الأثنين أكتوبر 7, 2024
أقلام حرة

ممدوح إسماعيل يكتب: غزوة أحزاب أمس واليوم (2)

مشاركة:

الثبات الإيماني عند المحن

قام المسلمون بحفر الخندق السلاح الاستراتيجي الجديد قبل وصول الأحزاب

 مما يؤكد جدية سبق المخابرات الإسلامية في معرفة خطة الأحزاب

وكان يعملون ويتحملون شدة الجوع وكان طعامهم القليل من الشعير يخلط بدهن متغير الرائحة لقدمه، ويطبخ فيأكلونه على الرغم من بشاعة طعمه في الحلق ورائحته المنتنة، وذلك لشدة جوعهم.

حتى هذا لا يجدونه أحياناً فيأكلون التمر، وأحياناً لا يجدون هذا ولا ذاك لمدة ثلاثة أيام متتالية، إلى الحد الذي يعصب فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – بطنه بحجر من شدة الجوع.

*وهنا وقفة تؤكد أهمية التربية على التقشف والتحمل*،

 والمسلمون الصيام يعلمهم ذلك مع التربية الخشنة لصناعة الرجالة

حتى قال النبي البذاذة من الايمان، وذلك حتى لا يقهر الجوع الرجال..

 والقوات الخاصة في كل جيوش العالم يتم تدريبها تدريبات شاقة على الجوع والتحمل والرضا بأي طعام مهما كان نتنة _وجيوش النوادي والحفلات والحلويات والمشويات لا يصنعون نصرا بل هزيمة فاضحة

 وانشد النبي والصحابة يرددون

اللهم لولا أنت ما اهتدينا

 ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا

وثبت الأقدام إن لاقينا

وارتجز المسلمون وهم يعملون:

(نحن الذين بايعوا محمداً

 على الإسلام ما بقينا أبدا)

فيجيبهم صلى الله عليه وسلم بقوله:

اللهم لا عيش الا عيش الاخرة.

وهنا أهمية تحميس المعسكر المجاهد بحماس يربطه بالله فالمعارك قتال وقتل والموت أقرب للكل فلابد من جعل الجهاد في سبيل الله *واليقين أن الجزاء الجنة

وليس كما يحدث

 ما تقولش ايه اديتنا مصر

قول ها ندى ايه لمصر

 وأين الله والجنة؟

مصر فانية وكل الدول فانية والباقي هو الله

 والجزاء ليس نيشان

 ولا رتبة إنما جنة عرضها السموات والأرض

_لذلك ثبت الصحابة في معركة اهتزت فيها القلوب _

(في هزيمة 67 كان الجيش المصري يستمع لأم كلثوم ليلة الحرب وكان محمد العزبي يغنى شد في دقن الإرهابي)

 معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق

 مثال معجزة البركة في طعام جابر الذي يكفي اثنين فكفى ثلاثة آلاف

 هي لتثبت المؤمنين ان الله معكم

 لكن اثبتوا واعملوا بالأسباب وكونوا على يقين بالله

 واقعة الصخرة التي اعترضت للصحابة وهم يحفرون، وضربها الرسول – صلى الله عليه وسلم – ثلاث ضربات فتفتت.

 قال إثر الضربة الأولى: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة،

 ثم ضربها الثانية فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض،

 ثم ضرب الثالثة، وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة.

وقد وقعت كل هذه البشارة النبوية

_البعض يقول لابد من التفاؤل والبشرى في المحن

 وهنا أتوقف نعم المؤمن يستبشر لكن مع العمل

 فالحديث فيه أبلغ دلالة على ذلك أن البشرى جاءت مع العمل وهو تفتيت الصخرة والاستعداد للجهاد

وليس في موضع السكون والاستسلام نستبشر!

ونقول للناس ابشروا!!

ونرفع شعارات لتخدير الأتباع بدون عمل

سيسقط الظلم وسينتشر الحق!

 نعم هذه سنة الله

لكن لا تخلطوا الأمور

وتجعلوا الناس تعيش في حلم بدون عمل فتتوا الصخر أولا بالمعاول وجاهدوا واستبشروا __

وكانت خطة المسلمين أن يكون ظهرهم إلى جبل سلع داخل المدينة ووجوههم إلى الخندق الذي يحجز بينهم وبين المشركين الذين نزلوا رومة بني الجرف والغابة ونقمي.

وهنا أهمية استغلال الموانع الطبيعية في الحروب فهي سلاح استراتيجي مهم

فلا تدخل حربا في مكان مكشوف يسهل على العدو ضربك*

جاء المشركون ووقفوا عند الخندق مندهشين وقالوا هذه حيلة لا تعرفها العرب

 وحاصروا النبي واصحابه قيل شهر واشتد الحصار

وهنا نظر الرسول – صلى الله عليه وسلم – في حال المعركة ففكر في تشتيت قوة العدو وكسر شوكة المشركين

 وقد أرسلت غطفان إليه وفد للتفاوض لعلها تنال مكسب كبير سريع مستغلة حصار المسلمين

 فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة زعيمي الأنصار، فاستشارهما في الصلح الذي عرضته عليه قبيلة غطفان، (لم يستشر النبي هنا كبار المهاجرين لأن غطفان قريبة من المدينة والاوس والخزرج أعلم بهما والمعركة في المدينة وهو درس نبوي في استشارة أهل المكان والأعلم بظروف المكان.

ولأن الحرب والحصار على المدينة وهم أكابرها _واستعمال جبهة السياسة والتفاوض الثابت تكتيك مهم في ظل الحرب لإشغال الخصم وادخاله في دوامة

شرط ان تكون على الأرض ثابت مجاهد مستعد معك أوراق قوية

 وقد عرضت غطفان أن يعطوا ثلث ثمار المدينة لعام كي ينصرفوا عن قتال المسلمين، ولم يبق إلا التوقيع على صحيفة الصلح،

 فقال له سعد بن معاذ: لا والله ما أعطينا الدنية من أنفسنا في الجاهلية فكيف وقد جاء الله بالإسلام

وفي رواية الطبراني أنهما قالا: يا رسول الله: فوالله لقد رأيتنا وإياهم على سواء ما ينالون منا ثمرة إلا شراء أو قرى

الله أكبر ما أجملها من عزة وكبرياء

. فاطمأن النبي صلى الله عليه وسلم لثبات الأنصار

وقطع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المفاوضة مع الأعراب الذين كان يمثلهم الحارث الغطفاني،

 وقد اراد النبي بالاستشارة ان لا يكون القرار فوقى من القيادة

 بل يكون قرار اهل المدينة بالحرب نابع من قلوبهم وارادتهم

 فالوقت عصيب ولابد أن يعيش الجميع الإيمان بالمعركة والصمود فالحصار ممتد وايمان الجميع هو أكبر نصر ضد الحصار.

وفي جانب الأحزاب كانت الخطة عندهم فتح ثغرة عن طريق يهو د بني قريظة بدفعهم الى نقض العهد والغدر بالمسلمين والوقوف مع الأحزاب. فأوفد يهود بنى النضير حيياً ابن أخطب للقيام بهذه المهمة (ولم يرسلوا عربيا فاليهود اعرف واقرب لبعضهم)

فجاء حيي إلى كعب بن أسد القرظي وأقنعه بنقض العهد مع المسلمين بحجة قوة الأحزاب ومقدرتهم على استئصال المسلمين،

(وهنا أهمية الإيمان أنه لا عهد لليهود وكل المخالفين للإسلام بكل أفكارهم والحيطة واجب شرعي وهى من الايمان والاستهانة من الخذلان)

وعندما علم المسلمون نقض بني قريظة ما بينهم وبين المسلمين من عهد اشتد الازمة والخطورة

 وتكمن خطورة ذلك في موقعهم الذي يمكنهم من تسديد ضربة غادرة للمسلمين من الخلف. فقد كانت ديارهم في العوالي، إلى الجنوب الشرقي للمدينة

وصل خبر مفاوضات اليهود مع بنى قريظة لمخابرات النبي صلى الله عليه وسلم

فلم يكن الأمر متاحا _للبلاك ووتر والبلاك بلوك والشبيحة والبلطجية _

 ان تفعل ما تشاء بدون علم النبي فأرسلت المخابرات الإسلامية الخبر للنبي

 وللحيطة والتأكد أرسل الرسول – صلى الله عليه وسلم – سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة فجاءوا إلى بني قريظة وتحدثوا معهم، وعلموا أنهم نكثوا العهد وعاد رسل المسلمين إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالخبر اليقين.

وعندما شاع هذا الخبر اشتد الأزمة على المسلمين ان يدخل الكفار المدينة من ثغرة بنى قريظة واولادهم ونساؤهم محصورين في المدينة

 ومروا بوقت عصيب وابتلاء عظيم. ونزل القرآن واصفاً هذه الحالة:

 (إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً).

فالذين جاؤوهم من فوقهم هم الأحزاب، وبنو قريظة من أسفل منهم، والذين ظنوا بالله الظنونا هم المنافقون.

 أما المؤمنون فقد وصفهم القران انهم زلزلوا ولكن سبقها بقوله وابتلى المؤمنون فاثبت الله لهم الايمان مع شدة الزلزلة

وهنا وقفة فلم يفكر المسلمون في الاستسلام أو طلب المساعدة من الكفار في أي مكان لتخفيف الضغط عليهم

 أنه الصمود الإيماني للمسلمين الذي احتار فيه كفا ر العالم في كل مواجهة على مدار التاريخ

 ويتكرر حصار الكفر للمسلمين والشدة والجوع والقتل والتدمير في محنة شديدة في غزة الآن

 ظل المسلمون شهرا محاصرين في المدينة ولكن الصحابة يعلمون أبناء الإسلام في كل زمان ومكان وكل شدة وزلزلة

 اللهم لولا الله ما اهتدينا

واللهم لا عيش إلا عيش الاخرة

شعارهم

الله والجنة

أنه الثبات الإيماني عند المحن

ومع الايمان والدعاء والشدة

 لم يقولوا للناس ابشروا

سيسقط الأحزاب

الأحزاب ستترنح

ولم يذهب أحد للبحث عن شرفاء الجيش في بنى قريظة للتفاوض

بل، نظموا فرقاً للحراسة، فكان سلمة بن أسلم الأوسي أمير لمائتي فارس وزيد بن حارثة أمير لثلاثمائة فارس مسلحين، يطوفون المدينة ويكبرون لتأمين الجبهة الداخلية

الله أكبر

الله أكبر

ولم يهتفوا سلمية سلمية

 وذلك لإشعار بني قريظة بقوة المسلمين ويقظتهم وان خيانتهم لا تؤثر و حتى لا تحدثهم أنفسهم بأي خيانة وغدر فالسيوف جاهزة وهنا كانت أهمية الخروج للقتال خارج المدينة فلو انتظر المسلمون العدو في المدينة لجاءت الحرب من كل صوب على بيوت المسلمين من الكفار والمنافقين واليهود وذلك بلاء كبير لذلك كان العقل العسكري الحكيم هو حفر الخندق خارج المدينة مع تأمين الجبهة الداخلية

يتبع

Please follow and like us:
ممدوح إسماعيل
كاتب ومحامي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *