منذ أيام انتشر منشورا مزيلا بتوقيع جماعة الاخوان المسلمين مضمونه: قرار بحل جماعة الاخوان
سألت بعض من الاخوان احدهم قال لي:
أنه سأل جماعات الاخوان المصرية المتعددة نفت تماما
وأخر سكت لم يرد
وانتظرت أياما أن يصدر بيانا رسميا للتوضيح فلم أجد بيانا!؟
الواقع يدل على الريبة
هل هو بالونة اختبار؟
أم مدسوس؟
أم حقيقي؟
بغض النظر
الواقع يقول أن جماعة الاخوان التي أنشأها الامام الشهيد البنا رحمه الله مرت بمراحل عديدة وتغيرات كثيرة وتمددت تحت سقف الممكن في الدول التي تعمل بها
حتى وصلت لتكوين تنظيم دولي للإخوان يتنقل ويتحرك تحت سقف المنظومة الدولية
قامت جماعة الاخوان خلال تلك المراحل بجهد دعوى كبير تحت سقف فكرها الخاص
وتنوعت آليات الدعوة الاخوانية ما بين العمل من خلال المساجد والمدارس والاقتصاد والعمل الاجتماعي فحققت نجاحات للجماعة لافتة
مواقف جماعة الاخوان متنوعة بحسب كل دولة مثلا مواقف الاخوان في الجزائر والمغرب وأفغانستان والعراق خاصة تصرخ أن هذه الجماعة زلت قدميها
ولابد أن تفرض عليها السنن أن تنتهي ويتم حلها
لأنها عبء على الدعوة بانحيازها للطغاة على تفصيل يطول شرحه
لكن الواقع كالشمس لا يحتاج دليل.
أما إذا توقفنا مع جماعة الاخوان في مصر بالتحديد
سنجد أن الدولة تعاملت معها بحذر فقد تركتها تتمدد كي تسحب البساط من تحت أرجل الجماعات الجهادية التي ظهرت في مصر بقوة مع بداية الثمانينات وأرهقت الدولة بشدة وجعلتها في فترات تترنح
وكانت مقولة المرشد عمر التلمساني رحمه الله
(إن قتلة السادات كقتلة عثمان رضى الله عنه)
انحيازا كاملا للدولة وعداء واضحا للجامعات الجهادية ففتحت الدولة أبوابها للإخوان
وأيضا تركتها الدولة كي تتدافع مع الحالة السلفية المنتشرة بقوة كي يقص كل منهما الآخر في الاتباع
وكانت الدولة تشعل نار الخلافات الفكرية بين الجميع
ولم تهمل الدولة الإخوان إنما كانت تلجأ أحيانا لقص تمددها بحركة اعتقالات ومحاكم محددة الأحكام لتوقيف التمدد
وكانت الجماعة منسجمة مع ذلك فنجاحها على الأرض مع تركيبة فكرها كان يجعلها مستأنسة مع الدولة
داخل الجماعة كان الولاء الشديد وأحيانا التزلف هو مفتاح الوصول للقيادة في كل أذرعها التنظيمية
فصعدت شخصيات بالولاء والتزلف
وتوارت كفاءات محترمة كثيرة
وكان المال له نصيب كبير في إدارة منظومة الأتباع
وانغلقت إدارة الجماعة على مجموعة من الحرس الحديدي بيده كل شيء
وغابت الشورى الحقيقية في الإدارة
وكانت تتم بشكل صوري بعد التربيط بواسطة الحرس الحديدي
حتى كانت ثورة 25يناير فوجدتها الجماعة فرصة لتحقق حلمها الذي غاب منذ ثمانين عاما
فاندفعت بكل قوتها لميادين الثورة وفرضت وجودها كأقوى محرك للثورة
وقدمت تضحيات لا تنكر
ولكن حتى لا يفوتنا كان يوجد في الاخوان من يرفض الثورة
ولكن التيار الغالب اكتسح الواقع
على الطرف الآخر كان يوجد العسكر ومن ورائهم أمريكا
فقاموا بسحب الاخوان خطوة خطوة وانهاء الثورة والانغماس في الدولة
قفز الاخوان بكل شوق وفرح لمستنقع الدولة
وهنا نقطة:
أن الاخوان ما كان لهم أن يستمروا في الثورة
لأن الحالة الثورية مخالفة تماما للتركيبة الجينية الفكرية والشخصية للإخوان و25يناير كان حالة فرضتها فرصة استثنائية
الحقيقة أن العدو كان خبيرا بهم
وعلى التفصيل المعروف تولى حكم مصر الرئيس محمد مرسى رحمه الله
وهو لا يملك الجيش ولا الدولة
ولا يملك أي قوة على الأرض غير الاخوان
وكان الظن أن التوافق مع العسكر وأمريكا سيجعل الطريق ورديا
لكن كان المخبوء للإخوان أخطر من كل التصورات
فقد كانت خطة العسكر والأمريكان بدعم إماراتي سعودي هو اجتثاث جماعة الاخوان وليس فقط ازاحتها عن الحكم
فقد درس الخصم الاخوان جيدا ويعلم ضعف بنية القوة في المواجهة في الشخصية الاخوانية
فكان الانقلاب
بل قل كانت مذبحة الاخوان ومن ناصرهم في ،3يوليو و14اغسطس2013وماتبعهم من مذابح استئصالية شملت القتل والاعتقال ومصادر مليارات الأموال للإخوان ومن تعاطف معهم
حاول بعض الاخوان المقاومة وقدموا تضحيات عظيمة
لكن التيار الغالب تيار الولاء والتزلف وتربيط الحرس الحديدي وصنم التنظيم الرافض للثورة بداية غلب على الأمر وكان ضدهم
وتم دعمهم بطرق خفية من الدولة
فتم وأد أي حركة مقاومة فعالة لمذبحة الجماعة
فتم استشهاد عدد كبير من الاخوان واعتقال الآلاف فرج الله كربهم
ومن هنا تم زرع تفتيت الجماعة
فتجاذبت الجماعة تيارات عديدة داخلها
ودخلت الجماعة في مطحنة داخلية ما بين تيار تغيير وتيار إصلاحي وتيار صلب يعبد صنم التنظيم
ومع مرور الأيام تفلت الكثيرون من الجماعة
حتى داخل المعتقلات
ومع اعتقالات معظم قياداتها وكوادرها وبنيتها التنظيمية ضعف كل أثر للجماعة على الأرض
ولم يبقى إلا مطحنة خلافات جماعات الاخوان في المهجر
مطحنة طحنت وكسرت المبادئ والقيم والتنظيم والعمل ومع الضعف تشوهت الجماعة
وان كان البعض يحاول التجميل عن طريق الإعلام واخفاء الحقائق
لكن الواقع محزن في الضعف والتشرذم
يزيد في التساقط محاولة البعض الاستجداء من نظام السيسى بأي شكل
مما زاد في التفتت
ويبقى السؤال هل يملك ما تبقى من الجماعة مقومات للنهوض على حالته الراهنة،
الحقيقة لا مطلقا
وغير ذلك كذب وتضليل
وماذا يملك؟
الحقيقة أن عقلية الاخوان هي المشكلة
فهي عقلية عصية على التغيير
وتؤمن أن الفكر والارث الإخواني مقدس
وجينتها في تحقيق المصلحة بأي طريقة تحارب وتقتل المبادئ
وبالتالي فهي عاكفة في محراب صنم الجماعة حتى وهي ترى تهدم أعمدته
وتساقط أركانه
فهي تظن أن الولاء هو الموت في المعبد وهو يهدم وليس المصارعة بالتغيير والبناء الجديد
ولذلك تمضي السنن
ولقد انتهت الدولة الأموية مع عظيم ما قدمته من مجد وعز ورفعة للإسلام
ولكن قادتها لم يكونوا أهلا للمسئولية
وفقدوا القدرة على التغيير وإصلاح الفساد فمضت وانتهت الدولة الأموية
ولم يشفع لها المجد
فتم حل الدولة الأموية
لأنها السنن
وسيتم حل جماعة الاخوان أن بقيت على ذلك
ومن يتبقى في شكل جماعة الاخوان سيعمل عند الطغاة مثل ياسر برهامى
لكن هل يوجد أمل؟
نعم يوجد أمل لو كانت توجد قدرة قوية تملك إمكانيات وعندها رؤية جريئة للتغيير وهدم الأصنام المورثة داخل الجماعة وعمل تغيير كبير
ولكن هذا الأمل رغم وجوده في فكر ورؤية نفر من أشراف الاخوان
أتمنى وجوده ليقود استمرار جماعة الاخوان جديدة قوية
لكنه يتم محاربته بكل قوة وبدون أخلاق من الحرس الحديدي لصنم التنظيم ومن أيضا أتباعه
ومن العسكر وأعداء الإسلام أيضا بكل الطرق
مهما كان
وأخيرا: الإسلام لا يقف على جماعة أو دولة فقد مضت وفنيت دولة الأموية والعباسية والأيوبية والعثمانية على ما حققوه من مجد وأين كانت جماعة الاخوان قبل ظهورها على يد البنا رحمه الله؟!
هل هي جاءت بالإسلام؟
بالطبع لا
هل سينتهي الإسلام بنهايتها؟
بالطبع لا
فلا توجد مشكلة للإسلام والمسلمين
إلا في من يحمل لواء الإسلام وينصر الإسلام
اللهم حرر مصر وفك أسر المأسورين واجعلنا أهلا لنصرة دينك
كتبه ممدوح إسماعيل
21-5-2025