الأربعاء أكتوبر 9, 2024
مقالات

سؤال مباشر وجواب شفاف

مضر أبو الهيجاء يكتب: ما رأيك بالضربة الايرانية لإسرائيل؟

مشاركة:

يسألني خليلي قائلا: ما رأيك بالضربة الايرانية لإسرائيل؟

أجيب فأقول:

إن الضربة الايرانية التي انطلقت من طهران مباشرة هي مكافأة أمريكية لإيران على دورها الفاعل في تفتيت دول المنطقة لصالح الرؤية الأمريكية والمشتركة بينهما، ومكافأة لدورها المنضبط تجاه معركة طوفان الأقصى وزجها لحماس بعد تسمينها، ثم تخليها عن حماس والجهاد وغزة وفلسطين في واقع الفعل والحال وليس في حدود الشعارات والمؤتمرات والمقال.

إن الضربة الايرانية لإسرائيل هي قرصة أذن تأتي في سياق معالجة الادارة الأمريكية لملفات المنطقة وتجاه اسرائيل.

والأخطر أن الضربة الايرانية برعاية أمريكية تعني -حتما- مستقبلا متقدما لدور ايران في ادارة ملفات المنطقة، وذلك بالتوافق مع الأمريكان الذين يحتاجون طرفا قويا كإيران، وليس ضعيفا هزيلا كإسرائيل التي شاخت وتخلخلت بنيتها المجتمعية وتفتت صلابتها السياسية فضعف فيها الفعل ونقصت الفاعلية.

وبكلمة يمكن القول إن إيران قد نجحت في تسويق نفسها كمعول هدم في المنطقة تستطيع أمريكا الاعتماد عليه، وهي التي تعجز عن إدارة ملفات المنطقة وإخضاع شعوبها وتمزيق دولها دون طرف قوي شرس هو ابن جغرافيا المنطقة، الأمر الذي تحقق في إيران دون غيرها، مع بقاء إسرائيل المنسجمة ثقافيا والحفاظ عليها فأدوارها خاصة ومميزة.

أما الموجع والمؤلم أن معركة طوفان الأقصى وشكل التفاعل والتعامل الإيراني معها قد رفع أسهم إيران العاقلة والقادرة على استخدام جميع الأطراف وعلى إحداث مد أو جزر منضبط بما يحقق المصلحة والنفوذ المشترك بينها وبين المشروع الأمريكي سيد المنطقة.

أما إشكالية شعوبنا ونخبنا العربية والاسلامية، فهي أنه مع كل صاروخ ينطلق باتجاه إسرائيل فإنه يأخذ كما وعددا من عقول أبنائنا واخواننا ونخبنا ثم لا يعود الصاروخ ولا العقول المحترقة.

إن من هشاشة العقل العربي والاسلامي أن بعض نخبه فاقدة السوية تناقش اليوم -ودون بينة ونقلا عن المستشرقين والباطنيين-، مواقف الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان، مشككة فيه ومتهمة إياه، وهو الذي حفظ الدين ورعى الأمة ونشر الاسلام، ثم لا تقبل عقولها التشكيك في إيران التي شهدت إجرامها وهي لا تزال تقتل ملايينا من المسلمين في العراق واليمن والشام اليوم وحتى الآن!

فهل أدركت يا صاحبي وخليلي الفرق بين من يعبد فلسطين ويغيب دينه وفهمه ويطيش عقله مع رائحة بارود الصواريخ، ومن يعبد رب فلسطين ولا يأخذ دينه إلا من كتاب الله الكريم وسنة نبيه الأمين ويسير على نهج النبيين مستمسكا بالعروة الوثقى ومتبعا ملة ابراهيم.

إن معاركنا مشروعة وعناوينها صحيحة، ولكن مضمونها وشكل التعامل معها لن يحقق نصرا -ولو قام ألف طوفان وسقط مليون شهيد- حتى تحقق معنى معراج النبي صلى الله عليه وسلم للسماء، وقد أساء لمقام الله كل من ظن بأن الله لن يحرر بيته الأقصى إلا بالاستعانة بمن يقتل عباده الموحدين ويدفنهم أحياء في العراق والشام لأنهم قالوا ربنا الله.

إيران يا صديقي -حتى وإن تعرضت لضربة جزئية كإسرائيل- ستكون معول الهدم القادم والكبير بالتعاون مع أمريكا الواعية والعملية والمدركة لضرورة تعاونها مع أكبر مطرقة في المنطقة لتدك بها رأس كل من يفكر باسترداد دور الأمة من بين حركاتنا وعلمائنا، ولتمنع أي مشروع نهضة، لاسيما وقد ضعفت إسرائيل وشاخت الأنظمة العربية المتواطئة والمستخذية.

فهل أدركت يا صاحبي وخليلي كم نحن كفلسطينيين في موقف عظيم، فإما أن نحمل ونوصل أمانة الدين للعالمين، وإما أن نكون -والعياذ بالله- خونة مارقين نلبس الحق على الأجيال الحالية والقادمة، ونلبس الثعبان ثوب الناصر والراعي الأمين، ونعتدي على الله قائلين وجدنا غيرك يا الله، فقد تخلى عنا العرب وأنت قد ألجأتنا للحلف مع قتلة عبادك وهادمي بيوتك ومغتصبي إمائك لنحرر بيتك ومعراج نبيك، فماذا تريدنا أن نفعل أمام حبنا وخضوعنا وعبادتنا لفلسطين.

اللهم اهدنا وتب علينا واجعلنا سببا لهداية قومنا لصراطك المستقيم.

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 15/4/2024

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *