تقارير

مع تصاعد الصراع على السلطة في طرابلس.. شرق ليبيا يتجه لإغلاق حقول النفط

أبوبكر أبوالمجد| استمرت التوترات في الارتفاع في ليبيا مع تصاعد الصراع على السلطة بين الأطراف السياسية في البلاد مع إعلان الإدارة التي تتخذ من الشرق مقراً لها يوم الاثنين إغلاق حقول النفط والموانئ التي تسيطر عليها وتعليق الإنتاج.

وقالت الإدارة التي يقع مقرها في بنغازي في بيان نُشر على موقع X إنها “علقت كل إنتاج وتصدير النفط حتى إشعار آخر”، مشيرة إلى “القوة القاهرة”.

وتشكل المواقع المتضررة نحو 90 في المائة من حقول النفط ومحطات الموانئ في البلاد.

وربطت هذه الخطوة بـ”الاعتداءات المتكررة على قيادات وموظفي وإدارات البنك المركزي” في طرابلس، الذي يدير موارد ليبيا النفطية الكبيرة وميزانية الدولة.

ولم يرد تأكيد من الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس ولا من المؤسسة الوطنية للنفط التي تسيطر على موارد النفط في البلاد.

من جهتها، قالت شركة الواحة للنفط، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، إنها تخطط لخفض الإنتاج تدريجيا، محذرة من توقف كامل للإنتاج في ليبيا، مستشهدة بـ”احتجاجات وضغوط” غير محددة.

وقالت شركة سرت للنفط، وهي شركة تابعة أخرى، إنها ستخفض الإنتاج، داعية السلطات إلى “التدخل للحفاظ على مستويات الإنتاج”.

وفي حال توقف الإنتاج في الشرق، فإن حقل الفيل في جنوب غرب ليبيا سيكون الحقل النفطي الوحيد العامل، بطاقة 130 ألف برميل يوميا.

ولم تحدد حكومة بنغازي المدة التي يمكن أن تظل فيها حقول النفط مغلقة.

في هذه الأثناء، لم تقدم حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها أي تأكيد على أن رئيس وزرائها عبد الحميد الدبيبة قال في بيان إنه لا ينبغي السماح بإغلاق حقول النفط “تحت ذرائع واهية”.

وتحاول ليبيا التعافي من سنوات الصراع التي أعقبت الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 والتي أطاحت بالحاكم القديم معمر القذافي.

وتظل ليبيا مقسمة بين الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس بقيادة الدبيبة والإدارة المنافسة في الشرق المدعومة من قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر.

وتقع معظم حقولها النفطية في مناطق خاضعة لسيطرة حفتر، لكن عائدات النفط وكذلك ميزانية الدولة يديرها البنك المركزي الذي يقع مقره في العاصمة طرابلس.

التنافس على السلطة

وجاء قرار الإدارة الشرقية بتعليق العمليات بعد سلسلة من الأحداث التي قالت إنها محاولات من جانب الحكومة الغربية للسيطرة على البنك المركزي.

وكان البنك قد أعلن في 18 أغسطس أنه “سيعلق جميع عملياته” بعد اختطاف رئيس تكنولوجيا المعلومات لديه.

وأُطلق سراح رئيس تكنولوجيا المعلومات بعد يوم واحد، وقال البنك المركزي إنه استأنف عملياته العادية.

وقبل أسبوع، ذكرت وسائل إعلام محلية أن مسلحين حاصروا البنك لإجبار محافظه صادق الكبير على الاستقالة.

وواجه انتقادات من أشخاص مقربين من دبيبة بشأن إدارة الموارد النفطية وميزانية الدولة.

وأثارت النزاعات حول السيطرة على البنك المركزي الليبي ناقوس الخطر بشأن احتمال إساءة استخدام الموارد المالية للبلاد.

وقالت الحكومة المتمركزة في الشرق في بيان لها الاثنين إن “المجموعة الخارجة عن القانون” القريبة من سلطات طرابلس سيطرت بالقوة على البنك المركزي.

وأظهرت لقطات وصور بثتها وسائل إعلام محلية مجموعة من الأشخاص يقتحمون المقر الرئيسي للبنك.

وذكرت التقارير في وقت لاحق أن أعضاء اللجنة التي كلفها المجلس الرئاسي، المقرب من الدبيبة، بقيادة “انتقال السلطات”، قاموا بتعيين مجلس إدارة جديد للبنك.

المأزق المالي

لكن الخبراء تساءلوا عما إذا كانت اللجنة قادرة على إدارة البنك بفعالية.

وقال أنس القماطي، رئيس معهد صادق للأبحاث، إن “احتفاظهم بالمناصب لا يعني السيطرة على أموال الشعب”.

وقال المحلل الليبي جلال حرشاوي لوكالة فرانس برس إن اللجنة “لا تملك سوى قدرة حقيقية ضئيلة على إصدار خطابات الاعتماد وتخصيص ميزانيات الرواتب وتمويل مشاريع البناء” من بين أمور أخرى.

وأضاف أن “وجودهم الفعلي لا يمنحهم أي سلطة فعلية على البنك المركزي الذي لا يزال مجمدا بناء على أوامر الكبير”.

وقال الحرشاوي إن “هذا لا يعني أن الدبيبة نجح في مناورته” للسيطرة على البنك المركزي.

وأضاف أن قوات حفتر “فرضت حصارا نفطيا جديدا بهدف التأثير على الوضع في طرابلس وعلى الصعيد الدولي”.

وأضاف أنه “لا يمكن استبعاد احتمال شن هجوم عسكري من جانبها على طرابلس”.

أعلن وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية عماد الطرابلسي، الجمعة، عن اتفاق بين الجماعات المسلحة وقوات الأمن في العاصمة “لتأمين” المدينة ومؤسساتها الحكومية وسط تصاعد التوترات.

أعربت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، عن قلقها إزاء التدهور السريع للوضع الاقتصادي والأمني ​​في ليبيا، منددة بالتحركات “الأحادية الجانب” التي اتخذتها جهات ليبية والتي أدت إلى “زيادة التوترات”.

أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بيانا في وقت متأخر من يوم الاثنين أعربت فيه عن قلقها العميق “إزاء تدهور الوضع في ليبيا نتيجة للقرارات الأحادية الجانب”.

وقالت البعثة في بيان: “إن البعثة تدعو إلى اجتماع طارئ لجميع الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي من أجل الوصول إلى توافق مبني على الاتفاقات السياسية والقوانين النافذة ومبدأ استقلال البنك المركزي”.

ودعت البعثة الأممية إلى تعليق القرارات الأحادية الجانب ورفع القوة القاهرة عن الحقول النفطية ووقف التصعيد واستخدام القوة وحماية موظفي البنك المركزي.

يعتمد الاقتصاد الليبي بشكل كبير على عائدات النفط، وكانت هناك خطوات في الماضي لفرض القوة القاهرة على حقول النفط، مما أدى فعليًا إلى قطع المصدر الرئيسي للدخل في البلاد.

وبلغ إجمالي إنتاج النفط نحو 1.18 مليون برميل يوميا في يوليو، وفقا لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) نقلا عن مصادر ثانوية.

أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى