الجمعة سبتمبر 20, 2024
بحوث ودراسات

إضاءات شرعية منهجية وسياسية

مضر أبو الهيجاء يكتب: لا تأخذوا دينكم عن قيادة حماس الحالية!

أبدأ بطرح سؤال هام هو:

لو لم تكن فلسطين موجودة على الخارطة فماذا كان سيكون توصيفنا لملالي إيران؟ وكيف ولماذا أمست أرض المعراج سببا في تلبيس دين الله وطمس الحقيقة؟

جاوزت الحد الأبواق التي تروم الدفاع عن موقف قيادة حماس في حلفها مع العدو الإيراني، وهي لا تهدف للبحث عن الحق والهدى بالمنطق القرآني والشرعي، لذلك فكلام العلماء عندها مهمل ومردود -وقد ردته- إلا إذا وافق تصويب قرار الحركة على أي حال!

الأخ وضاح خنفر ابن مدينتنا الثائرة جنين، يمارس نوعا من التدليس في الحقائق ويعبث في فهم وأحكام الدين، كما ويمارس تسطيحا للوعي السياسي الجمعي في الأمة، ثم ينتهي الى وصف فهم عموم شعوب الأمة بالغباء، كما يصفنا بالطائفيين بعد أن يعرض دورنا بشكل غير صحيح بالمطلق، فليس ما رواه وضاح بتحريف ودهاء هو ما طرحناه في مقالات ودراسات منشورة!

وباعتبار الأخ وضاح وجه الصحارة في الأبواق المدافعة عن حلف إيران فوجب الرد عليه لمنع شيوع طرحه الذي يعبث بوعي الأمة ويخلط الطين بالعجين وينشأ لنا دين، وذلك فقط بهدف تصويب قرار حماس السياسي بالتحالف مع إيران، بعد أن كان البعض منهم يكفر إخوانه في حركة الجهاد في التسعينات لموقفها تجاه إيران، فيما حماس اليوم سبقت حركة الجهاد عمليا وزادت عليها بالتنظير والتقعيد لمذهب ودين في السياسة جديد!

وبقدر ما ضربت غزة والقدس وجنين وطولكرم ونابلس وعموم الضفة مثالا يحتذى به في الصبر والقبض على الجمر، بقدر ما تصر قيادة حماس الحالية وأبواقها على تجاوز موقفها الآثم في التحالف مع العدو الإيراني إلى إكراه الأمة على قبول ومباركة خطوتها السياسية، وذلك رغم أن نزيف الدم وأنهاره الحالية في غزة والضفة جاءت نتيجة لكبيرتها وخيبتها السياسية!

لذلك فإنني جاد بالقول لا تأخذوا دينكم عن قيادة حماس الحالية فهي تعبث بالدين نتيجة رؤية لمصلحة الحركة والتنظيم، ورحم الله الياسين الذي كان يسمي إيران وملاليها بالملاعين الكفرة والمجرمين.

وحتى لا يختل ميزان المنصفين وجب الفرز والتمييز بين أربع:

أولا: القوى الجهادية القسامية كما هي سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى فجميعهم أبناء رحم واحدة نضعهم على رؤوسنا وبهم نفخر، وبئسا لمن فرق بينهم وجعلهم فريقين ملائكة وشياطين فجميعهم عند الله مجاهدين متساوين لا تفرق بينهم ألوان الرايات العمية، وللشهادة أقول إن ثوار مصر واليمن والعراق والشام والمغرب والشيشان وغيرهم لو كانوا مكاننا في فلسطين، فإن لم يكونوا خيرا منا فلن يكونوا بأقل منا، ولكن الله اختارنا في الأرض المباركة، وهو فضل الله يؤتيه من يشاء، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول معظم شهداء أمتي يموتون على الفراش.

ثانيا: أعضاء الحركة ومنجزاتها وفروعها ومفرزاتها.. الخ، وهذا يرجع فيه لتوصيف الحال نفسه، ففيه الغث وفيه النافع والمنير، ولا نظن بعموم المسلمين إلا خيرا.

ثالثا: قيادة الحركة وقد قسمتها إلى ثلاث قيادات مفروزة بحسب الحقب التاريخية والمنعرجات المفصلية، وهذا مفصل في أحد مقالاتي المنشورة في قناتي للتلجرام.

رابعا: منهج الحركة، والذي يحمل خيرا كثيرا وخورا فظيعا في الآن نفسه، حيث يجمع بين الشيء ونقيضه، وهو في هذا الاطار العام لا يخرج عن الاشكالات المنهجية في عموم حركات الإخوان المسلمين الحالية، وأما في الاطار الخاص فإنه قد جاوز الحد في الخلل متسلحا ببريق السيوف وزكاوة الدماء ليكمم أفواه المصلحين والعلماء فإن تحدثوا فعلى استحياء مذموم في قضايا الأمة والدين، خلافا لصوت المروجين للحلف الإيراني والتي صدعت الآذان وزادت عن عدد أوقات الأذان يوميا!

الرد الوجيه على مغالطات خنفر العجيب:

1/يدعي خنفر بأن صورة الفعل الإيراني القبيح قد تكون دعاية إسرائيلية بهدف إحداث الفرقة!

إن كلام خنفر تلبيس عجيب وانكار لواقع ومآسي تعيشها شعوب الأمة بشكل لا يقل عما يعيشه شعبنا الفلسطيني بل يزيد!

إن حقيقة السعي الاسرائيلي لتفريق الصفوف مسألة معروفة وهي ليست خاصة بها بل تمارسه أمريكا والاستعمار من قبل وحتى الآن وفي كل الساحات.

لكن إيعاز الصورة المشوهة عن إيران لإسرائيل فيه إنكار لواقع الأمة في كل محيط فلسطين كما في العراق واليمن وعموم الشام، والحق الذي يجب أن يقال -بعد الاعتراف بقبح صنيع إيران خلال أربعة عقود- إن إسرائيل وإيران قد تعاونتا على اسقاط بغداد في عام 2003 تحت المظلة الأمريكية، كما تعاونتا على إخماد الثورة السورية تحت المظلة الروسية و الأمريكية، حيث كان الروسي هو وسيط  الطرف الإيراني لدى إسرائيل لتنسيق التموضع قرب الجولان لحين انكسار الثورة السورية، وبعد التراجع وانحسار ثوار الشام في الشمال أبلغ الروس الإيرانيين بطلب إسرائيل لسحب القوات من قرب حدودها، ليعود دور حمايتها للأصيل (النظام النصيري وعائلة الأسد) بدل الدخيل (إيران المقاومة ومحور الممانعة).

2/ يرى وضاح أن خطوة الحلف مع إيران لا تذهب لإنكار الفروق المذهبية والعقدية، وهو في هذا قد أصاب، وإن كان توصيفه للمشكلة التاريخية غير مصيب، حيث أن الصراع بين المسلمين والطائفة الشيعية أو النصيرية أو الإسماعيلية وغيرها من الطوائف، ليس صراعا تاريخيا بالمعنى المنطوق، بل هو صراع بين حق نزل به جبريل عليه السلام على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالفته بعض الفرق وشذت بذلك عن الدين.

يمارس خنفر في تلك النقطة تلبيسا وخلطا عجيبا ليقفز في طرحه الغثائي عن الحق المنشود والحقائق المعتبرة، حيث يعرض مسألة الفوارق المذهبية على أنها هي سبب الخلاف والموقف بيننا وبين إيران، وهذا خلط وتلبيس لا يجوز لمن مكنه الله من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن سبب الخلاف الحقيقي بيننا وبين ملالي إيران وأذرعها ليس مخالفة الدين ولا أقوال المذهب، بل الاعتداء والعدوان والاحتلال والتهجير والسرقة التي قامت بها دولة الملالي ولا تزال عليها قائمة وغير متراجعة، بل إن إعدام رجالات العراق ومن هم عزوتنا عبر كل التاريخ المعاصر -واسأل أهل جنين- لا يزالون يعدمون كل صباح وكل مساء.

وبكلمة أقول: لو كان ملالي إيران مسلمون سلفيون على مذهب ابن تيمية، ثم احتلوا ديار العرب وقتلوا المسلمين وأحرقوا مساجدهم ونهبوا ثرواتهم فإنهم معتدون وقتالهم واجب بنص القرآن (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)، إذن فأصل المشكلة القائمة بيننا اليوم وبين ملالي إيران ليست خلافا حول مذهب أو دين، ومن يدعي ذلك إنما يطعن في دمائنا ويستخف بأعراضنا ويستعلي على ذممنا، وهو إن قصد هذا فنحن منه براء.

 

3/يدعي خنفر أننا إذ نهاجم إيران فإننا نكون طائفيين وهذا ليس وقته باعتبارنا نحن جميعا في معركة واحدة -على حد قوله-!

إن طرح وضاح طرح ظالم وجاهل، حيث ظلمنا بوصف طائفيين، فنحن أمة مسلمة وملالي إيران هم الطائفيون، وليس المقام مناسبا لذكر ما يتسع لمجلدات ألفية ترصد أقوال ملالي إيران وقيادات أذرعها المحلية والتي تجسد وصف الطائفية، وليس آخرها تصريحات الخامنئي عن وجوب قتال الجبهة اليزيدية الى يوم الدين.

كما يكفي للدليل على أننا أمة مسلمة وانسانية تتبنى قيم سماوية، أن أرض الشام والعراق ومصر احتضنت طوال تاريخها اليهود والنصارى والشيعة والدروز واليزيدية من عبدة الشياطين وغيرهم كثير من الفرق والأديان التي وجدت حاضنة اسلامية تحيطها بالرعاية والأمان وتأخذ حق مستضعفيها من أقوياء المسلمين دون إكراه في الدين ولا إجحاف وظلم مبني على مخالفة مذهب او دين أو حتى تبن لكفر صريح.

إن إشكاليتنا مع دولة إيران التي يحكمها الملالي هي عين إشكاليتنا مع دولة الكيان الصهيوني التي يحكمها اليهود الغاصبون، فكلاهما محتل سارق وقاتل زنيم، أما قبل تاريخ احتلال فلسطين من قبل الصهاينة واحتلال العراق واليمن والشام من قبل الملالي الإيرانيين فلم يكن هناك مشكلة بين العرب والمسلمين من جهة وبين اليهود والشيعة من جهة أخرى، وتاريخ العلاقات وشكلها الراقي في مجتمعاتنا العربية على ذلك يشهد، فكيف يطعن خنفر بمن اتخذ موقفا لأن أرضه سلبت ويصفه بالطائفي؟

يشير خنفر الى معركتنا بكلمة نحن قاصدا الجمع بين المسلمين والشيعة! وهو كلام ووصف قد يكون مقبولا في إطار التوصيف بيننا وبين مسيحيي ونصارى بلادنا حيث تجمعنا عدة عناصر أهمها الوطن والثقافة الواحدة والمصير المشترك، كما يمكن أن يكون مقبولا بحق الشيعة لو لم يكن لهم مشروع معاد يرعاه ملالي إيران وتحرسه أذرعها المتسلطة على رؤوس العباد في دول المنطقة!

إن طرح ووصف وضاح خنفر لنا ولإيران بكلمة نحن، يشعرك بعدم الانتماء للمنطقة العربية ولا الانحياز لشعوبها المكلومة من إيران!

كما إن وصف خنفر للصراع القائم بيننا وبين إسرائيل، وبين إيران وإسرائيل بكلمة معركتنا واحدة فيه جهل خطير مورث للهلاك، وهو ما يشير الى النازلة الغزية والمذبحة الفلسطينية التي دفعت ثمنا فظيعا نتيجة القناعة والتصور الفاسد الذي استقر في أذهان معظم قيادات حركة حماس الحالية فبنت قرار معركة الطوفان على أننا وإيران في معركة واحدة! دون التفريق الواعي إلى أن معركتنا نحن العرب والمسلمون مع إسرائيل هي معركة وجود، بينما المعركة بين إيران وإسرائيل وحتى الشيعة واليهود هي معركة تقاسم ونفوذ، ونتيجة لهذا العقل المنهجي الخاطئ فنيت غزة وأصبحت الأندلس الصغرى والثانية، وربنا يتولى القدس والضفة.

أعود لأحذر -كما حذرت في مقالات سابقة- إن تساهل أبواق حماس وعموم الإخوان -مع استثناء موقف الإخوان السورين- في وصف أصحاب المواقف تجاه إيران بالطائفيين، كما أن ترويج قناة الجزيرة والمنابر القطرية الكثيرة لهذه الصورة، يشير الى مخاطر جادة بتهييج الشارع الاسلامي على كل الرموز المناوئة لإيران ليذبحوا بأيدي أهل السنة كما ذبح عثمان بن عفان فاتقوا الله.

4/ يعتبر خنفر أن الطعن بإيران واتهامها هو تقليل من قوتنا وانتصار لصالح خصمنا الإسرائيلي!

إن التصور السياسي الذي تتبناه قيادة حماس الحالية والذي يشير إلى ضرورة رعاية وتجميل وتزكية الحلف بإيران من أجل مواجهة العدو الاسرائيلي بشكل مشترك من خلال محور المقاومة، دون اعتبار أنها خصم حقيقي وعدو للأمة وتحتل بلاد عربية عديدة توازي مائة فلسطين بالمساحة الجغرافية، هو تصور منهجي فاسد يفضي إلى إنهاء مفهوم الوحدة السياسية للأمة، وذلك من خلال اسقاط اعتبار مصالح الأمة الراجحة والمفاسد الواقعة عليها، والانطلاق من نظر قطري جهوي قاصر لا يرعى واقع الأمة وشعوبها، لاسيما شعوب دول الطوق اللصيقة بفلسطين، غافلين عن أن فلسطين لم تكن في يوم من الأيام دولة، بل هي أرض مباركة وجزء من بلاد الشام وكيانها السياسي، فهل يجوز أن تضرب بعرض الحائط اعتبار المصالح والمفاسد الواقعة على السوريين والعراقيين واليمنيين ثم المخاطر المحيطة بالخليج والمهالك التي تنتظرها مصر!

كما أن الاصرار على رفع أسهم ملالي إيران وتزكية محورها الاجرامي فيه سقوط أخلاقي لا يليق بالثائرين، لاسيما أن من تقتلهم إيران وأذرعها هم أصل الفلسطينيين، وهل الفلسطينيون إلا من مجموع هجرات تلك الشعوب نحو أقصى المسلمين؟

5/إن العمل الذي يستهدف إيران نقدا وطعنا لا يهدف لما فهمه وضاح خنفر وذلك من أجل اثبات أنه لا يخرج من إيران خيرا -على حد قوله-!

إن الحلف والارتباط مع إيران ومحورها فيهما إثم كبير ومنافع لقيادة حماس، وإثمهما على الأمة والدين وفلسطين أكبر من نفعهما على حركة حماس!

كما أن مشروعية ووجوب نقد وطعن وتعرية دولة ملالي إيران وأذرعها نابع من وعي امتلاكها لمشروع يستهدف مسخ الدين وتحويل الناس من دين الإسلام إلى دين الشيعة -وهما متباينان ومختلفان وإن تقاطعا في المفردات-، كما أنه مشروع يستهدف احتلال بلاد المسلمين وسرقة ثرواتهم وتفتيت دولهم وافقار وتجهيل شعوبهم، ويكفيك لذلك أن تنظر لصرح الحضارة العربي والإسلامي في العراق الذي توقف عن تخريج العلماء وحول الملالي جزءا من شعب العراق الى كائنات تسبح في الطين وتتقرب بنزف دمائها للحسين!

وبكلمة يمكن القول أن انتقاد وتعرية وفضح مشروع ملالي إيران هو من واجبات الوقت، والتي تستهدف وقاية الأمة من أمراض وتحديات خطيرة تمس دينها وهويتها الثقافية وأمنها وبلادها، وذلك من خلال رفع مستوى الوعي الجمعي عند العرب والمسلمين، وإن المنهج الذي تتبعه قيادة حماس الحالية في اعتبار مصالحها الحزبية أو القطرية على حساب مصالح الأمة هو منهج فاسد وآثامه خطيرة، حيث تفكك وتنهي مفهوم وحدة الأمة السياسية، وبالجملة فهو امتداد لخلل منهجي لدى حركة الإخوان المسلمين الذين تبنوا منهج العمل وفق السياسة القطرية ببراعة، فكانوا بذلك انعكاسا لتصور الأنظمة العربية والدول الوطنية التي صنعها سايكس وبيكو!

6/ يتحدث خنفر عن الخلافات بيننا وبين إيران وملاليها، ويصف الأمر ببساطة فيقول أننا متفقون في شيء ومختلفون في شيء، وقد بنى حديثه على ما شاع على ألسنة قيادات حماس الحالية من أننا نتفق مع إيران في فلسطين ونختلف معها في سورية والعراق!

ودون الدخول في التقييم السياسي للمقولات الشائعة على ألسنة قيادات حماس، لابد من الاشارة للدلالة المنهجية والشرعية لفك الالتباس الذي عززته مقولات حماس الخاطئة، وتقرير أن الخلاف مع إيران هو اختلاف تضاد وليس اختلاف تنوع.

ومما يشير إلى خلل كرسته قيادات حماس الحالية هو واقع غزة الدعوي!

ففي الوقت الذي يبرز فيه صمود وصبر وفداء فلسطين وأهلها للدين والأقصى، فإن البقعة الوحيدة التي لا تستطيع أن تقف على منابر مساجدها لتفضح وتعري وتكشف مشروع ملالي إيران هي غزة! وهو ما جعل الفلسطينيين لاسيما الابطال والثوار هم أجهل أهل الأرض بمشروع إيران، وذلك رغم أن كل قتله وحرقه بجوار فلسطين!

إن التوصيف الدقيق لطبيعة الخلاف مع ملالي إيران لا يقصد منه تسعير الاقتتال، بل المقصود منه هو وقاية المسلمين من شر مستطير خشية أن تقع فيه، وهو واجب عيني يقع على عاتق العلماء والمصلحين والسياسيين المنحازين والأمناء.

7/ يتحدث الأخ وضاح خنفر عن وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المقام ترفع له القبعة، فبعد حديث طويل ذكر نبينا الأمين مشيرا لوجوب تعظيمه واتباعه.

لكن خنفر الذي طرح مقدمات سليمة قفز من خلالها لنتائج وخيمة! وذلك حين أشار لاقتداء حماس في حلفها بملالي إيران بحلف النبي مع قبيلة خزاعة! وفي هذا خلط وتلبيس حرام، حيث يشير لحلف نبينا مع كفار ومشركين هم قبيلة خزاعة، متجاهلا بإصرار عجيب للفرق بين الكفر والاعتداء وبين المحتل والحليف، فقبيلة خزاعة كانت سلما مع المسلمين، أما إيران فهي محتل ومعتد زنيم! -كتبت في ذلك مقالا سابقا ردا على تلبيس مختار الشنقيطي وتسويغه لحلف الأعداء-

8/ يتحدث وضاح خنفر مشيرا الى ضرورة وشرعية حلف حركة حماس بإيران بالقول إن حاجتنا في فلسطين كبيرة لتحالفات أكثر.

والحق أننا فعلا في فلسطين بحاجة إلى تحالفات أصوب وليست أكثر، فالصورة الأولى تضبطها القيم والأخلاق والدين ومصالح عموم الأمة، والثانية لا تمتلك إلا مسطرة المصالح الفئوية والحزبية والقطرية الضيقة، ولابد أن تفضي لتنازلات جوهرية لاتصح، كما أن الأكثرية لا تحالف في السياسة دون أن تنتفع لصالح مشروعها مستخدمة الطرف المحتاج والأضعف، وهو ما فعلته بنا إيران من خلال امتطاء ظهورنا ومد نفوذها على حساب دماء شعوب الأمة وأرضها ودولها وأمنها وثرواتها.

إن فلسطين لم ولن تتحرر من داخلها كما في كل التاريخ، ولكن خارجها هو من يحررها، الأمر الذي يجعل دورنا كفلسطينيين محصور باثنتين (مشاغلة ومقارعة العدو حتى لا يهنأ ولا يتوسع، وتحريض المؤمنين على القتال).

فهل بذلت حركة المقاومة الاسلامية حماس جهدها المطلوب لمد وبناء أذرعها في الدول العربية والإسلامية لاسيما اللصيقة، أم تحالفت مع الأذرع التي بنتها إيران عن دين وهدف وعقيدة؟

إن الفجوة والعجز الذي يظهر اليوم بين الشعوب العربية وتجاه المعارك الجارية على أرض فلسطين لا يشير لدور الأنظمة المتواطئة فحسب، بل يشير الى غياب استراتيجية حقيقية لتأهيل شعوب الأمة وحركات المنطقة العربية لمشروع التحرير، وهو نتيجة طبيعية لرفض حركات الإخوان المسلمين الخروج من تصور الأعمال القطرية، والانضباط الشديد بالسقف المسموح من قبل الأنظمة الطاغوتية، وأقصى المسموح هو عواطف للتنفيس، ورفع للأعلام الخضراء والبكاء في الدعاء!

وبكلمة أقول إن الفرق بين منهج التحالفات الأصوب ومنهج التحالفات الأكثر، أن الفريق الأول يموت ويحيا معك ولأجل نفس أهدافك، وأما الفريق الثاني فإنه يقتلك ويستنزف دماءك ولا يعتبر مطلقا أهدافك وذلك ليحيا هو ويعلو ويحوز نفوذا أكبر وأسهما أكثر، وهو ما تحقق لملالي إيران والمشروع الشيعي الطائفي من علو يزداد مع كل ارتفاع في أعداد الشهداء ومع كل مساحة تدمير في غزة أكبر!

9/ يشير خنفر لمقولة الشافعي جوابا على سؤال تلاميذه، كيف نعرف الصالحين منا، فأجاب بالقول سهام العدو تدلكم عليهم!

وبغض النظر عن المقولة والسياق المعتبر الذي قيلت فيه، إلا أن السؤال المطروح هو، أليست سهام المشروع الإيراني كما المشروع الصهيوني الغربي موجهة للعرب والمسلمين وتحديدا لأهل السنة؟

فكيف تعامت قيادة حماس عن حجم السهام الإيرانية التي مزقت قلوب الملايين في العراق واليمن والشام، أليسوا هم الصالحون؟ ولماذا لم تأخذها بعين الاعتبار من الناحية السياسية العملية؟

وهل سبب تعاميها هو شهوة حزبية أم طمع في سلطان أم استعلاء على دماء المسلمين ونرجسية؟

وبغض النظر عن الجواب -لأن أحدا لن يجيب- فإن حجم المطروح بشكل غثائي على لسان وضاح خنفر هو ليس بحثا عن الحق والهدى وما ينفع الناس، بل هو بهدف تصويب الخيارات السياسية لقيادة حركة حماس الحالية!

مقارنة موضوعية بين تبرؤ حماس من بن لادن وحلفها مع ملالي إيران.

قبل ربع قرن شكل بن لادن والظواهري حملة وجبهة عالمية لمواجهة الصهاينة والصليبية مشيرا لأسمى أهدافها ومهددا المعتدين بأن أحدا منهم لن يحيا بأمان إذا لم يصبح واقعا في فلسطين الاسلامية.

أقول موجها السؤال لوضاح خنفر وقيادة حماس وعموم الإخوان المسلمين وللمروجين لحلف حماس بإيران -وموقفي مشروح في دراسات ومقالات منشورة حول القاعدة وأخواتها- ما الذي منعكم من التحالف مع بن لادن والقاعدة؟ هل هو نتاج رؤية شرعية سياسية مؤصلة بأحكام فقهية؟ أم هي حسابات سياسية لا مبدئية؟

فإذا كان رفض قيادة حماس والإخوان المسلمين الحلف مع بن لادن والظواهري والقاعدة انطلاقا من رؤية شرعية تشير لمخالفة فقهية ومفاسد سياسية، فكيف غاب عنكم اعتبار الكفريات العقدية عند الملالي الإيرانيين وحجم المفاسد السياسية التي يشير لها تاريخ دولة الخميني منذ حلوله في طهران وحتى الأمس كما هو واقع في اليمن والعراق والشام؟ وهل تدمير العراق وتفكيكه وتجهيله وافقار اليمن واحتلال ارض الشام وحرق أهلها أهون من احتلال فلسطين؟

أقول موجها الكلام لابن مدينتي جنين الأخ وضاح خنفر: اتق الله ولا تخلط الطين بالعجين لتصنع لنا دين! وإذا كنت تتحدث منسجما من قطر فاعلم أن أهلي وأهلك يدفنون بقسوة في غزة وجنين نتيجة معادلة فلسطينية مختلة سلمت فيها قيادة حماس -الحالية والأخيرة- مفاتيح القدس لملالي إيران لأجل أن تحكم وتستمر في حكم غزة مقتدية بقيادة فتح التي سلمت مفاتيح القدس للاسرائيليين لأجل أن تحكم الضفة! وإذا كان عزام الأحمد معروفا بسفهه ورعونته المعهودة دفاعا عن سياسة السلطة في رام الله، فلا يليق بك -وأنت إسلامي المنشأ والمنبت- أن تكون نسخة عزام خنفر في التبرير والدفاع عن أي سياسة فيها زيغ يتبناها حكام غزة!

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب