الأحد يوليو 7, 2024
أقلام حرة

خبران عاجلان في غزة

 مضر أبو الهيجاء يكتب: تعليق واستشراف.. نحن وأمريكا إلى أين؟

الخبر الأول عن:

وزير الدفاع الصهيوني غالانت: السنوار هو من اختار الهجوم علينا في 7 أكتوبر.

الخبر الثاني عن:

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو: نحقق نجاحات كبيرة ولا ننوي التوقف ومستمرون حتى النهاية.

لابد من التوقف مليا أمام تصريحات الصهاينة التي تعبر عن شهوة القتل الجارفة والتعامل مع المعركة كفرصة اجتثاث سانحة ومنعرج جديد!

وباعتبار أن إسرائيل لا تدار بالمعنى العميق من داخلها بل من الخارج وتحديدا من أمريكا.

وبالنظر لإيقاع التصريحات الأمريكية التي تنصح وتأمر بالقتل الحاسم منذ ساعة المعركة الأولى، وبالنظر لجلبها لجحافلها العسكرية فورا وبشكل غير متكافئ لتحديات المعركة، يمكن أن نخلص إلى استنتاج واستقراء ثم نحدد واجب الوقت.

أولا الاستنتاج:

إن إسرائيل وأمريكا لا تتعاملان مع المعركة باعتبار معطياتها واحداثياتها القتالية فحسب، بل باعتبارها فرصة سانحة لتحول ومنعرج في القضية الفلسطينية، الأمر الذي يدعو إسرائيل ومن خلفها أمريكا لعدم التوقف وعدم الرغبة في إنهاء التصعيد حتى ينتهيان لتغيير الواقع وصناعة وقائع جديدة !

ثانيا الاستقراء:

إن الحضور الأمريكي العسكري وتموضعه العسكري الكبير جدا في منطقة الشرق الأوسط من خلال نافذة الصراع العربي الإسرائيلي وفرصة المعركة -التي تأبى أمريكا أن توقف نيرانها أو تقلل من حدة الاصطراع القائم فيها-، وعلى حساب الملف الأوكراني الذي أهملته أمريكا بعدما أشعلته وأوصلته إلى مرحلة اللاعودة، ودفنت فيه الروس مع الأوكران، وأغرقت فيه الأوروبيين الحمقى، إن كل ذلك يشير بوضوح إلى نقلة نوعية كبيرة للمشروع الأمريكي في المنطقة تتجاوز موضوع المعركة المشتعلة، بل هي أكبر من المسألة الفلسطينية وإسرائيل الخادمة !

ثالثا واجب الوقت:

من نافلة القول أن واجب الوقت هو الوقوف خلف الفلسطينيين في مواجهتهم غير المتكافئة مع الصهاينة المدعومين من كل المنظومة الغربية، لاسيما وأن معطيات وموقف المجاهدين الأبرار الآن في غزة يرسم كثيرا من الأبعاد الواعدة أو الخطرة، إلا أن واجب الوقت الأكبر في التفاعل وإسناد الحالة الجهادية في غزة والصمود الفلسطيني في القدس والضفة والبلدات العربية في مناطق فلسطين التاريخية 48 وضرورة الحفاظ على التواجد العربي على كامل الأراضي الفلسطينية باعتبار أن الجسم الفلسطيني سيكون طليعة المنطقة في مواجهة المشروع الأمريكي المتقدم في عموم المنطقة، وذلك إن صمد في المعركة ونجح في تغيير أو خلخلة ميزان الأطراف المتصارعة.

إن واجب الوقت يستدعي الارتقاء من مستوى التضامن العاطفي مع فلسطين وشعبها إلى درجة الشعور بالخطر الأمريكي القادم والذي يستهدف إعادة صياغة أوضاع المنطقة ضمن رؤيته المستوعبة والفاحصة لثورات الربيع العربي، والتي أثبتت فشل جميع الأنظمة العربية والتجربة الديمقراطية والقومية والاشتراكية في تدمير الأمة وشعوبها، بل إن نذر ومؤشرات النهضة الإسلامية بادية بشكل متقدم في عموم المنطقة وخصوص الأقاليم الفاعلة في صياغة مستقبل الأمة كمصر والعراق والشام.

وكما أبدع مجاهدو فلسطين في غزة اليوم ومن قبلها في القدس ومدن الضفة في مقارعة وإذلال الإسرائيليين المحتلين، فقد أبدع المصريون والعراقيون والشاميون واليمنيون والليبيون في مقارعة وإذلال الأنظمة العربية الحاكمة ووكلاء أمريكا الذين يديرون دفة الحكم فيها، ونزفت شعوبهم في طريق اقتلاعهم، وأحدثت فيهم وفي أنظمتهم الأمنية شروخا وضعضعة مبهرة.

وإن من مخاطر التموضع الأمريكي المتقدم في منطقة الشرق الأوسط هو تعزيز وضبط أعمق وأكثر فاعلية لدور ملالي إيران في تهديم المنطقة، لاسيما بعد أن سمحت أمريكا لها بالتمدد واحتلال أربع عواصم عربية للحيلولة دون أي نهضة عربية وإسلامية واعدة.

فكيف يتخيل البعض أن أمريكا في حالة اصطراع عميق مع إيران وأنها يمكن أن تنهيها وتفككها وهي أكبر مشروع طائفي ضامن لتفتيت البلاد واصطراعها المذهبي بالشكل الذي يصنع فيها مولدات القتل واستباحة الدماء ؟

نعم قد تختلف أمريكا مع إيران في هوامش محدودة بتموضعها وعسكرها واقتصادها وتحالفاتها باعتبار أن إيران تملك مشروعا حقيقيا يعبر عن ذاتها وأحلامها وتطلعاتها، ويلتقي ويتخادم مع الأمريكان والصهاينة في المسائل الإستراتيجية، والتي على رأسها طمس الدين والهوية، وتفتيت دول المنطقة ومنع شعوبها من استرداد عافيتها لتحقق نهضتها، خلافا للأنظمة العربية وحكامها الذين تمتطيهم أمريكا كأحذية، تستبدلهم كلما اهترأت فردتي الحذاء بحذاء جديد أقدر على المشي والامتطاء كما هو حال السيسي الشرس والعنيف، الذي استبدلته بالرئيس حسني المهترئ والضعيف، لكن أمريكا لن تتخلى عن إيران ودورها، بالذات بعدما تراجع الدور الإسرائيلي وضعف كنتيجة لصمود الشعب الفلسطيني ومسيرته الجهادية المتواصلة.

واجب الوقت هو تشكيل مشروع عربي إسلامي غير قطري لمواجهة المشروع الأمريكي القادم والكبير، بحيث يكون متماهيا مع مشروع مساند للفلسطينيين ويحول دون إضعافهم أو إخراجهم من المعادلة الفاعلة، وهو واجب لا يلتقي مع الحلف مع إيران الخادمة، أو التعويل الخائب والارتباط المشبوه بالأنظمة الوظيفية القائمة.

إن مستقبل شعوب المنطقة -في حال انكسار فلسطين لا قدر الله- هو ما نراه قائما اليوم في غزة ومدن الضفة من قتل وسجن وتجويع، فإذا لم تسرع شعوب المنطقة ونخبها وحركاتها الفاعلة برفع سقف المواجهة، فإنه سينالها من الجروح والقروح والجوع بقدر تأخرها عن أخذ زمام المبادرة.

إن طبيعة الصراع القائم وأهداف المشاريع المعادية أكبر من فلسطين بكثير، بل إن غزة هي حجة ونافذة للحلول الأمريكي البريطاني المباشر والكبير في المنطقة، الأمر الذي يستوجب مشروعا عربيا إسلاميا في مستوى التحدي القائم والقادم، وهو ما يستدعي لقاء أعلى من مستوى بعض الجماعات والحركات المنظمة والأطر الكلاسيكية التي تجيد إصدار البيانات وتلاوتها، بل المطلوب قيادة وإطلاق تيار شعبي يشكل طوفانا يضاهي طوفان الأقصى، ويستهدف تحقيق أهداف سياسية واضحة يلتقي عليها الجميع.

إن ثورات الربيع العربي المباركة قد أثمرت ربيعا عربيا إسلاميا أحدث تغييرا جوهريا في العقول ومساحة وعمق الوعي.

فهل سنرى من أبناء أمتنا العربية والإسلامية من يبدع مقاربة جديدة تتجاوز حدود النظر للوكيل وتصوب النظر للعدو الأصيل، وتتعالى عن عقد التنافس والاحتكاك بين الأحزاب والحركات السياسية القائمة، وتكون في مستوى الأمانة تجاه منطقتنا وشعوبنا وهويتنا المستهدفة ؟

اللهم هيئ لأمتنا أمر رشد يقودنا إلى الخير ويمكنه، ويدفع عنا شرور المرحلة، اللهم وانصرنا في غزة والقدس والضفة على اليهود المحتلين، وفي مصر والشام واليمن وليبيا وتونس والعراق على الحكام الطواغيت المعتدين.

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 8/11/2023

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب