منذ بداية محارق الطوفان التي استهلكت وأنهت الرصيد الأكبر من المجاهدين البررة، وأتلفت غزة وأهلها، وجزت عشب شعب فلسطين -والأكثر إيلاما حالة الاستفراد بأهل غزة، وقتلهم في سياق اللهو والتشهي من قبل الإسرائيليين المسعورين والإدارة الأمريكية المجرمة- استنكرت على إخواني فكرة قدسية وصنمية الأرض أمام حرمة الدماء وقيمة خلفاء الله في الأرض.
وقد قادني هذا في سياق موضوعي -قائم ومشهود- لطرح السبل المفضية لإنقاذ حياة الناس في غزة، وأحدها خروج بعضهم إلى أرض الله الواسعة في سيناء أو الشام العزيز، بشرط أن يكون هذا ضمن مقاربة سياسية ناجعة في الحفاظ على خير الخيرين واستبعاد شر الشرين.
وبدل الحديث والشكر والتمجيد للسيسي اللعين، على موقفه بإغلاق الحدود، تحت عنوان منع التهجير للفلسطينيين وتعطيل مخطط الإسرائيليين! دعونا نفكر بعقول حرة غير مستخذية أمام العقل الحزبي وسيف خطابه اللاسع من جديد.
أعود فأقول وأجدد الدعوة للتفكير -في ظل اختناق سياسي وعجز فصائلي وواقع موضوعي محيط بفلسطين- بفكرة الخروج الجزئي لبعض أهل غزة نحو أرض الكنانة أو الشام أو كليهما، دون اعتبار لرؤية المغضوب عليه سايكس وزير الخارجية البريطانية ورؤية التقسيم، ولا قرار الضال بيكو وزير الخارجية الفرنسي، فنحن أصحاب كل تلك الجغرافيا ومن هم لها منتمين أولى بالقرار والتمحيص والتفكير والتدبير، ولا فرق عندنا -كمسلمين- بين جغرافيا مصر والشام اللتين فصلهما سايكس وبيكو بإنشاء الدولة المستحيلة على أرض فلسطين المباركة، ثم أطرها بإطار قومي عروبي وطني ضيق، صرف أهلها عن حقيقة الأمة الواحدة وجعل مفهوم الإعداد الشرعي لمعركة التحرير فيها قاصرا على أهل جغرافيا فلسطين، فوقعنا في الفخ وتمكن منا الصهاينة، وبدل أن نعيد تنقية تصوراتنا والتفكير، لعنا شعوب الأمة المضحية والمنتمية، رغم أنها تدفع من دمائها وحياتها وكرامتها نتيجة انحيازها لقضية الأقصى وفلسطين، ولم يثن ويمجد بعضنا أحدا غير الملالي الإيرانيين الشياطين!
الانفصام الفقهي عند العلماء تحت ترهيب سيف الانتماء الحزبي!
ومن عجيب ما سمعت مؤخرا في الإطار الفقهي الإسلامي الذي ناقش وروج لشرعية ووجوب نزوح أو خروج البدو المسلمين من السويداء أمام حقيقة القتل القائمة من قبل الدروز الصهاينة – والتي لم تتجاوز بضعة أيام- فيما لا تزال تهاب العقول الفقهية الإسلامية التفكير في مشروعية خروج بعض أهل غزة لفك الاحتقان القائم في معادلة القتل واستباحة الدماء القائمة والنافذة يوميا وعلى مدار عامين!
بل إن الرأي الفقهي الذي روج وساد، هو حرمة خروج وهجرة أهل غزة – أو بعضهم- رغم أنهم كل ساعة وعلى مدار عامين يقتلون، وذلك أمام رهبة سيوف وألسنة القساوسة السياسيين المتربعين على عرش المسألة الفلسطينية!
فهل هناك فرق فقهي بين جغرافيا غزة وجغرافيا حوران وأهلهما الشاميين؟ لاسيما أن الذي يمارس القتل هو نفس الطرف الإسرائيلي بتوجيه وحماية وغطاء سياسي من قبل الإدارة الأمريكية المجرمة، سواء بأيدي يهودية أم مستجلبين مرتزقة أم دروز حاقدين على الأمة والدين ومع الصهاينة المحتلين متحالفين؟
غزة السورية والسويداء الفلسطينية تحتاجان إلى عقل ابن الوليد خالد!
لم ينسحب المسلمون من المعركة القائمة بين المؤمنين الموحدين مع الكفار في غزوة مؤتة إلا بقرار شجاع مدروس مسؤول وحكيم في عقل القائد ابن الوليد خالد، وذلك بعد استشهاد القادة العظام من الصحابة الكرام، زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة.
ورغم حديث القوم الغوغائي العاطفي واتهامهم الجاهل للقائد الصحابي الجليل خالد بالفرار من المعركة، إلا أن الرسول القائد السياسي الأول صلى الله عليه وسلم أسماه سيف الله المسلول وهو عائد منسحب من تلك المعركة، لاسيما وأنه كان بارعا في الحفاظ على بيضة جيش المسلمين، ولم يقع في الفخ فيكون سببا في هلاك المجاهدين علاوة على السكان المدنيين.
فهل تدفعنا مهالك فلسطين ومحارق غزة لإعادة النظر والتدبر والتفكر بعقل إسلامي فقهي أصولي واسع وحر مهموم حقا ومسؤول، غير خاضع لصنم الوطن، ولا خائف من سيف الحزب، لعلنا نوقف المحارق في جنوب فلسطين، وننقذ شمالها الشرقي في حوران العظيم من الوقوع في فخ الكاهن الأمريكي اللعين.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 23/7/2025
