في زمن تلاطمت فيه أمواج الحرب، واشتدت نيران المعركة، تكشف أرقام الخسائر فى جيش الاحتلال عن وجهها، وسط ضجيج الرصاص وصمت الحقيقة المخيف.
مشهد يتكرر يوميًا حيث تتصاعد ارقام القتلى والمصابين فى صفوفهم، وتتصاعد معها أجواء الغموض والشكوك حول حجم الكارثة الحقيقية التي يتكبدها جيش العصابات الصهيونية في مواجهة مقاومة شرسة لا تعرف طريقا للخنوع أو الخوف، مقاومة تثير تساؤلات عميقة حول مدى قدرة قوات العدو على الصمود. ومعنى الخسائر التي تُنشر على استحياء بينما تدور في الظل أرقام أكبر تظل حبيسة الأضابير الرسمية، خلف حجب السرية والطمس.
تصاعد الخسائر وتشكك في الأرقام الرسمية
منذ بداية العمليات العسكرية على قطاع غزة في بداية أكتوبر 2023، تتصاعد الأرقام المعلنة للخسائر الإسرائيلية بشكل ملحوظ إذ بلغ عدد القتلى 895 جنديا وضابطا ، واصابة 6134 اخرين، حسب البيانات الرسمية للجيش الإسرائيلي رغم الانتقادات الحادة الموجهة إليهم من قبل وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية التي تتهمهم بمحاولة التعتيم على خسائر حقيقية أكبر بكثير.
التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن الرقم المعلن لا يعكس الصورة الحقيقية على أرض الواقع إذ يذهب محللون إسرائيليون إلى أن هناك ضغوطًا سياسية وإعلامية تدفع القيادة العسكرية إلى التقليل من حجم الخسائر حفاظًا على الروح المعنوية العامة.
وأكد أحد المحللين العسكريين في معلق إسرائيلي بارز أن هناك حاجة لشفافية أكبر لإجبار الجمهور الإسرائيلي على فهم حجم التحدي الذي يواجهه الجيش في مواجهة مقاومة غير تقليدية.
تحديات عميقة
يقول محلل أمني إسرائيلي بارز إن مستوى الخسائر يعكس عمق التحديات التي تواجهها قوات الاحتلال في مواجهة مقاومة عنيدة تنفذ عمليات نوعية وتتوغل في النطاقات التي كانت تعتبرها إسرائيل سابقا غير قابلة للاختراق إذ أشار إلى أن التصعيد الأخير يظهر أن الجيش الإسرائيلي قد يواجه مرحلة جديدة من المواجهة تختلف كثيرا عن سابقاتها وأن استمرارية الخسائر بهذا الشكل تتطلب إعادة تقييم لاستراتيجية العمليات رغم أن القيادة العسكرية تحاول تبرير ذلك من خلال التركيز على إنجازات ميدانية محدودة.
أحد المعلقين يرى أن هناك احتمالية لزيادة التصعيد على الأمد القريب وأن إخفاء الحجم الحقيقي للخسائر قد يفاقم من أزمة الثقة بين القيادة وبين المجندين مما قد يؤثر على جاهزية الجيش مستقبلا.
انعكاسات الخسائر على الساحة الداخلية
داخل الأوساط الإسرائيلية بدأ يلوح في الأفق جدل كبير حول مدى قدرة الجيش على الصمود في وجه تصعيد المقاومة الفلسطينية المستمر، والأرقام المتزايدة للخسائر تؤدي إلى زعزعة ثقة الاسرائليين في قدرة القوات العسكرية على حماية أمن البلاد ، والتصدي للهجمات.، إذ يرى محللون آخرون أن التصعيد الحالي يفرض تحديات سياسية وأمنية على الحكومة إذ أن التذبذب في الأرقام والتعتيم الإعلامي قد يثير استياء الشارع الذي يراقب تطورات الموقف ساعة بساعة ويواصل التصعيد على مستوى الخطاب الإعلامي والسياسي.
تدهور البيئة الدولية وضرورة الشفافية
وفي ظل هذه الأجواء يبرز التحدي الأكبر أمام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية في مراقبة مدى صحة الأرقام المعلنة ومحاولة التأكد من الالتزام بمعايير الشفافية والعدالة، إذ رأى محللون إسرائيليون أن الحكومات والمنظمات الدولية مطالبة اليوم بمراقبة التصريحات والأرقام بشكل أكثر دقة بهدف فهم الأبعاد الحقيقية للأزمة الحالي،ة وألا تظل الأرقام حبيسة الجدران الرسمية فقط. مع استمرار التصعيد ، وتظل الحقيقة مجهولة جزئياً، مما يفتح المجال أمام نقاش محتدم حول مدى موثوقية البيانات المعلنة.