بأبي وأمي أنت يا رسول الله، كم بذلت وجاهدت ودعوت وأفنيت عمرك حتى يصل دين الله والنعمة العظيمة إلينا وليكون رحمة للعالمين.
أبدع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنجازه لوثيقة المدينة التي حققت حالة السلم الإجتماعي في المدينة المنورة،
فهل يمكن أن ينجز علماء الشام وثيقة دمشق لتصبح منورة حيوية يشع نورها في أرجاء الأرض كالمدينة؟
علماء الشام وثوارها والسلم الاجتماعي
نعم يمكن لعلماء الشام وثوارها الواعين الناضجين والأبرار أن يحققوا السلم المجتمعي من خلال تآلف وتماسك نسيجه القائم والذي يبنى على خطاب قويم وتصرف حكيم،
وهو واجب وشرط أساس في مشروع البناء، مقتدين بمعلمنا الأول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والذي كتب بأن يهود المدينة أمة مع المسلمين -ولم يقل من المسلمين-.
إن من يتسع قلبه وصدره ووعيه للمخالفين من اليهود -قتلة الأنبياء- في أرض المدينة، قادر على أن يستوعب بوعي وسوية كل من سواهم في أرض الشام،
على صراط مستقيم يستهدف تمكين دين الله في الأرض، وتحقيق منافع للناس، وهو معنى عمارة الأرض كما أرادها الله سبحانه.
بيوت الله في الشام يذكر فيها اسم الله كثيرا
إن تحول بيوت الله ومساجده العامرة في الشام إلى بيوت يذكر فيها اسم الله كثيرا،
وتناقش فيها قضايا المسلمين وقضايا الشأن العام،
هي علامة فارقة على عودة عملية إلى الصراط، وتفعيل حقيقي لبيوت الله التي يشع منها النور المبين ليصبغ بنوره الحياة في كل اتجاه،
وهو ما يرعب العلمانيين وينهي جريمتهم الكبرى في العالم العربي والإسلامي،
وذلك حين نجحوا في فصل الدين عن السياسة، فشاع المنكر في الأرض، وتحول بعض الدعاة إلى قساوسة مهمشين!
وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإن بيوت الله إذا أخذت موقعها الصحيح وقامت بدورها الواجب
فإنها تنهي عن عوج الطريق وتعالج علل المواقف وتقوم منكرات السياسة،
وتشكل صفا واحدا يحتشد خلفه الجميع ويقوده المستمسكون بالعروة الوثقى، والذين أنبأنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أنهم في الشام،
وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، والخير بفضل الله قد علا نجمه وسيسمو وقعه في أرض الشام المباركة.
نجاح التجربة الإسلامية في أرض الشام
إن نجاح التجربة الإسلامية في أرض الشام المباركة سيشكل نموذجا يضيء لشعوب أوروبا المأزومة،
وإذا كان انسجام فسيفساء المجتمعات في أرض الشام ومصر والعراق يخيف سياسيي الغرب ودهاقنته المدعين للدفاع عن الأقليات،
فإن الأغلبية في المجتمعات الغربية تتوق إلى نموذج المسلمين الفريد والوحيد الذي حقق في التاريخ البشري صهر جميع الأعراق بلا ظلم ولا تهميش ولا ازدراء.
وبكلمة يمكن القول إن مفهوم الأقلية والأغلبية هو انعكاس للتجربة السياسية المأزومة والثقافة الغربية المضطربة وغير القويمة،
وليس انعكاسا للتجربة الإسلامية السياسية والمجتمعية العظيمة،
وليس له رصيد في ثقافة المسلمين المبنية على القرآن والسنة والسيرة،
الأمر الذي يوجب علينا كعرب ومسلمين رفض هذا المفهوم وإبراز الفهم الذي يعكس جوهر رسالة التوحيد
وقيم الإسلام المبثوثة في القرآن والسنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم واجتهادات ومواقف الصحابة الكرام.