ممدوح إسماعيل يكتب: صلاح الدين وأزمة جيش ريتشارد
ماذا فعل؟
القصة ذكرها صاحبه القاضي ابن شداد رحمه الله
عام 588 هجرية وصل صلاح الدين الأيوبي
خبر قرب الصليبيين من القدس بقيادة الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد، ونيتهم دخولها
وقد سبق ذلك أحداث فيها إشكاليات كرب شديد لجيش صلاح الدين
فقد حدث أن أرسل صلاح الدين إلى نائبه بمصر أن يرسل إليه المؤن والاقوات لحاجة الجيش إليها، فجمع النائب تلك المؤن وأرسلها على ثلاثة ألاف جمل،
ونقل بعض الخونة خبر تلك القافلة إلى ريتشارد قلب الأسد،
فانقض عليها جيش قلب الأسد واستولى عليها بكاملها،
فكانت وقعة مريرة لم يُصب صلاح الدين بمثلها، كما قال القاضي ابن شداد،
وحدثت في نفس الوقت فتنة بين الأكراد والأتراك – وهما يشكلان قوة جيش صلاح الدين،
وكانت هذه الحالة سببا لضعف شديد في جيش صلاح الدين استعدادا لمواجهة الحملة الصليبية الثالثة وكان يقود الجيوش الصليبية في تلك السنة الملك الإنجليزي ريتشار قلب الأسد، وعددهم أكثر من خمس مئة ألف
وليس مع صلاح الدين سوى أربعين ألفا فقط.
، وأصبحت مدينة القدس من الناحية العسكرية ضعيفة وأصبحت على وشك الوقوع بيد الصليبيين
فكان صلاح الدين الأيوبي في كرب وحزن شديد
قال القاضي ابن شداد:
ولقد جلست في خدمته في تلك الليلة، وكانت ليلة الجمعة، من أول الليل الى أن قارب الصبح، وكان الزمان شتاءً، وليس معنا ثالث إلا الله تعالى، ونحن نقسم اقساماً،
ونرتب على كل قسم بمقتضاه، حتى أخذني الاشفاق عليه، والخوف على مزاجه، فانه كان يغلب عليه اليبس، فشفعت إليه حتى يأخذ مضجعه لعله ينام ساعة،
فقال رحمه الله: لعلك جاءك النوم.
ثم نهض، فما وصلت إلى بيتي وأخذت لبعض شأني، إلا وأذن المؤذن وطلع الصبح،
وكنت أصلي معه الصبح في معظم الأوقات، فدخلت عليه وهو يمر الماء على أطرافه،
فقال: ما أخذني النوم أصلا.
فقلت: قد علمت
فقال: من أين؟
فقلت: لأني ما نمت، وما بقي وقت للنوم.
ثم اشتغلنا بالصلاة، وجلسنا على ما كنا عليه.
فقلت له: قد وقع لي واقع، وأظنه مفيداً إن شاء الله تعالى.
فقال: وما هو؟
فقلت له: الإخلاد إلى الله تعالى، والإنابة إليه، والاعتماد في كشف هذه الغمة عليه.
فقال: وكيف نصنع؟
فقلت: اليوم الجمعة، يغتسل المولى (يقصد صلاح الدين) عند الرواح، ويصلي على العادة بالأقصى، موضع مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدم المولى التصدق بشيء خفية على يد من يثق به، ويصلي المولى ركعتين بين الأذان والإقامة، ويدعو الله في سجوده، فقد ورد فيه حديث صحيح،
وتقول في باطنك:
«إلهي قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك، ولم يبق إلا الإخلاد إليك والاعتصام بحبلك، والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعم الوكيل»،
فإن الله أكرم من أن يخيب قصدك
ففعل ذلك كله،
وصليت إلى جانبه ورأيته ساجدا ودموعه تتقاطر على شيبته ثم على سجادته.
ومر الوقت ثم وصلت رقعة من البريد يُخبَر فيها أن الافرنج متخبطون، ثم اختلفوا،
ثم وصلت رقعة بعدها بيومين تخبر باختلافهم ورحيلهم».
وأقول وهنا اتوقف مع دعاء صلاح الدين بتلك الدعوة التي أشار بها قاضيه
وقد بكى صلاح الدين مضطراً إلى ربه.
فهو الحاكم المسلم المجاهد التقى والجند والرعية مسلمون يخافون الله
فاستجاب الله دعاء عبده الصالح صلاح الدين،
فيشاء الله بحكمته وقدره أن يقع الخلاف والشقاق بين الصليبيين،
فقد حدث أن أشار الفرنسيون بالهجوم الفوري على القدس – التي يتحصن فيها صلاح الدين بعساكر قليلة.
لكن ريتشارد قلب الأسد طلب تأجيل الهجوم حتى يتم الاستعداد الكامل واستقدام بقية الجيوش،
فاحتدم الخلاف بين الإنجليز والفرنسيين، وتبادلوا الاتهامات، ووقع بينهم الشك والريبة، فاضطروا للانسحاب، والعودة إلى عكا.
وانتهت الحرب بعقد صلح الرملة بين صلاح الدين وريشارد قلب الأسد -هدنة فقط- لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.
وعاد ريتشارد قلب الأسد إلى أوربا، واحتفظ صلاح الدين بالقدس، ولم يفرط فيها
انها دعوة رجل صالح حكم بشرع الله وجاهد كما يحب الله ويرضى انقطعت عنه الأسباب فلجأ الى رب الأسباب فتقبل الله منه.
الآن لا يوجد مثيله ولا نظيره ولا ما يقرب منه على بعد مليون خطوة من الحكام
وقد انقطعت كل الأسباب
والقدس أسيرة
ولا يوجد صلاح الدين بل حكام خونة متعاونين مع كل ريتشارد لهدم القدس وصلاح الدين
والجيوش تبعا لحكامها
ولا يخفى أن الضعف والفساد غلب على الشعوب إلا ما رحم ربى
والعدو جمع كل كلابه لينهش في جسد المسلمين
ولا حول ولا قوة الا بالله
ولكن رب أشعث أغبر ذي طمرين من عباد الله الصالحين لو أقسم على الله لأبره
اللهم أصلح أحوال المسلمين وشتت شمل أعداء الإسلام وانصر عبادك ونج المستضعفين يا رب!