لا يوجد نظام سياسي متقلب في قراراته كما النظام الأمريكي، فهو يجمع بين القرار ونقيضه بحسب تحقق مصالحه، وذلك دون شرف ولا مبدأ ولا أخلاق!
وكما تراجع ترامب بشكل رعديد عن استكمال خطوة تدمير الباكستان من خلال الهند وأوقف الحرب التي أشعلتها الإدارة الأمريكية المتغطرسة، يمكن أن تقوم الإدارة الأمريكية بلجم إسرائيل وسقط المتاع من خونة الدروز والنصيريين والقسديين، وذلك إذا ما رأت بأم أعينها أمواج القوة تتحرك بسورية.
والسؤال يقول:
أين تكمن القوة السورية بعدما قام سفاح الشام بشار الأسد بتحطيم سورية، ثم جاء سفاحو الظلام من خونة الطوائف والعلمانيين في سورية ليستكملوا مطالب أمريكا وإسرائيل في تفكيك سورية؟
إن القوة الحقيقية في أرض الشام المباركة تكمن في الإنسان الفرد والجماعة والمجتمع، وهي قوة جاءت كنتيجة طبيعية وتلقائية لامتلاء الناس بمعاني الدين والثقافة الشرعية المبنية على القرآن الكريم والسنة النبوية، وهي رصيد سيرة ومسيرة النبي الأمين وصحبه الكرام الذين غرسوا نباتهم في أرض الشام المباركة، فظهر فيها الخير في كل حين، وأينع فيها الياسمين في ثورة القرن، الثورة السورية المباركة.
وإذا نجحت الإدارة الأمريكية والنظم العربية بالضغط على حكام سورية الجدد لدرجة إخضاعهم لبعض المطالب المرحلية، فإن الإدارة الأمريكية الشيطانية التي استخدمت بشار الأسد وملالي إيران والروس وقسد وداعش والنصيريين وحطب جهنم من الدروز.. لن تكسر -مهما صنعت- إرادة الشعب المسلم الذي قدم مليوني شهيد وزاد عليه كل ماله ودياره وأمنه، لكي يقتلع الطاغوت المتوحش، ولكي يسترد هويته الثقافية ويحيا مصطبغا بها في كل جوانب الحياة بإرادة كاملة وحرة.
الفرق بين النموذج السوري والنموذج الإيراني!
إيران وسورية تملكان قنبلة نووية، فأما إيران فقد امتلكت أو كادت تمتلك قنبلة مادية تمت السيطرة عليها ثم تفتيتها، وأما سورية الجديدة فقد ورثت قنبلة نووية بشرية عمرها تضحيات القرن السابق والحالي، وقد نجح المصلحون والدعاة والثوار والعلماء السوريين بتخصيب تلك القنبلة النووية خلال 14 عاما من الثورة المباركة حتى اكتملت، مما اضطر الغرب الصليبي والكاهن الأمريكي للخضوع لتلك الحقيقة الموضوعية، فاستغنى عن كلبه العقور بشار الأسد، وتعامل مع حقائق سورية الجديدة وشعبها النووي المكتمل والقادر على التحدي والتغيير والصمود.
واجب الوقت يقع على عاتق علماء وقادة وحكام سورية.
إن حجم المخاطر الداخلية القائمة في سورية، وحجم التحديات القادمة على أرض الشام المباركة جميعها، تستدعي من المنتمين الواعين الذين يمتلكون شجاعة الموقف، ويجيدون صناعة الوقائع، أن يعززوا كنز القوة الحقيقية التي بين أيديهم، وهي الشعب العربي المسلم والمنتمي، وذلك من خلال تقديم كل ما يلزم من أجل تأطيره خارج إطار مؤسسة الدولة السورية الجديدة التي تخضع وستخضع لضغوط متواصلة، وهو ما سيشكل إطارا وقائيا يحمي الدولة ويرفدها، ويرفع أسهمها أمام الكيانات الدولية والإقليمية الظالمة والمحلية الخائنة.
تشكيل الجبهة الشامية العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع المحتلين.
إن تشكيل إطار جبهوي جماهيري تقوده شخصيات حرة مستقلة صادقة واعية وشجاعة، سيحصن الجسم السوري ويطوره بشكل مستمر، كما سيسهم في منع تصدعه، لاسيما إذا شكلت ركيزته بوعي وخبرة، بحيث تحدد الملامح والأهداف من خلال وثيقة الكلمة السواء التي تجمع أبناء تلك الأرض، وخلفهم جموع العرب والمسلمين.
الاعتداء الإسرائيلي على دمشق غنيمة وفرصة!
لن يجد السوريون حكاما ومحكومين وعلماء ونخب وقادة وثوار، أعظم من فرصة الضربات الإسرائيلية لتشكيل إطار شعبي له أهدافه المتطورة بحسب واقع الحال، والمرتبطة بتحقيق المصالح السورية الجماعية لأهل الشام الكرام.
فهل سيلتقط الثوار الأحرار تلك الفكرة ويجسدونها واقعا في أرض الشام الحرة؟
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 17/7/2025