مضر أبو الهيجاء يكتب: يا أهل الشام الكرام.. تعالوا الى كلمة سواء
إن تجاوب القيادات السورية الجديدة بوابة العلماء الربانيين، وإن الالتقاء بين مدرستي أهل السنة والجماعة بداية فتح عظيم، سيؤهل الأمة للانتصار في المعارك الفاصلة والقادمة مع الأشرار.
إن تجاوب القيادات الشرعية والسياسية والحركية والتنظيمية الجديدة في سوريا مع النصح والتوجيه وتقبلها للنقد الناصح، يفتح الباب مشرعا أمام العلماء الربانيين والرساليين الشجعان ليقوموا بدورهم الواجب في وراثة النبوة وبيان الحق والهدى وما ينفع الناس، وذلك بين يدي حكامها الجدد والمحررين الأبرار.
ورغم وجود المعوقات الطبيعية في أي تجربة بشرية، ورغم تفاوت وتنوع عقول وأمزجة وسلوك البشر، إلا أن القائمين على الأمر كما يملكون القدرة على الإرسال فإنهم يتحلون بخلق الإستقبال، وهو ما يوجب على العلماء والعقلاء وأصحاب الخبرات تفعيل أجهزة الإرسال ليضيئوا نور الله بأفواههم وألسنتهم وأقلامهم، وليكونوا جزءا من صناعة الواقع الجديد في الشام ويسددوا فيها المسار.
أخطأ وضل الطريق
أخطأ وضل الطريق كل من اعتقد وصرح وقال إن جناحي الأمة هما السنة والشيعة!
وضعف عن الفهم وتاه عن واجب الوقت، وخالف القدوة وابتعد عن السبيل، وخسر رصيدا حقيقيا بين يديه،
كل من لم يعتقد بأن جناحي الأمة هم أهل الحديث السلفيين والأشاعرة، ويا لخسارة من قصر في تحقيق تلك اللحمة لنسيج أمة العدل والوسط.
لاشك بأن تجربة ثوار الشام واعدة، ولاشك بأن أرض الشام مباركة، ولاشك بأن اصلاح الجسد الإسلامي في أرض الشام سيعيد بناء نسيج الأمة -إن نجح بإذن الله-
وسيعالج تصدعاته التي أوجدها الخصوم، وعززتها العقول الفقيرة والنفوس المغرضة والمصالح الأنانية والعليلة.
وكما ندعو -انطلاقا من فهمنا للدين والسيرة- لالتقاء مدرستي أهل السنة والجماعة (أهل الحديث والأشاعرة)،
فإننا ندعو -انطلاقا من فهمنا لواقعنا وتحدياته المعاصرة- إلى ضرورة اللقاء والعمل المشترك بين الحركات السلفية وحركة الإخوان المسلمين،
وعلى وجه الخصوص في سورية -والتي حافظت فيها الحركة على السوية الشرعية والسياسية- حيث الشراكة الثورية كاملة وسابقة.
قصور الفهم السياسي
وإذا كانت عموم الحركات السلفية تتسم بقصور الفهم السياسي، والضعف في شكل التعامل مع الواقع وتعقيداته،
فإن الحركات الإسلامية الإخوانية هي الأقدر والأخبر على التعامل مع تعقيدات الواقع السياسي،
لاسيما أن رصيد تجربتها يوازي القرن بتجاربه المتنوعة وأنظمته المختلفة ومواقفه المفاجئة.
وإذا كانت بعض المدارس والشخصيات في الحركات الإخوانية قد فقدت نقاء الفهم الإسلامي،
وحرفت بعض مفاهيمه حتى فقدت السوية وخالفت الرسالة النبوية،
فإن عموم الحركات السلفية ممثلة بدعاتها المعتبرين والمنتمين -من غير المتصلين بالأجهزة والأنظمة- قد تميزوا بالفهم النقي للقرآن والسنة والسيرة.
ومن المستحيل أمام حجم العطش الذي يبرز في أرض الشام الخصبة، أن يستطيع طرف واحد القيام بري أرضها ورعاية نباتها بعد سبعة عقود عجاف خلت.
إن حجم التحديات القائمة في الشام، وحجم المخاطر المتوقعة والقادمة على أهلها الأبرار،
يحتاج لجهد كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله على وجه البسيطة،
فما بالك والأرض المباركة تجمع اليوم في كل مدن سورية من ضحوا بأعمارهم وأموالهم وأبنائهم وديارهم لأجل عز الإسلام.
خطاب وأرضية إسلامية تجمع السلفيين والإخوان
لا خير فينا إن نجحنا في ضبط الخطاب تجاه المخالفين والأغيار واستوعبنا الفجار والأشرار،
وضبطنا المعادلة في التعامل مع الخصوم وفق مسطرة المصالح الآنية،
ثم فشلنا في صياغة خطاب وأرضية إسلامية تجمع بين السلفيين والإخوان،
منطلقين من جوهر القرآن وسنة وسيرة النبي العدنان، باحثين عن كلمة سواء تجمع بيننا وبين من يبتغون وجه الله، ويسعون لعمارة الديار والفوز بالجنان.
إن سنن الله قد قضت بأن التنازع والتفرق والخلاف سيذهب ريحنا مهما كان بيننا من مجاهدين ودعاة وحفظة قرآن …
فلنتق الله إذن، ولنتخلص من العبودية للحركة والشيخ وكتاب التنظيم والقائد والإطار،
ولنجتمع على كلمة سواء في أرض مباركة نبت زرعها وأينع ياسمينها من أصلاب أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
هم الصحابة الكرام بهم نقتدي وعلى خطاهم نسير، وفي هذا السياق يتسابق الأخيار وتتميز الشخصيات
وتتوضح المقاصد والنيات دون أي اعتبار للانتماء،
فالحق أحق أن يتبع، فلا سلفية حزبية ولا إخوانية تنظيمية، بل كلمة سواء نجسدها كمسلمين على أرض سورية المحررة،
لنكون مستحقين لتلك النعمة، ولا نتبع خطوات الشيطان، مهما أجاد بيننا الخطاب وأرخى لحيته مغررا بالصغار،
ممن يجيدون الابتسامة في وجه الكفار، ولا يعرفون إلا العبوس في وجه إخوانهم الثوار والدعاة الأبرار!