ظهرت الصحافة الفكاهية العربية أواخر القرن التاسع عشر بمصر، حيث صدرت مجلة “أبو نضارة” (1876) لصاحبها يعقوب صنوع، والتي حققت انتشارًا واسعًا بتوزيع 10 آلاف نسخة، لتبدأ رحلة السخرية من الواقع بذكاء.
أسلوب ساخر
عبد الله النديم أسس “التنكيت والتبكيت” (1891)، وهاجم بها التخلف ودافع عن الفصحى بأسلوب هزلي، جذب الجماهير عبر مخاطبة العامة بلغتهم، مما جعلها منبرًا للتنوير بالسخرية.
ازدهار الفكاهة
مع القرن العشرين، تعددت المجلات الفكاهية مثل “حمارة منيتى” و”خيال الظل”، التي انتقدت الحكام بالكاريكاتير، و”السيف والمسامير” التي هزأت من السياسة والشخصيات البارزة بجرأة نادرة.
كشكول السخرية
مجلة “الكشكول” (1921) لصاحبها سليمان فوزي، هاجمت سعد زغلول وحزب الوفد بالكاريكاتير والمقالات الساخرة، لتصبح أيقونة للصحافة الناقدة التي تخلط الفكاهة بالسياسة.
الفكاهة في الشام
في لبنان، ظهرت “الخازوق” لفؤاد جرداق، التي استخدمت التورية للسخرية من المحتل الفرنسي، بينما حملت “العرفان” في صيدا رسائل ثقافية بأسلوب ساخر.
معجزة “الكلب”
جريدة “الكلب” لصدقي إسماعيل في دمشق، تفردت بأنها صدرت بلا ترخيص، وكُتبت كلها شعرًا، وسخرت من الشعر الحديث بينما التزمت الأوزان التقليدية، لتصبح ظاهرة فريدة.
شعر يهزأ بالسياسة
نشرت “الكلب” قصائد كاملة تغطي الأخبار والطقس وحتى الإعلانات! ومنها قصيدة سليمان العيسى الساخرة عن مؤتمر السلم العالمي، التي وصف فيها أمريكا بـ”بنت الكلب” بإيجاز لاذع.
نقد بأسلوب هزلي
سخرت الجريدة من الشعراء في العدد (106 – 1971) بقصيدة تهكمت على كثرة المنتسبين للشعر مع قلة الموهوبين، وانتقدت تحويل الفن إلى “عيادة” للبذاءة والتفاهة.
إرث لا ينسى
رغم غرابتها، جمعت أعداد “الكلب” في طبعة فاخرة بمقدمة من سليمان العيسى، لتوثق تجربة صحفية فريدة حوّلت الشعر إلى سلاح للسخرية والنقد، تاركةً إرثًا يثبت أن الفكاهة يمكن أن تكون أعمق من الجد!
“الكلب” لم تكن مجرد جريدة، بل كانت ثورة شعرية هزلية، تذكرنا أن الضحك أحيانًا أقوى من الرصاص!