المفكر العربي منير شفيق يرى ويصرح: دخول أمريكا الحرب على إيران جاء لدعم نتنياهو.
أخالف الأستاذ الكبير منير شفيق في تصوره للعلاقة الجدلية بين أمريكا وإسرائيل، وأقول:
1/ إن أمريكا هي من تحكم إسرائيل في خياراتها الاستراتيجية، وليس العكس، فإسرائيل كيان هجين ترعاه أمريكا وتستخدمه كقوة سياسية عسكرية أمنية متقدمة في المنطقة، ولهذا فهي ترضعه حليبها ليل نهار، وتسهر على رعايته وأمنه.
3/ دخول إسرائيل للمعركة في غزة بهذا الشكل وتلك المدة هو مطلب أمريكي يستهدف خلق أرضية مناسبة تشكل مدخلا حيويا ساخنا لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة ودولها ضمن تصور أمريكا الجديد.
4/ ضرب إسرائيل لطهران هو مطلب أمريكي يستهدف تشكيل أرضية جديدة تمكن أمريكا من الولوج السريع لهندسة الأوضاع الدولية بشكل قهري قبل حضور التنين الأصفر.
5/ إن الفرق كبير بين تصور يرى أمريكا منقادة لإسرائيل وتصور يرى إسرائيل مشروع وذراع منفذ وحقير بيد أمريكا.
وإذا كنت أتفهم كلام الأستاذ منير شفيق عن معركة غزة وانتظاره -مهددا- اقتحام الإسرائيليين لها بخفة وبدون معقولية، وذلك نتيجة شجاعته التي عرفتها وإيمانه العميق بالجهاد، ونتيجة عقليته الثورية منذ أن كان ماركسيا ثم ماويا قبل أن يدخل إلى الإسلام وينتقل إليه من الكاثوليكية…
فإن ما لا يمكن أن أتفهمه أو أفسره هو تغير نظرته في السياسة الدولية والأمريكية خاصة، لاسيما وأنا أعرف نظرته العميقة حول أمريكا وفهمه لطبيعة المشروع الإسرائيلي الخادم للعربدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية!
وبكلمة يمكنني القول إن المشروع والإدارة الأمريكية هي أم المعضلات والتحديات التي تواجه عالمنا العربي والإسلامي، وعليه فإن قتال وتفكيك الكيان الإسرائيلي ينبغي أن يكون مستحضرا حقيقة أمريكا الراعية ومشروعها الصليبي، وحتى لا يكون تصور الإعداد قاصر وغير مسؤول.
كما أن الدور الإيراني في المنطقة تحدده تفاهماتها مع الإدارة الأمريكية، وليست إسرائيل التنفيذية، الأمر الذي تجسد بأعظم خراب حققته إيران لصالح أمريكا في حقبة الربيع العربي حين كسرت أضلاعه وقضمت جوانبه وفككت دوله وشردت شعوبه، ومن قبله كانت قد فتتت العمود الفقري للأمة العربية في العراق العظيم -بعدما أخرج كيسنجر والسادات خزان الأمة في مصر من الفعل في التاريخ المعاصر وأصبحت مفعولا به بلا وزن-.
وكما نجحت إيران في امتطاء الحركات الفلسطينية المقاومة وأتلفت دماء شعبها في معارك مقروءة النتائج، فقد نجحت أمريكا في امتطاء إيران الملالي، وذلك بهدف تفتيت المنطقة العربية وإفشال كل محاولاتها النهضوية جنبا إلى جنب مع إسرائيل.
وكما خدع ملالي إيران الفلسطينيين وبصقوا على دماء شهدائهم الميامين وشعبهم المضحي والكريم، خدعت الإدارات الأمريكية وحكومتها العميقة الحقيقية ملالي إيران وبالت على رؤوسهم في طهران ولبنان واليمن وسورية.
إن الحلف والارتباط والربط القائم بين القضية الفلسطينية وبين المشروع الإيراني قد أتلف فلسطين وجر خلفها الحركات الاسلامية والجهادية في العالم العربي والاسلامي، ومنعها بشكل رئيسي أن تبلور رؤيتها ومشروعها المستقل، وأسوأ ما في الأمر أنه اختطف جوهرة التغيير ومدخل وحدة العرب والمسلمين، قضية الأقصى التي تشكل جزءا من عقيدة المسلمين، وربط بين حاضر ومستقبل فلسطين وبين عقارب الساعة الإيرانية!
مضر أبو الهيجاء جنين-فلسطين 23/6/2025