أقلام حرة

مضر أبو الهيجاء يكتب: الشام على موعد مع صفيح ساخن من القلاقل

إضاءات سياسية أمنية عسكرية

ستة عقود والشعب السوري يقاتل الوكيل حتى رحل الى حيث ألقت، واليوم قد حل الأصيل ثقيلا في أرض الشام، وبان المرج بعد أن ذاب الثلج.

لم يكن بشار الأسد وأمه وأبيه وعمه وأخيه وصاحبته وابن خالته وخاله وبنيه، مجرمون فارون من وجه العدالة الدولية، بل كانوا وكلاء عنها في سحق الشعب السوري وجزء من الشعب اللبناني والفلسطيني وقتل انسانيتهم وتجريدهم من حقوقهم الآدمية، وجز عشبهم وخيرهم كلما نبت وأينع، وذلك طيلة فترة حكمهم الأشد سوادا في تاريخ الأقاليم العربية.

جوهر ومحرك الموقف الأمريكي هو هدف المشروع الغربي الصليبي

لم يفاجأ الغرب المجرم بقصص قيصر الشام بل أزعجه وأرقه بطلها، فهو من يتابع قصص وفنون التعذيب ويغذيها بالوسائل الحديثة منذ قرن، وهو من يحميها من أي ملاحقة دولية، ويفسد أي حراك شعبي وأي سعي حقوقي دولي يريد ملاحقة المجرمين، ويتلف سعيه ويحاصره وينهيه، لتصبح الأصوات المنادية بالعدالة ظواهر صوتية على الإعلام وحبر على ورق، وهو منهجه المتبع في مصر قبل الشام وكذلك في عموم أقاليمنا العربية.

إن أمريكا والغرب واسرائيل أس الإجرام ومنشأه وراعيه، فكيف ستسمح بتحقيق الأمن في سورية جوهرة إقليم الشام ومحرض الشعوب على الظلم والاستبداد؟

غائب عن الوعي من ظن لوهلة أن أمريكا والغرب المتصهين يروم تحقيق الوحدة والعدالة الاجتماعية في أرض الشام، أو أنه لن يعيق تحققها، بل إن خطوات قيادات ونخب الشام وحكامها الجدد، الساعين لبسط الأمن وتحقيق العدالة والتآلف بين جميع شرائح الشعب السوري، سبب يزيد غيظ الإدارات الأمريكية التي تبحث عن نموذج بشار الأسد، فإذا بها تقع أمام حقيقة أحمد الشرع، والذي تخلى عن القاعدة ولكنه لم يتخل عن دينه وانتمائه وحلم النهضة!

الانتقال من الثورة إلى الدولة بين الحقيقة والخيال

إن مقولة الانتقال من الثورة للدولة صحيحة واقعا في نصفها الأول فقط، وأما الثاني فهو متوهم، حيث ستفرض أمريكا (ترامب) وإسرائيل (نتنياهو) على إقليم الشام الدخول في صراعات يديرها الأصيل مباشرة وبوضوح، انطلاقا من سورية، وذلك بعد أن تحرك فيها العملاق النائم، والذي يعرفه أجداد الغرب القائم.

وإذا كان البعض يظن أن الثورة قد انتهت، فإن واقع الحال سيكشف بصره عن الانتقال من الثورة إلى الجهاد في إطار دولة.

إن الواقع والوقائع على أرض الشام تسير باتجاه واضح تحرك فيه الدول الكبرى أدواتها القذرة والصغرى لتستنزف التجربة الإسلامية السورية وتعيق مشروع النهضة الذي تحلم به الأمة، وذلك من خلال عبثها وتحريك أدواتها لخلق حالة اللا استقرار والاستنزاف، وصولا الى حروب الجوع التي يمارسها الغرب المفترس في مساحات شتى.

المقاربة اللازمة للخروج من المصيدة!

واجب الوقت في سورية هو إبداع مقاربة سياسية جديدة عملية على أرض الشام لتنقذ التجربة من المصيدة، ولئلا تدخل في أتون حروب الاستنزاف الداخلية، وحروب الجوع المقصودة والمفتعلة في الأرض المباركة.

التفريق بين الدولة والسلطة خروج من المصيدة؟

في يوم من الأيام أراد الصياد أن يقبض على السعدان الطليق والحر في الغابة، فجلب له حبة بندق ووضعها في عنق الزجاجة، حتى إذا رآها السعدان جن جنونه، وأدخل يده في عنق الزجاجة بصعوبة، وبعد أن أمسك بحبة البندق، وأصبح كفه قابضا عليها، أراد أن يخرج يده من عنق الزجاجة فلم يقدر، فلا هو استطاع أن يأكل حبة البندق ويهنأ بها، ولا هو استطاع أن يفر من المصيدة وكفه قابض على حبة البندق من شدة تعلقه بها!

ومع فارق التشبيه بين تلك القصة والتجربة السورية، لكن وجه الشبه هو أن أمريكا والغرب يحاول أن يصنع من السلطة في دمشق حبة بندق، كما أن القابضين عليها يتلقون ضربة تلو ضربة، وهم مكبلون بالسلطة واستحقاقاتها كالدعم ورفع العقوبات ومناحي شتى.

ليس المطلوب التنازل عن الدولة مهما كلف الأمر -فهي وسيلة أساسية وعظيمة في مسار التغيير والنهضة-، ولكن المطلوب إبداع مقاربة وصيغة اجتهادية جديدة تحدد شكل ومكون ونسيج السلطة بشكل مرن، بحيث يفوت الفرصة على الصياد الأمريكي الغربي والصهيوني من أن يؤزم الثورة المباركة في السعي لحيازة الدولة بقبضها على حبة البندق -فخ السلطة-.

استراحة محارب وليست خروجا من الثورة.

يا أهل الشام الكرام وطنوا أنفسكم على الجهاد، وأعدوا له ما يعضده ويسنده وينصره من الأسباب الواجبة في عالم الشهادة ودعكم من الراحة، فالباب الذي أغلقتموه بعد انتصار الثورة، سيفتحه الغرب عنوة، وتفرضه عليكم أمريكا ترامب وأداته القذرة إسرائيل وأدواته الصغرى في سورية.

كيف سيتحقق النصر من عند الله؟

لأن الله حق فوعده حق، وهو ناصر المؤمنين الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، ولا تجتمع الأمة على ضلالة، فأشركوا شعوبكم في كل ميدان وكل منحى، ولتشاوروهم بشفافية معلنة في كل نازلة، وعنوان ذلك هو اجماع العلماء والدعاة العاملين في الطيف الإسلامي الواسع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights