مضر أبو الهيجاء يكتب: الحلف مع ملالي إيران اجتهاد آثم وبلا أجر
دعوة للتوبة السياسية لحركة الإخوان المسلمين
من أشكال ضعف الوعي الشرعي، ومن باب غياب المسؤولية الشرعية، وكنوع من الاستخفاف بعقول الأمة… درج بعض الإسلاميين على القول أن خيارنا السياسي وكل تجاربنا التي أدث للكوارث الكبرى التي أهدرت دماء المسلمين، هي اجتهاد، لنا فيه أجرين إن أصبنا، وأجر واحد إن أخطأنا!
وفيما يقيم أحدهم الدنيا ولا يقعدها بسبب مخالفته للآخرين حول اجتهادهم في حديث صحيح، حيث لا يجد لهم عذرا فيه، فإنه يريد من الأمة أن تعذره في اجتهاده حتى لو أدى لشلع قلوب المؤمنين واستحياء نسائهم وتدمير عمرانهم وإزهاق أرواحهم، وضياع مشروعهم!
الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وتقبله شهيدا
لم يكن الشيخ الياسين في يوم من الأيام متشيعا ولا محبا للشيعة، بل كان لا يطيق اسمهم ويبغض رسمهم، وهو ما يزيد في مسؤوليته الشرعية عن خيار قيادة حركة حماس الآثم في العلاقة مع إيران المعادية.
إن حجم الانحراف الذي توسع في حركة حماس بسبب حلفها مع إيران تدحرج ككرة الثلج حتى شكل منعرجا أخرج الحركة الإسلامية عن السكة القويمة، وأتلف مشروعها الدعوي، وهشم المجتمع الفلسطيني، وسبب تراجعا تاريخيا في القضية الفلسطينية… الخ
لم يكن هذا الانحراف عند قيادة حركة حماس اليوم إلا بسبب اجتهاد وافق عليه الشيخ أحمد ياسين، وعززه بزيارته لإيران ولقائه وشكره للخامنئي عام 1998!
فمن أين جاء تصور الشيخ أحمد ياسين بأن في زيارته لإيران وطلب مساعدتها وتعاونها ودعمها تثبيت للمشروع الإسلامي في المنطقة؟
لم يكن اجتهاد الشيخ الياسين الخاطئ في العلاقة والحلف مع إيران المعادية، إلا بسبب تصور عليل عند قيادة حركة الإخوان المسلمين ومؤسسيها الأوائل رحمهم الله أجمعين.
إن إنشاء الإخوان المسلمين في زمن الإمام البنا لدار التقريب بين الشيعة والسنة -باعتبارهم مذهبا خامسا- ودعوة مجتبى صفوي ممثلا عن شيعة قم للقاهرة كان خطأ كبيرا منذ أربعينيات القرن الفائت، وهو خطأ في التصور والسلوك لا يزال قائما ومعتبرا في تصورات عموم حركات الإخوان المسلمين واجتهادهم السياسي لاسيما في غزة وفي المغرب العربي، وقد تفاعل حسن البنا وسيد قطب في هذا الاتجاه من منطلق الحرص على الدعوة والمشروع الإسلامي، ولكنه كان تصورا عليلا غير ناضج منذ لحظة انبعاثه، ولم يستفد مما طرحه الشيخين محب الدين الخطيب وأحمد شاكر في نفس الزمن والفترة!
فهل سيتوقف الإخوان المسلمون ويعيدوا المراجعة في شأن تصورهم نحو الشيعة ونحو المشروع الإيراني المعادي؟ وذلك بعد نصف قرن من نكبات الأمة وويلاتهما التي تسبب بها المشروع الإيراني المعادي في العراق ولبنان واليمن والشام، وكان آخرها إتلاف غزة بشعبها وجندها والانتقال لإتلاف الضفة وأهلها.. أم ستصر قيادات حركة الإخوان المسلمين على موقفها كما هو إصرار قيادة حماس حتى اللحظة؟
إن الاجتهاد الذي يؤجر عليه المرء وإن أخطأ، لا يكون عندما تكون المخالفة الشرعية واضحة فيه، وعندما يتم تجريبه مرة تلو مرة، وعندما يشير في كل ساحات تواجده لمشروع إيراني ثقافي سياسي عسكري يستهدف اقتلاع الإسلام والمسلمين!
وإذا كانت توبة الفرد العاصي توجب عليه الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة له، فإن توبة الحركات السياسية لا تكون إلا بالإقلاع عن المواقف السياسية المنحرفة والاعتراف بأخطائها والندم عليها علانية لتحفظ دين الأمة، وهو أول مقاصد التشريع الذي يجب أن تتبناه الحركات ذات المرجعية الإسلامية.