ممدوح إسماعيل يكتب: معركة الجسر دروس وعبر
حتى وإن اختلفت التفاصيل
لكن المؤمن يلتمس الحكمة والعبرة
في عام 13هجرية حدث موقعة الجسر الشهيرة بين المسلمين والفرس
كان أبو عبيد الثقفي قائد جيش المسلمين أمام الفرس وكان معروفا بالشجاعة بين العرب
ولم يكن أبو عبيد الثقفي مؤهلاً تماماً للقيادة، ولكنه كان معروفاً بشجاعته وإخلاصه وتقواه، حتى إن المثل كان يُضرب بشجاعته بين العرب وقتها،
وكان من مبررات توليته القيادة انتصاره في ثلاثة معارك صغيرة سابقة على الفرس
حتى كانت معركة الجسر
البداية الدرس الأول: استشار ابو عبيد أصحابه فرفضوا أن يعبر الجسر لملاقاة الفرس ولكنه لم يستمع بمشورتهم وعبر الجسر بجيش المسلمين
1- في معركة الجسر يوجد دولة للإسلام متمكنة
2- في واقعنا لا توجد دولة للإسلام
مما يوجب على الحركات الإسلامية وهي تحت دفع الصائل وجهاد الدفع أن تكون الشورى ملزمة..
تحت ضغط الشجاعة والحماس اندفع أبو عبيد باجتهاد عسكري خاطئ متحمس وعبر الجسر
فقابلته جيوش الفرس بتكتيك رهيب واستخدام الفيلة
لم يكن سلاح الفيلة معروفا للعرب في القتال وهو في ذات الوقت تفوق تكتيكي عسكري كبير
الدرس عدم استبيان تفوق العدو النوعي في السلاح ووضعه في الخطة خطأ كبير خاصة الآن والتفوق التقني العسكري المدمر رهيب وهو خطأ مازال يقع فيه كثير من أبناء الإسلام وهو ما يوجب الاعداد الجيد بكل تنوع الاعداد
تقدم أبو عبيد بشجاعته وسيفه فقتل فتزعزع الصف وكان أبو عبيد جعل القيادة خلفه لمجموعة من الثقفين جماعته وكانوا مثله في الشجاعة والحماسة فقتلوا واندفع متحمس منهم فقطع الجسر بحماس حتى لا يرجع الجيش ويقاتل
فزاد الفزع وألقى البعض بنفسه في الماء..
وكانت مصيبة كبيرة قتل فيها الآلاف من المسلمين وفر الكثير واضطربت الصفوف.
هنا درس كبير جدا يقع فيه كثير من الحركات الإسلامية فى تولية المخلصين بدون دراسة لمؤهلات القيادة اللازمة للموقع
وتتوالى الأخطاء من المتحمسين معه تحت ضغط المعركة
فتقع الكارثة بقطع الجسر ظنا بالحماس أن ذلك يدفع للقتال وكان كارثة
وهو يحدث في واقعنا بقطع الجسر بفرض حتمية الاندفاع في القتال والثورة والمظاهرات وهو حق وحق ضد الطغيان والاحتلال لكن بدون تخطيط استراتيجي كارثة
لو كان أبو عبيد الثقفي بيننا الآن لهللت جماعته بشجاعته الجبارة وقاتلت من قال شجاع أخطأ
وهنا في ذلك الوقت المظلم ظهر القائد الحكيم المثنى بن الحارثة
فقام بخطة حكيمة
فربط الجسر
ونظم الصفوف
وقاد الجيش بحكمة وانحاز بهم إلى مكان في الصحراء حيث يجيد العرب القتال
وفى طريقه قتل حامية من الفرس كلها ليرفع الروح المعنوية للمسلمين ويغيظ الفرس
فنجح في خطته
واستشاط الفرس وأسرعوا لمواجهته
فقال لهم اعبروا أنتم الجسر فعبروا وقابلهم في معركة الباب وهزمهم وقتل 50 الفا من الفرس
الدرس
المثنى قائد حكيم صحح الأخطاء ربط الجسر ونظم الصفوف وانحاز إلى مكان يجيد فيه القتال
ورفع الروح المعنوية بعمل سريع ورفض أن يكرر الأخطاء وأصر أن يعبر الفرس الجسر فانتصر
ونحن نحتاج حكمة المثنى بن الحارثة الآن.
وأخيرًا: الفرق أن القيادة متمثلة في الخليفة ابن الخطاب أعلنت وقوع أخطاء يجب تصحيحها وصححوا وكذلك الصحابة القادة وكل المؤرخون قالوا ذلك
أما الواقع الآن مشكلته عدم الاعتراف بالأخطاء ولا تصحيح الاخطاء
الخطأ وارد ولابد أن يقع في ظل اشكاليات معقدة من الضعف لكن التصحيح واجب بل فرض بل ركن بكل دلالات علم الأصول
ولكن الكبر والاعتزاز بالسمعة يعرقل أي تصحيح بل الأشد يتم محاربة الناصحين المخلصين!!
فتزداد الاخطاء وثمنها باهظ جدا جدا
يبقى أن أبو عبيد الثقفي ما اتهمه أحد
لكن قالوا شجاع أخطأ فمتى نقول شجاع أخطأ ومخلص أخطأ للقادة؟
ومتى يتم التصحيح؟
اللهم اغفر لنا وأصلح أحوالنا