أقلام حرة

مضر أبو الهيجاء يكتب: دعوات العلمانية على أرض الشام الأبية!

إضاءات ثقافية دعوية شامية

إن خضوع بلادنا وشعوبنا لحقب من القهر السياسي والدكتاتورية الفلسفية التي فرضها الغرب -مستخدما نظما سياسية ومناهج فلسفية وسجون مخابراتية لتقتل وتحاصر أصحاب الكهف لأنهم قالوا ربنا الله- قد أوجد شروخا مجتمعية ولوثات فكرية وأشكالا من الانحطاط الأخلاقي والاستخذاء السياسي الذي يطل في كل مجتمعاتنا، لاسيما فيمن مكنهم وبوأهم مكانة إعلامية وفنية وسياسية وفلسفية، حتى تكاثرت بين أيديهم الوسائل ليعلوا صوتهم فوق صوت الأغلبية ويكتسح المشهد العام رغم أنهم أقلية.

ليست مشكلة العلمانيين مع أحمد الشرع إلا في رفضهم وكرههم للشرع، وليست مشكلة العلمانيات والنسويات مع عائشة الدبس إلا في رفضهم لنموذج أم المؤمنين عائشة!

إن صراع الحق والباطل قائم ودائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وقد خلقنا سبحانه لينظر كيف سيعمل كل منا أفرادا وجماعات، وأين سيقف في موقفه النهائي الذي يختم له به، فيقوده للجنة أو إلى النار.

لم تعد الأيديولوجيات -بعد تقدم الصحوة الإسلامية منذ سبعينيات القرن الماضي- تشكل تحديا فلسفيا خطرا بقدر ما تشكل تحد سياسي ينذر بأخطار اجتماعية تمس الفرد والأسرة والمجتمع، وتستهدف تشويهه وتمزيقه وإضعافه مستخدمة وسائل قوية وحديثة، مدعومة بظهير غربي سياسي قانوني ثقافي عسكري.

إن فهم طبيعة الصراع من حيث أهدافه وأدواته وارتباطاته، أصل في وضع مخطط للتعامل معه ومواجهته وإفشال تخريبه وإحباط إرهابه المتواصل.

وفي نظرة سريعة لواقع الشام نلحظ اضطرابا في الأداء الواجب والمطلوب تجاه سعار العلمانيين الذين باتوا يمارسون التنمر في جانبيه الاجتماعي والثقافي، حيث تمارس الدور الأول النسوية المدعومة دوليا بشكل قانوني محصن، فيما يمارس الدور الثاني رجالات وجدت ظهيرا سياسيا لها وأسندت ظهورها إلى برج إيفل مرتكزة عليه!

فما هو واجب الوقت لمواجهة سعار العلمانيين الذي يفيض منه قيح الغرب؟

يمكن القول إن معركة العلمانية مع الإسلام خاسرة وعلى وجه الخصوص في أرض الشام المباركة، وذلك لسببين:

1/ رصيد الإقبال الشعبي الكبير على الدين، وارتباط المنظومة الأسرية والحياة الاجتماعية والعلاقات التجارية.. الخ بالدين.

2/ نفوذ المدرسة الإسلامية الوسطية وحجم التوقير لها في عموم مدن الشام وشعبها الكريم.

ورغم رجحان خسارة الكتل السرطانية المعادية للإسلام إلا أنها في ظل ضعف الجسد العام وتعرضه لكثير من الأمراض، يمكن أن تنتشر وتنمو في الأطراف من جديد، لاسيما إذا مكنها الغرب والنظام العربي المعادي ووسائل الإعلام الموجهة من أدوات تجعلها طافية على السطح في كل زاوية.

لقد أشار الله إلى نية وعمل المعادين لدينه ووصفهم في القرآن الكريم بقوله سبحانه:

{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}

[التوبة:32-33].

إن حالة التدافع حول الهوية الثقافية في أرض الشام هو جزء من صراع الحق والباطل، والذي يسعى أن يطفئ نور الله، سواء أكان وصفه كاتبا أو ممثلا أم يوتيوبر أم صانعة محتوى حاقدة رعناء وطائشة.

وقد أشار سبحانه وتعالى للوسيلة الأولى والأوسع استخداما لدى أعدائه لإطفاء نور الله وهي أفواههم، الأمر الذي يوجب علينا كمسلمين ننتمي لهذا الدين ونعتز بالهوية الثقافية المبنية على القرآن والسنة أن نسعى بجهد أكبر من خلال الوسيلة الواجبة والوحيدة والحصرية لإضاءة نور الله بأفواهنا، لاسيما أن المعادلة الإيمانية التي تنقذ صاحبها من النار لا تقبل الإكراه مطلقا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والعاقبة عند الله، وكلنا آتيه يوم القيامة فردا، فإما جنة ونعيم، وإما نار وجحيم والعياذ بالله.

إننا إذا فهمنا طبيعة وخلفية ورموز الحراك العلماني الشاذ على أرض الشام المباركة، ثم وعينا التصور الإسلامي لمسألة سنن الله في التدافع بين الحق والباطل، وتوجيه الله لنا في شكل التعامل الواجب مع من يريدون أن يطفئوا نوره سبحانه بأفواهم، فإنه يجب علينا أن ننتقل للواقع العملي المفضي لإضعاف تلك الهجمة، مؤمنين واثقين بأن الحق منتصر لا محالة لأنه حق، يقول سبحانه وتعالى: وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. [الإسراء:81]

إن الحق منتصر لأنه حق من عند الله، وإن الباطل مهزوم لا محالة لأنه تحد لله، فكان زهوقا، وحتى تتحقق المعادلة فالمطلوب منا بذل الجهد الواعي حتى نستحضر الحق في واقعنا المعاصر بوسائله الحديثة، ثم لن نجد إلا قانون الله خالق الكون والمتصرف الوحيد به.

ويمكن الإشارة إلى ثلاث مسائل واجبة لإنجاز المطلوب:

1/ جهد الدعوة.

2/ المصالحة بين المدرسة الإسلامية التقليدية والسلفية.

3/الحراك الشعبي وطاقات الشباب بوسائلهم المعاصرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى