ابتداء لكم مني خالص الحب والتقدير على ما تقومون به من جهد كريم وعظيم في عموم الدعوة إلى الله وخصوص نصرة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أشار نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى دور العلماء وقيمتهم ووصفهم بورثة النبيين يرثون منهم العلم النافع الذي يؤسس لمسيرة الإصلاح، والتي لأجلها بعث الأنبياء.
وقد عرف عنكم الخلق الرفيع والغيرة على دين الله وصلاح القول والمضي في الإصلاح ولا نزكي على الله أحدا.
ولا يخفى عليكم ما ابتلانا الله به من مصاب في المسار الإسلامي في فلسطين، حيث سقطت قيادة التيار الإسلامي في مربع ملالي إيران الذين يمتلكون مشروعا كامل الأركان يستهدف اقتلاع الدين وتدمير أمة التوحيد على المستوى الثقافي والأخلاقي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وكل جوانب الحياة، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو جماعة المسلمين.
ومن نافلة القول أن حجم التدمير الذي مس الدين وتحقق في واقع الأمة على مستوى شعوبها ودولها وجيوشها جراء محور إيران وميليشياته وأحزابه وملاليه ورموزه يفوق أي تدمير ببشاعته وقسوته خلال القرنين الأخيرين، بما فيه حجم التدمير الذي مس الأمة في فلسطين جراء الاحتلال الإسرائيلي.
وقد شكلت قيادة حماس والجهاد الحاليتين مدخلا رئيسيا لملالي إيران في النفاذ للأمة العربية والإسلامية والترويج لإيران والشيعة ومد التشيع، باعتبار إيران ومحورها رافعة كبرى بل هي الأولى في نصرة القدس ومشروع تحرير الأقصى وفلسطين !
كما توسعت زاوية الانحراف عند تلك القيادات في إصرارها على العودة إلى حضن أشد الأنظمة والرؤساء كفرا بالله واستباحة لأعراض الحرائر وقتلا للعلماء وذبحا للمجاهدين والثوار، وهو سفاح الشام القابع في دمشق والذي أعاد النظام الدولي له الحياة وضخ في شرايينه مزيدا من الدماء .
ورغم كل مواقف ونداءات ونصح العلماء الغيورين على الأمة والدين كالشيخ محمد الددو والشيخ عصام البشير وحضرتكم وآخرين من الذين نفخر بهم، إلا أن هذا كله لم يثمر في زحزحة وخلخلة قيادة حماس الحالية قيد أنملة عن خطوتها الآثمة والمنكر وهي عودتها لسفاح الشام أو غرقها في محور إيران !
ورغم كل فهمنا واطلاعنا على الواقع الفلسطيني والحصار القائم عليه، إلا أن هذا لا يسوغ الوقوع بالحرام ولا استمراء أكل لحم الخنزير، لاسيما والأمة في مصر واليمن والعراق والشام وتركستان تلاقي من العذابات ما يفوق واقعنا في فلسطين ويتجاوز بحكاياته وروايته اليومية حدود الخيال، عداك عن مئات الألوف المختطفين في سجون العراق واليمن والشام وحتى تونس بسبب إيران .
كما أن سنن الله قضت أن يكون هناك ابتلاء لتتمحص الصفوف وليفرز الخبيث من الطيب حتى يقول الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله، حينها يأتي النصر باذن الله وتتعرى مناهج البشر وأفكارهم المعوجة ويظهر التوحيد متجسدا في منهج وموقف الذين يستحقون النصر من عند الله تعالى مكافأة على صبرهم وثباتهم أمام التعذيب والتشريد والحصار والخذلان .
ولقد اطلعت على زيارة الأخ أبو العبد إسماعيل هنية لكم في الهيئة العالمية لنصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأسأل الله له ولكم الأجر والثواب .
لكن ما أدهشني في اللقاء هو حجم إطرائكم وثنائكم وإعلائكم من شأن تلك القيادات الغارقة حاليا في إثم العلاقة بمحور إيران وذيلهم في دمشق ولبنان، رغم إصرارهم على المنكر وتجاوزهم لنصح ورثة الأنبياء !
ولا أشك في صدق نواياكم وروعة وتدفق مشاعركم نحو فلسطين والأقصى وشعبها الصامد الأبي، لكن الفصائل الفلسطينية وسائل في مسيرة التحرير قد تصيب وقد تخطئ وقد تنحرف تماما، الأمر الذي يحيجها للتقويم وليس لكيل المديح .
إن موقفكم النبيل من الجهاد في فلسطين لا يفهم من ترويجكم لقيادة حركة حماس الحالية، والتي تستخدم العلماء لمسح أذى كبائرها السياسية وللتغطية على انحرافاتها القائمة في فلسطين!
إن شعبنا الفلسطيني يحتاجكم لتنقية البوصلة الإسلامية في مسيرة التحرير، لا التغطية على انحرافات وعوج القيادات الإسلامية من خلال غثائية عاطفية لا تجوز في حق العلماء والعاملين .
ولقد كتبت مقالات عدة حين فقدت قيادة حركة حماس أخلاقها وباتت تتبجح في حلفها مع ملالي إيران وبشار وطالبت العلماء بأقل الواجب بعد نصح القيادة الحمساوية، وهو سحب التمثيل الإسلامي في المسار الفلسطيني من يد حماس التي بدلت قبلتها السياسية وتعاظمت زاوية الانحراف السياسي فيها حتى تم اختطافها والسيطرة عليها وإدارتها من قبل ملالي إيران في الخطوط العريضة لحراكها السياسي والعسكري، مع إبقاء هامش محدود لها لا يغير في المسار، الأمر الذي تبرزه مواقفها وخذلانها تجاه نصرة الأقصى كلما تعاظم الخطر اليهودي في ابتلاعه، خلافا لسابق عهدها حين كانت علاقتها بإيران ضعيفة وحين كانت لا تملك ترسانة الصواريخ الحالية!
أعتقد وكلي ثقة بكم ورجاء أنكم تملكون من سوية التدين وشجاعة الموقف لإعادة النظر تجاه موقفكم الحالي الذي ستستغله قيادة الحركة الحالية -فريق ايران- للترويج لنفسها مع الإبقاء على منكراتها الحالية، كما ستستفيد منه في تكميم أفواه الناصحين المصلحين في غزة وعموم فلسطين الداخل والخارج، لاسيما أن شيخ مشايخ نصرة النبي صلى الله عليه وسلم يقف إلى جانب هنية مادحا ومعليا من شأنه ومروجا له، علما بأن هناك قيادات لا تزال سوية في حركة حماس ولم تعد تجد موقعا لها ويضيق الحال عليها في سياق هذا الترويج قبل الانتخابات القادمة في الحركة .
ولتعلم يا شيخنا الحبيب أن الانتخابات القادمة 2024 في حركة حماس إن تمخضت عن تثبيت القيادات الحالية المعروفة بحلفها الضال وعلاقتها الفولاذية مع ملالي إيران وبشار ونصر اللات فإن مستقبل المسار الإسلامي الذي تتربع على عرشه حماس سيمضي في طريق الغي والضلال، وبدل أن تكتفي إيران باختطاف قيادة حركة حماس فسوف تختطف فلسطين والقضية .
إن المسلم الموحد والنقي لا ينتظر ولا يقبل منكم الترويج لقيادات حركة فتح الحاليين -رغم وجود قيادات صادقة ومسلمة ومضحية ورافضة للتنسيق بينهم- نتيجة خلل المسار الوطني الذي تتربع على عرشه قيادة فتح، وهو نفس الموقف غير المقبول من ترويجكم لقيادة حركة حماس الحالية نتيجة خلل المسار الإسلامي الفلسطيني الذي تتربع على عرشه قيادة حركة حماس !
وأخيرا أقول موجها ندائي لكم وأنا واثق بعلمكم وسويتكم وطهركم، أعيدوا مراجعة موقفكم وخذوا دوركم في تقويم قيادة حركة إسلامية قد انحرفت عن المسار ولم يعد يوجهها الياسين ولم يعد يضبط مسارها الرنتيسي رحمهم الله أجمعين، فإن لم تكن قادرا على سحب التمثيل الإسلامي منها فليس أقل من التوقف وعدم الترويج لقيادة قد ضلت الطريق ومصيرها وفق سنن الله الاستبدال.
