في خطوة تحمل طموحات ضخمة، يبدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) رحلة استثمارية بلغت قيمتها مليار دولار، بهدف إحداث نقلة نوعية في عالم كرة القدم على مستوى الأندية، فبعد أقل من أسبوعين، تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لاستضافة نسخة موسعة من بطولة الأندية، والتي تُعد بمثابة منصة عالمية لعرض قدرات أعتى الفرق، وسط أجواء تتخللها التوقعات والتحديات.
اهداف تجارية ورياضية
على الرغم من وضوح الأهداف التجارية والرياضية، يبقى الحماس مشوباً ببعض الشكوك، فالمباريات التي ستُقام على 12 ملعباً في مختلف أنحاء البلاد، تواجه مجموعة من التحديات، بدءاً من احتمال وجود مقاعد فارغة، وانتهاءً بمخاوف تتعلق بصحة وسلامة اللاعبين بعد موسم أوروبي مرهق.
وفي مقدمة مشاهد الافتتاح، يترقب عشاق الكرة مباراة قمة تجمع بين إنتر ميامي بقيادة ليونيل ميسي، ونادي الأهلي المصري، يوم 15 يونيو على ملعب هارد روك في ميامي، قبل أن تتسارع المنافسات للوصول إلى النهائي المقرر في 13 يوليو على ملعب ميتلايف بنيوجيرزي.
وكأنها لعبة من ألعاب الأضلاع المربعة، تظهر تذاكر المباريات، بما في ذلك النهائي، متاحة على نطاق واسع، مع تذكرة المباراة العريقة التي تتردد على لسان الكثيرين، مليئة بعدم اليقين حول مدى إقبال الجماهير رغم مشاركة أسطورة مثل ميسي.
وتُثير مشاركة إنتر ميامي، الذي تأهل بعد تصدره للموسم العادي للدوري الأمريكي، تساؤلات حول معايير التأهل الغامضة، حيث لم يتأهل ليفربول، برشلونة، أو نابولي، وهي الأندية التي وضعت بصمتها في الألقاب الأوروبية الكبرى.
وفي إطار الجدل ذاته، يتكرر السؤال حول كيفية اختيار الفرق، حيث استُبعد بعض الأندية مثل ليون، ومنح الفيفا مقاعد لفرق بديلة بناءً على تصنيفات أدائية تمتد لأربعة أعوام، فيما عارض البعض قرار استبعاد نادي لوس أنجلوس لارتباطه بملاك مشترك مع فريق آخر متأهل.
أما على الصعيد المالي، فإن إعلان الفيفا عن صفقة حقوق بث تُقدر بمليار دولار مع منصة دازون، قبل ستة أشهر من انطلاق البطولة، وضع كل الأنظار على العائدات المحتملة التي قد تصل إلى ملياري دولار جوائز البطولة، التي تصل إلى مليار دولار، تمثل حافزاً كبيراً، حيث يحصل الفائز على مبلغ يتجاوز ما حصل عليه أعرق أندية أوروبا في مسيرتها.
لكن، في خضم كل هذا الطموح المالي، يبقى هناك قلق مشروع حول صحة وسلامة اللاعبين، خاصة بعد تجارب سابقة أظهرت سوء أرضية الملاعب والتحفظات على ظروف الإصابات والتعافي، حيث أقر اتحاد اللاعبين المحترفين بإجراءات قانونية ضد الفيفا جراء ظروف البطولة وتضييق الوقت لتعافي اللاعبين الدولي.
ومع اقتراب الحدث، تتنوع آمال الأندية المشاركة بين التحدي ورفع الراية، ففي المجموعة الثانية، يبرز باريس سان جيرمان الذي يسعى لتعويض خماسية نهائي دوري أبطال أوروبا، إلى جانب أندية كبرى مثل ريال مدريد، بايرن ميونيخ، ومانشستر سيتي، التي تنتظر اختبار قدراتها في سعيها وراء لقب طال انتظاره.
هذه البطولة، التي تعتبر اختبارًا لرؤية الفيفا في مستقبل اللعبة، لا تقتصر على الجانب الرياضي فحسب، بل تتعلق بالمصير التجاري للعبة الشعبية الأولى في العالم، وهي تتجه لتكون لمحة عن الاستعدادات لانطلاق المونديال في 2026 بمشاركة ثلاث دول كبرى، حيث تُعد بمثابة مسح شامل لرد فعل أمريكا على اللعبة، ولرؤية الاتحاد الدولي لمستقبلها الاقتصادي.
هل تكون هذه النسخة من كأس العالم للأندية جسراً نحو عصر جديد من الإثارة والتجديد، أم أنها ستبقى مجرد لعبة مالية على حافة المستقبل؟ الزمن كفيل بالإجابة.