مضر أبو الهيجاء يكتب: معركة طوفان الأقصى منعرج كبير ومستقبل فارق وجديد!
🖌 لم يعد يخفى على أحد أن ما بعد معركة طوفان الأقصى ليس كما قبلها! بل هو منعرج فارق وجديد، ليس نتيجة لضخامة المعركة فحسب! بل نتيجة لالتقاء المعركة النوعية مع الإرادة الدولية بالتغيير السياسي والجيوسياسي في منطقتنا الشرق أوسطية العربية والتركية.. ولكن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد!
🖌 إن المعارك السياسية أشد ضراوة من المعارك العسكرية، فهي التي ترسم الواقع النهائي مستفيدة من الوقائع والتوازنات القتالية، وعينها دوما على الثروات الاقتصادية، بينما عقلها دائم التفكير في تفتيت الهوية.
🖌 وكما أن عناوين الشجاعة والصمود والثبات هي من عناوين النصر في الميدان القتالي، فإن الثبات والصمود والحكمة والاستقامة والانحياز الثقافي والسياسي للأمة هي من شروط إنجاز الانتصار السياسي باعتباره الهدف النهائي لكل المعارك القتالية .
🖌 تأتي خطورة معركة طوفان الأقصى المشرفة في إحداثها خلخلة كبرى ستشكل منعرجا في واقع المنطقة ودولها، وهي ليست محصورة فقط في حدود فلسطين، بل إن أول انعكاساتها وآثارها ستكون في دول المحيط المتوسط واللصيق!
🖌 ولعل ما يجعل المنعرج خطرا وحساسا هو قدوم أمريكا لمنطقتنا وهي تجر خلفها جحافلها العسكرية وأحجارها الغربية، في ظل غياب مشروع حقيقي شامل ومتكامل للأمة وشعوبها ودولها، كما ويأتي هذا المنعرج والحضور بعد خفوت في ثورات الربيع العربي نتيجة ضربات الغرب وتفريغ إيران للمكون السني لاسيما في محيط فلسطين، ومن ثم زحف الثورات المضادة وأدواتها العلمانية والطائفية وتموضعها المتقدم في هرم السلطة وضبطها للشارع العام!
🖌 نعم لقد حضر إلى المنطقة الأصيل بدل الوكيل.. ومما يزيد الخطر أخطارا كبرى أن أصحاب المشاريع القوية هم من يجيرون الأحداث لصالحهم ليصنعوا وقائع جديدة!
🖌 وهنا يبرز خطر المشروع الإيراني المتماسك والمتكامل، لاسيما في قدراته وفرصه المتعاظمة في التفاهم السياسي والعسكري والأمني مع أمريكا، التي سيقل اعتمادها الكبير -كما كان سابقا- على إسرائيل، لاسيما وهي كيان هجين ومرفوض من كل محيطه في المنطقة، علاوة على أنها باتت عجوزا مصابة بالسرطان وهي تحتاج لدم جديد ومتجدد لتبقى حية، ورغم ذلك فإن جهدها سيظل ضعيفا ومحدودا مقارنة بإيران، التي أثبتت وجسدت فاعليتها في تدمير دول المنطقة وتفتيت شعوبها ومنع نهضتها والحيلولة دون استرداد عافيتها في أي جغرافيا سياسية واعدة، كما حصل في احتلالها لليمن والعراق وسوريا ولبنان المختطف من قبلها!
🖌 إن اعتلاء إيران على عرش المقاومة الفلسطينية باعتبارها الداعم والراعي الوحيد للمقاومة! وفي ظل وجود أخطبوطها السياسي المحتل لأربع عواصم عربية، وفي ظل تقاطعها مع النظام العربي الرسمي والغرب الأمريكي في ضرورة التخلص من الإسلام السياسي وحركاته وقياداته التي تحاول أن تنهض بالأمة … يشكل منظومة وكيانا هو المؤهل أمريكيا ليحل مكان اسرائيل في تحقيق أدوارها دون استبدالها، ويمكن أن تمنحه أمريكا مميزات كبيرة تنفقها بطبيعتها على وكلائها الضعفاء في دول المنطقة، وذلك بغية استكمال الهدف القائم والدائم باجتثاث الإسلام السياسي وحركاته القادرة على التحشيد والتغيير، وقياداته الفاعلة والمؤثرة والقائمة بدور التحريض.
🖌 أما عن إشكالية عناوين الدين، فهذا أمر بسيط يمكن أن يستنسخه المضطر بالنظر لنموذج آل سعود باعتبارهم يجمعون بين الله واللات، وبين تنفيذ سياسات الغرب والترويج لعقيدة التوحيد!
🖌 ومما تجب الإشارة إليه هو حالة القصور والمحدودية التي تلبست بعقول كثير من القيادات العربية والإسلامية حتى باتت لا تتجاوز دور التهليل للمعركة والحديث عن آيات الرحمن في جهاد الأفغان ! وبلا شك هي حالة قصور خطرة يمكن أن تستيقظ على واقع مر ولكنه بطعم جديد ! وهو لا يقل مرارة عما حصل في مصر بين ماضي مرسي وحاضر السيسي، أو ما حصل في أفغانستان بين ماضي الانتصار على السوفييت الشيوعيين ومفاجأة كرزاي ربيب الأمريكان والرأسماليين، أو حتى ما حصل مع السادات في معركة انتصار 6 أكتوبر حين حقق انتصارات لا يزال يتغنى بها كثيرون ! فيما أتلف السادات حقيقة تاريخ مصر ودورها، وأخرجها بالكلية عن دائرة الفعل، ومنح عسكرها ملك وخزائن مصر !
🖌 إن فلسطين كما تحتاج لإنقاذ من اليهود المحتلين، فإن حماس تحتاج لإنقاذ من مشروع ملالي إيران ومحورها اللعين، وهذا دور العلماء المسلمين ورثة النبيين، لاسيما وبعض بني قومي ومعهم المتعاطفين الصادقين جعلوا العلاقة والحلف مع العدو الإيراني دين قويم وسياسة ورشد حكيم ! حتى باتوا يلوون أعناق الآي الحكيم، ويستخدمون بشكل فاسد شرعا وفقها سيرة أطهر الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، نبينا الأمين علينا وعلى الدين! وذلك فقط ليبرروا لمن يتعاطفون معهم أي سلوك سياسي حتى لو كان فاقدا الهداية ومخالفا لأحكام الدين وفيه تجاوز وأذى لعموم المسلمين!
🖌 وكما سحقت إيران العراق ودمرت الشام وقسمت اليمن إلى نصفين، يمكنها مستقبلا أن تقسم فلسطين وأن تسحق غزة وتتلفها كما أتلفت الموصل ودمرتها ببشاعة وبراعة، لم يقدر عليها الأمريكان ولن تقدر عليها اسرائيل العجوز المهترئة، لاسيما وقد كشفت معركة طوفان الأقصى خورها وضعفها وزادتها ضعفا وخورا بفضل دماء المجاهدين.
🖌 إن المحاكمة العقلية والشرعية القائمة والسائدة تجاه مشروع إيران واقعة بين قصور عقلي وخلل شرعي وخطر سياسي!
🖌 إن إيران التي أتحدث عنها ليست مجرد طائفة أو مذهب رافضي! بل هي مشروع سياسي كامل الأركان لهدم الدين وتمزيق الشعوب طائفيا واحتلال دول المنطقة وسرقة ثرواتها وتجهيل أهلها وهو ما حصل بالفعل خلال نصف قرن تقريبا.
🖌 إنه ليس المعقول أن يختزل تاريخ ووقائع واحتلالات إيران وحجم نزيف الدماء الذي أحدثته ولا تزال في المنطقة، بدورها العابث في فلسطين!
🖌 إن إيران ستشكل خطرا نوعيا بعد التفاهم الجديد مع الأمريكان، وأقله إن تبقى وحشا مفترسا في وجه أي مكون اسلامي يستهدف التغيير في عموم المنطقة، كما ستقوم باستيعاب أي دور يطلبه الأمريكان أو يخرجهم من حرج قائم سواء في المسألة الفلسطينية أو غيرها!
🖌 فلا تستغرب إذا سمعت أن الأسرى الفلسطينيين الخطرين وكثير من أبناء القسام باتوا في حضن إيران عند الحوثيين لاجئين.. أوليس الحوثي إماما للمجاهدين وعدوا للأمريكان والصهاينة الغاصبين!
🖌 إن فك العلاقة بين المسألة الفلسطينية وملالي إيران سينقذ فلسطين ويعيد لمسارها السياسي السوية، وهو ضرورة استراتيجية لأمن ومستقبل المنطقة العربية والإسلامية.
🖌 إن أحداث معركة طوفان الأقصى المشرفة -والتي لم تنته بعد- كشفت دور إيران الخبيث في تداعيها وتكاملها السياسي مع أمريكا التي تدير المعركة والمنطقة، ولكنها أيضا كشفت أن لا أحد من العرب يملك مشروعا قادرا على التصدي للمشروع الأمريكي الصهيوني أو الإيراني!
🖌 وإذا كنا اليوم قادرين على اقتلاع المشروع الإسرائيلي خلال قرن، فإننا إن بقينا على هذا الوضع من غياب التفكير وانعدام المراجعة فلن نستطيع أن نقتلع المشروع الإيراني خلال قرنين – لا قدر الله -.
🖌 فمتى سينتبه القوم ويراجعوا ويتراجعوا عن سلوكهم السياسي الذي فارق الصواب؟ ومتى سيدركون أن المنطقة ودولها وقضاياها أمام خطر مشروع سياسي عسكري أمني متكامل الأركان وهو معاد لها؟
اللهم انصر اخواننا المجاهدين في غزة والضفة والقدس، وفي عموم المنطقة.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 28/11/2023