلت إن قلبي قد وخزني وأوجعني وقبضت عليه بيدي وبصمت، حين سمعت أول خطاب للقائد أحمد الشرع وهو يدخل إلى دمشق، حين قال وكرر مصطلح دولة إسرائيل، ولم يقل الكيان الإسرائيلي الغاصب لأرض سورية وفلسطين!
حينها كنت كفلسطيني مكلوم وكمسلم موجوع أطير فرحا بتحرير الشام وأبكي وأسجد وأحمد الله ليل نهار.. ولكن كانت في القلب غصة صامتة.
اليوم وبعد أن صفعت الإدارة الأمريكية وجه أحمد الشرع باليد الإسرائيلية مفتعلة لأحداث السويداء من خلال تحريك حطب جهنم من خونة الطوائف، عاد الخطاب السياسي الإسلامي المسؤول والرشيد للسيد الرئيس أحمد الشرع فبات أقرب للشارع والشرع.. فلا تحسبوه شرا لكم.
الخطاب السياسي الأول في بناء سورية الجديدة.
من الإنصاف القول إن خطاب الأخ الرئيس أحمد الشرع في دمشق بالأمس بتاريخ 16/7/2025 هو الخطاب السياسي الأول الذي يصب بشكل واع وراشد ومسؤول في الاتجاه الصحيح الذي يهدف لبناء سورية الجديدة وتفويت الفرصة على الإدارة الأمريكية الصليبية التي تسعى لبناء سورية الثانية كما بنى الفرنسيون سورية الأولى وبلورها لاحقا الكاهن الأمريكي اليهودي الكبير كيسنجر.
مصطلحات وعناوين مهمة وفارقة في الدولة السورية الحرة.
توقفت عند خطاب الأخ الرئيس أحمد الشرع أمام مصطلحات بمثابة عناوين صحيحة، يجب العمل عليها لتجسيدها واقعا ونقلها من الكلام الى واقع الحال، وهي:
1/ الوحدة ورفض التقسيم.
2/ الكيان الإسرائيلي وليس دولة ولا جارة.
3/ مصالح الشعب والانتماء للأمة وليست مصالح الدولة والانتماء للجغرافيا.
4/ السعي لتحقيق الإرادة السياسية الحرة والمستقلة، وليس الخنوع للنظم العربية المستخذية لأمريكا.
5/ سورية الجديدة تتجاوز المخاطر من خلال الشراكة الحقيقية -وليست الصورية ولا اللون الواحد والعليل- في البناء.
أتوقف أمام خمس نقاط صغتها بتصرف، وأعتقد أن هناك نقطة غائبة كانت يجب أن تحضر في خطاب الأخ الرئيس أحمد الشرع في تلك النازلة وهي:
الحلف الإستراتيجي مع تركيا المسلمة المنحازة والمنتمية.
وأقول مخاطبا الأخ الرئيس أحمد الشرع إن ما فاتك بالأمس يمكن أن تسترجعه في الغد.
وإذا كانت الطوائف السورية والقوى الكردية اليسارية متصلة بالقوى الإسرائيلية والغربية والأمريكية طوال عهودها وستبقى، فإن على سورية الجديدة أن تبحث عن الشوكة في تركيا والشعوب العربية، وهي متواجدة وملاصقة ومحيطة بسورية.
وإذا كنا نصبر على خروقات خونة الطوائف من باب المسؤولية الوطنية والشرعية الراشدة -رغم كل الأوجاع والخروقات والمستقبل الملغوم معها- فالأولى أن نصبر على ما لا يناسبنا ولا يعجبنا في الحالة التركية، لاسيما وأننى أوتينا بالأمس واليوم وسنؤتى من قبل الطوائف، فيما لم يكن هذا حال تركيا الصاعدة والجديدة.
تركيا قدر سورية الجميل!
بقدر ما يتصف النظام العربي الرسمي القميء بالخيانة والغدر في الحقبة الحالية، بقدر ما تتصف تركيا المسلمة بالانتماء للأمة والانحياز لها، ورغم فجور العلمانية التركية التي تطعن في تركيا المسلمة وتمنعها من استكمال التجربة الإسلامية، إلا أن وجود أردوغان بخلفيته الإسلامية – رغم علمانية حزب العدالة والتنمية والدولة التركية نفسها- يشكل صمام أمان للتجربة الإسلامية في سورية، كما شكل حضنا حقيقيا وأرضية ومأوى للثورة السورية.
وإذا وضعنا تركيا في كفة الميزان الأولى ووضعنا الطوائف السورية والنظم العربية الرسمية في الكفة الأخرى، فإن الكفة الأولى والتركية هي التي ترجح في ميزان مصالح الشعب السوري ومستقبل الدولة السورية الجديدة، والتي تشكل صمام الأمان لعدم تفكيك تركيا المستهدف أمريكيا في المستقبل المتوسط.
وكما يقول المثل الفلسطيني:
اللي ما عندو كبير بفتش على كبير، واللي ما بكبر كومه بقومه رح يصغر.
فهل وصلت الرسالة يا خوي يا أحمد؟
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 17/7/2025