يُعد مضيق هرمز، الواقع بين إيران وسلطنة عمان، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يمر عبره حوالي 20 مليون برميل نفط يوميًا، أي ما يعادل 20-25% من إمدادات النفط العالمية وجزء كبير من الغاز الطبيعي المسال. في ظل تصاعد التوترات بين إيران والغرب، خاصة بعد هجمات إسرائيلية وأمريكية استهدفت منشآت نووية إيرانية في يونيو 2025، تلوح طهران بإغلاق المضيق كرد فعل.
إمكانية إغلاق مضيق هرمز
وفقًا لتقارير موثوقة، وافق البرلمان الإيراني في 22 يونيو 2025 على مقترح إغلاق مضيق هرمز كرد على ضربات أمريكية استهدفت مواقع نووية إيرانية، لكن القرار ينتظر مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. إيران تمتلك قدرات عسكرية تشمل:
ألغام بحرية: يُقدَّر أن إيران تمتلك آلاف الألغام البحرية القادرة على تعطيل الملاحة.
زوارق سريعة وصواريخ: الحرس الثوري يدير أسطولًا من الزوارق المزودة بصواريخ مضادة للسفن، إلى جانب غواصات وصواريخ كروز.
استراتيجية الحظر: يمكن لإيران فرض حظر ملاحي عبر استهداف السفن أو تفتيشها، كما حدث في هجمات 2019 التي رفعت أسعار النفط بنسبة 10% في يوم واحد.
مدة الإغلاق المحتملة: الخبراء يرون أن إيران قادرة على تعطيل الملاحة لأيام أو أسابيع، لكن إغلاقًا كاملًا مستبعد بسبب الرد العسكري الأمريكي السريع، خاصة من الأسطول الخامس في البحرين. نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس وصف أي محاولة إغلاق بـ”الانتحار” لإيران.
البدائل المتاحة للغرب
البدائل المطروحة لتعويض توقف مضيق هرمز محدودة:
خط أنابيب السعودية (شرق-غرب): ينقل 5-7 ملايين برميل يوميًا إلى البحر الأحمر، لكنه لا يغطي سوى ثلث حجم النفط عبر هرمز.
خط أنابيب الإمارات إلى الفجيرة: بطاقة 1.5 مليون برميل يوميًا، غير كافٍ لتعويض الخسائر.
ميناء الدقم العماني: يمكنه استقبال ناقلات، لكن طاقته الاستيعابية محدودة ولا يحل الأزمة بالكامل.
مشاريع مستقبلية: خطوط أنابيب مقترحة عبر الأردن أو السعودية إلى البحر المتوسط لا تزال في مرحلة الدراسة وتتطلب سنوات للتفعيل.
احتياطيات النفط: الولايات المتحدة ودول أوروبية تمتلك احتياطيات استراتيجية، لكنها تكفي لأسابيع فقط.
التقييم: البدائل الحالية لا تعوض أكثر من 30% من إمدادات هرمز، مما يجعل الاقتصاد العالمي عرضة لصدمة طاقة.
الأطراف الأكثر تضررًا
إغلاق مضيق هرمز سيؤثر على:
دول آسيا الشرقية: الصين (50% من نفطها عبر هرمز)، الهند، اليابان، وكوريا الجنوبية ستواجه ارتفاع أسعار الوقود وتضخمًا اقتصاديًا.
دول الخليج: السعودية، الإمارات، العراق، وقطر ستعاني من توقف صادراتها النفطية والغازية، مما يهدد اقتصاداتها.
أوروبا: ألمانيا ودول أخرى تعاني أزمات طاقة ستواجه تكاليف باهظة لارتفاع أسعار الوقود.
إيران: إغلاق المضيق سيضر بصادراتها النفطية، مما يفاقم أزمتها الاقتصادية الداخلية.
مصر: كدولة تعتمد على استقرار الخليج، قد تتأثر بارتفاع تكاليف الطاقة وانخفاض عائدات قناة السويس إذا تغيرت مسارات الشحن.
المستفيدون المحتملون
الولايات المتحدة: كمنتج نفطي كبير، قد تستفيد من ارتفاع الأسعار واستخدام احتياطياتها الاستراتيجية.
روسيا: زيادة الطلب على نفطها كبديل لإمدادات الخليج.
منتجو النفط غير الخليجيين: كندا، فنزويلا، ونيجيريا قد يشهدون طلبًا متزايدًا.
شركات الشحن البديلة: موانئ مثل الدقم والفجيرة قد تستفيد من إعادة توجيه السفن.
هل نحن أمام مواجهة شاملة؟
المواجهة الشاملة غير مرجحة حاليًا بسبب التكاليف الباهظة لكلا الطرفين. إيران تستخدم تهديد المضيق كورقة ضغط في المفاوضات النووية، بينما تحافظ الولايات المتحدة على ردع عسكري دون الانزلاق إلى حرب مفتوحة. ومع ذلك، هجمات إسرائيلية وأمريكية على منشآت إيرانية، وتحركات زوارق الحرس الثوري في المضيق، تزيد من مخاطر “خطأ تكتيكي” قد يشعل حربًا إقليمية تشمل حزب الله والحوثيين.
النتائج المترتبة
اقتصادية: إغلاق المضيق قد يرفع أسعار النفط إلى 100-150 دولارًا للبرميل، مما يؤدي إلى تضخم عالمي وتعطيل سلاسل الإمداد.
جيوسياسية: تصعيد عسكري قد يوسع الصراع ليشمل سوريا، لبنان، واليمن، مما يهدد استقرار الشرق الأوسط.
بيئية: تلغيم المضيق قد يتسبب في كارثة بيئية بسبب تسرب النفط.
اجتماعية: أزمات اقتصادية قد تثير اضطرابات داخلية في إيران ودول الخليج.
هل يمكن أن يصمت الغرب؟
إغلاق مضيق هرمز سيُعتبر تهديدًا مباشرًا لأمن الطاقة العالمي، مما سيجبر الغرب، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا، على الرد عسكريًا أو دبلوماسيًا. الولايات المتحدة أكدت أنها لن تتسامح مع تعطيل الملاحة، وقد عززت وجودها العسكري في الخليج. أوروبا، التي تعاني أزمات طاقة، ستضغط لتأمين المضيق لتجنب انهيار اقتصادي.
إغلاق المضيق وارد ولكنه محدود: إيران قادرة على تعطيل الملاحة مؤقتًا، لكن إغلاقًا طويل الأمد مستبعد بسبب الرد العسكري الغربي.
البدائل غير كافية: خطوط الأنابيب والموانئ البديلة لا تستطيع تعويض توقف هرمز بالكامل.
خطر المواجهة: التصعيد المحسوب قد يتحول إلى حرب إقليمية إذا فشلت الدبلوماسية.
الاقتصاد العالمي في خطر: إغلاق المضيق سيؤدي إلى أزمة طاقة غير مسبوقة، مع تأثيرات مدمرة على آسيا والخليج.