أقلام حرة

مضر أبو الهيجاء يكتب: الجهاد فريضة هل يلغيها أم يقومهما الطوفان؟

إضاءات شرعية منهجية فكرية

دخلت القضية الفلسطينية في نفق مظلم واصطدمت بالجدار بعد ثلاثة أسابيع من عملية 7 أكتوبر!

دخلت الحركة الإسلامية بالأردن في نفق مظلم واصطدمت بالجدار بعد ثلاثة أيام من توجيه نداء الروابط العلمائية للأردنيين بالتوجه لفلسطين!

تحت عنوان صحيح ينطلق العاملون لهذا الدين باتجاه إحياء فريضة الجهاد، فيهلكون ويهلكون ويضطرب أصل المسار وتتراجع القضية، ويخسر الجميع ويصطدم الكل بالجدار!

فهل الإشكالية بالفريضة أم العنوان أم المنهج والطريقة؟

لا جدال بأن الفريضة شرع ودين، ولكن المعضلة في المنهج والطريقة، وكثيرا ما يكون العنوان غير صحيح في ظل تغير الوقائع والموازين وبروز تحديات جديدة.

فهل ستدفعنا معارك الطوفان المتعثرة في غزة والضفة الغربية، ثم ارتداداتها على الضفة الشرقية لإعادة النظر في التعامل الصحيح مع فريضة الجهاد، والتي ما شرعت الا لتعمر الأرض، ولتهدم الباطل، وليس لتهدم الخير وتقتلع أهله، ثم لتشكك الناس بمشروعيته بعد أن فقدت معقوليته في واقع الحال!

إن مفهوم الجهاد بحاجة إلى تنقيته مما علق به من غبش وقصور واضطراب، ولا يكون ذلك إلا بالعودة للقرآن والسنة والسيرة وفهم الصحابة الكرام، حيث يكتنز عقل المسلم بمفهوم الجهاد العظيم، والذي يتوسع في كل مناحي الحياة وجوانبها، ليعمر الأرض ويحيى الإنسان وتحفظ كرامته، وحينها يكون الجهاد دينا يرفع ولا يخفض، يبني الحق والخير ولا يهدمه أو ينقصه، ويعز أهله ولا يذلهم.

أما فيما استقر في الذهنية الإسلامية من صورة الجهاد وحصرها بالأعمال القتالية – والقتال أحد أشكال الجهاد الاستثنائية الجراحية المعتبرة لواقع الحال والمآلات-، فهو انعكاس لفهم إسلامي جزئي قاصر غير شامل أو عميق، فالجهاد كما القصاص فيه حياة لأولي العقول والألباب، فلماذا تم تغييب العقل الراشد عن فريضة الجهاد العظيمة، رغم أن العقل السليم كما الشرع الصحيح هو من يضبط سلوكه ويتجه به نحو الفوز والربح والإعمار، وليس الهلاك والخسارة والدمار.

إن أقرب مثالين مطروحين اليوم ويشيران الى غياب الالتقاء بين الهدى الشرعي الصحيح والفهم الواقعي السليم في معارك الطوفان – على سبيل الذكر لا الحصر-، هما استحضار العقل والطرح الاسلامي للثورة الجزائرية وسقوط مليون شهيد، وتنزيل ذلك على معركة الطوفان في غزة بهدف تسويغ سقوط عشرات الآلاف من الشهداء في سياق قتالي عسكري راجح الخسارة وبين النتائج وواضح المآلات – وهو عند الجماعة مقبول في غزة وغربي النهر ومرفوض ومردود شرق الأردن-!، وكذلك نقاش نازلة غزة والبحث عن مخرج لها بعد عظم الخسارات، واستصحاب واقعة حرب بيروت دون اعتبار فوارق الحال، لأجل تمرير رؤية حزبية وليس انطلاقا من الحاجة الموضوعية للشعب ولما هو في صالح القضية!

إن واقعة الأردن التي جزت عشب الدعوة وحركة الإخوان المسلمين، هي الشعرة التي قسمت منهج الإسلاميين الحركيين المضطرب – لدرجة الجمع بين المتناقضات في توصيف الأنظمة والموقف تجاهها- الأمر الذي كشفت قصور تصوراتهم واضطراب خطواتهم وعوار مواقفهم، والتي توافق الشرع أحيانا وتخالفه أحيانا كثيرة، أما في السياسة فذاك عجين وطين مضطرب!

فهل من مراجعة حقيقية وشاملة، أم سننتظر حتى يأتينا رجل من أقصى المدينة يسعى قائلا لنا يا قومي توقفوا وراجعوا وتدبروا واتبعوا المرسلين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى