الأمة الثقافية

“من أين يأتي الثلج” ..مجموعة قصصية تتناول الأبعاد النفسية للإنسان

الأمة: تغوص قصص “من أين يأتي الثلج” للكاتب الأردني طه درويش في الأبعاد النفسيّة لأبطالها، حتى يكاد القارئ يشعر أن الشخصيّات القصصية التي يتتبع حركاتها وتقاطعات مصائرها من لحم ودم!

يأتي الكتاب الصادر حديثًا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، في 96 صفحة، ويضمّ إحدى عشرة قصة، إضافةً إلى تقديم بقلم الأستاذ الدّكتور فاضِل السّعدوني يقول فيه إلى أنّ طه درويش “مسكونٌ بالموت إلى حد الألفة”، مستدلّاً على ذلك بالعناوين التي اختارها طه لقصص مجموعته.

 ويضيف السعدوني عن لغة المجموعة: “لُغَةُ طه نادِرَة الوُجود في أيّام العسف اللغويّ هذه، لُغة مُنقَّاة، بسيطة، مُتَدفِّقة، يُجَسِّم فيها طه ما هُوَ هلامِيٌّ وَضبابِيٌّ فَيُحيله إلى تمثالٍ مِنَ الصُّلبِ بارِز المَلامِح والتّفاصيل”.

في قصّة “نوم لذيذ” يُصوّر طه درويش مشهداً شديد الواقعيّة رغم خيَّاليته، في ذهنه، حاسماً المعركة قبل أن تبدأ في لهجة ساخرة تضجُّ بالمرارة، يقول طه درويش: “العرق يغرقني. قميصي يلتصق بجسدي الضّامِر. . سنة بطولها من العذابات الممضَّة والوساطات الكريهة حتّى تكرّمَت “البلديّة” بمنحي ترخيصاً لهذا الجُحر.

اعتقدتُ يوْمها كنزاً منشوداً أهدَتنيه السّماء. كلّ شيءٍ تبخَّر بسرعةٍ مُذهلة، حتّى الصّحف اليوميّة ما عادت تنفد كسابِق عهدها. أصبحت الأمور لا تُطاق. الأسعار ترتفع بصورة جنونيّة. أظنّ “الزّبائن” يتساءلون ساخرين: ما جدوى الكُتُب؟!”.

وفي قصّة “الميت” نجد أنفسنا أمام ملحمة خياليّة نكاد نصدّقها لو لم تنتهِ الملحمة والمجموعة بعد لم تنتهِ، إذ يتصوَّر الكاتب نفسه ميتاً، وبناءً على ذلك يحكي مشهد الموت من وجهة نظر البطل/ الذات حائزاً اهتمام القارئ حتى نهاية القصّة..

وفي القصة المُعَنْوَنَة “مفتاح” يتقمَّص طه درويش شخصيّة بطله المُحاط بالأوجاع، فيقول: “أزْحَفُ، أزْحَفُ وأنا الفاقِد قَلْبي، وأصابِع كفّي اليُسرى، وَيَدي اليُمنى، أزْحَفُ نَحْوَ الغُرَفة الأخْرى. الجُثّة تسكنها منذ دهور، تنتظر الكفن الأبيض يحضنها، وأنا أحمل كفني أمنحه البائس وأقول له: تدثّر يا بردان،

فهذا الجسد المتناثر شِلْواً، شِلْواً، سيموت كما عاش: وحيداً  هذي الغرفة أيضاً يحرسها سجّانٌ يحمل ساطوراً أسطوريّاً يتلهّى بِسَلْخِ ذراعَي شيْخٍ عاجِز. وأنا المنهوك، المطعون، أجُرّ الخَطْوَ حثيثاً كي ألحَقَ ذاكَ النّائم خوْفاً مِنْ أنْ يَتَعَفَّن.

واجَهْتُ السّاطور اللامع كالشّمس، تأمَّلْتُ المَوْتَ السّاكِن حَدّاً كالشَّفْرَة، ضَحِكْتُ بِوَجْهِ المَوْت. بِصدري وحيداً قاوَمْتُ السّاطور. بَدَأَ السجّانُ بِسَلْخِ اللحْمِ عَنِ العَظْم. صارَ الجسَدُ عِظاماً يعلوها الرّأسُ الصّامِد كالنَّسْر”. 

يذكر أن طه درويش يعمل مُدرّساً لِمساقات “الكتابة” في قسم الصّحافة والإعلام الرقميّ بِكُليّة الإعلام في جامعة البترا، حصل على درجة الماجستير في الإعلام والاتّصال الجماهيري من جامعة “ليستر” في إنجلترا،

وسبق أن صدر له كِتاب بعنوان “سيّدة المُدُن”، كما نَشَرَ وًينشر أعماله في عدد من الصّحف والمجّلات مِنْ بينها صحيفة “رأي اليوم” الّتي تصدر في لندن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights