مقالات

ممدوح إسماعيل يكتب: سورة البروج تفضح صنم المصلحة

 من يقرأ سورة البروج عليه أن يتوقف بقلبه وعقله فهي تصدم الواقع وتفضح كثير من أشكال التدين الزائف وتعرى أصحاب المصلحة

أولا: أشهر ما في قصة أصحاب الأخدود في سورة البروج الغلام قصته عجيبة فريدة

توجب على كل صاحب قلب أن يتوقف

  غلام صغير ومع ذلك جعله الله آية في الدعوة إلى الله فلبى الجهر بالحق بدون خوف أو حرص على مصلحة دنيوية هدفه فقط تبيلغ الحق الذي تعلمه

تجد أنه عندما احتار الملك في قتله دله الغلام على طريقة تكون سبباً في موته ان يجمع الناس

وأن يقول: بسم الله رب الغلام

 هنا نتوقف الغلام يدل الملك على طريقة قتله لأنه يريد تبليغ الحق للناس فقط

 وليكن ذلك بالتضحية بحياته

 واللافت أن الغلام لم يدافع عن نفسه

ولم يحاول أن يختلف أي أعذار

 ولم يطلب محاكمة عادلة قبل قتله كل همه فقط بلاغ الحق للناس

وفى حالة التدين تجد رموز وشيوخ كبار مصالحهم صنم يتعبدون له

لا يريدون التضحية براتبهم أو وظيفتهم أو تنقلهم وسفرهم من أجل الدعوة الصادقة والجهر بالحق

وجماعات ترى أن التضحية تهور والمصلحة في عدم التضحية

 اللافت أنهم يريدون آن يكونوا أئمة

وهم لم يبلغوا ذرة مما فعله الغلام من أجل الدعوة لله

ثانيا: موقف الراهب وجليس الملك عجيب في الثبات

فقد وضع الملك المنشار في مفرق رأسهما حتى يتراجعا عن الإيمان بالله فلم يتراجعا فشق جسدهما نصفين

  ما هذا الإيمان والثبات العجيب؟

وكثير من الناس الآن بمجرد التلويح بمنشار الدنيا والأموال يهرولون للتلبية ويبيعون دينهم

الموقف العجيب الآخر

ثالثاً: الموقف العجيب الآخر هو إيمان الناس وهم يعلمون أنهم سيقتلون

عجيب تلك التضحية من أجل الحق

وكثير من المسلمين الآن من أجل مصالحهم الفانية يسارعون في التواطؤ على تأييد الطغاة وهم يحاربون الحق ويقتلون اهل الحق رغم أنهم شاهدوا بأعينهم الحق والضلال

العجيب أن يتم قتلهم وحرقهم في أخدود ولم يكتب التاريخ أن واحداً منهم تراجع وهو يشاهد موت من سبقه

والقصة في قوة رسالتها ترسل لنا أقوى مما سبق لعلنا نفيق

 مثل المرأة التي سيلقى بها في أخدود النار فترددت بسبب رضيعها

انطق الله رضيعها بقول فصل لكل المؤمنين ورسالة تصرخ في المسلمين مهما كان الكرب في كل زمان ومكان:

 اصبري يا أمي إنك على الحق

والعجيب أنه لم يتم سجنهم ولا قتلهم عبر محاكمات ولا على دفعات

بل سريعا قتل بالحرق

في حكم بعقوبة بشعة لم يستغرق تنفيذها دقائق

 ولا يوجد دفاع ولا تأجيل جلسات

وفى لحظات تم فنائهم جميعا من الدنيا

إلا أنهم قدموا أروع وأنبل صورة في الثبات والتضحية في سبيل الله بدون تردد لحظة

فكما أسرع كل من الغلام والراهب وجليس الملك ومن آمن من الناس بالتضحية في سبيل الله كان جزاؤهم سريعاً إلى أجمل ما يكون في لحظة إلى جنات..

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)

من الأخدود المشتعل بالنار إلى جنات تجرى من تحتها الأنهار

الفوز الكبير

الفوز الكبير ليس فوزاً في انتخابات، ولا مباراة كرة، ولا ربح تجارى، ولا منصب، ولا منزل، ولا رصيد في البنك، ولا سيارة، ولا شهرة وتواجد للشيخ والجماعة.

 كل ذلك فانٍ وسراب

إنما الفوز الكبير الحقيقي

 هو الجنة ورضا الله

ومن أراد الفوز الكبير بعدهم

فليثبت على الحق

 ولا يتنازل ولا يداهن مهما كانت وحشية الباطل

وليعلم أن الجنة مهرها التضحية

فالغلام كان يعلم أنه سيموت

ولكنه قدم نشر الحق على روحه فاستحق الخلود في الجنة وهو الفوز الكبير

فهل يتعلم شيوخ وجماعات اليوم من الغلام أن يقدموا للدعوة والحق دروساً عملية بالتضحية فى سبيل الله

اللهم ثبتنا وارزقنا حسن الخاتمة

ممدوح إسماعيل

كاتب ومحامي مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights