الرواية: “الطنطورية”
الكاتبة: د. رضوى عاشور
رضوى عاشور (26 مايو 1946 – 30 نوفمبر 2014) قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية، وهي زوجة الأديب الفلسطيني مريد البرغوثي، ووالدة الشاعر تميم البرغوثي
الرواية ليست فقط سردًا لمسيرة شخصية فلسطينية، بل ملحمة إنسانية تتقاطع فيها السيرة الفردية مع تاريخ أمة مشردة، تكتبها عاشور بلغة مؤثرة تنبض بالشعر والغضب والمقاومة والحنين. وفيما يلي تلخيص أدبي شامل ومفصّل للرواية:
ما معنى “الطنطورية”؟
“الطنطورية” هو لقب ساخر تطلقه بعض الفصائل الفلسطينية في صيدا (جنوب لبنان) على البطلة رُقيّة الطنطوري، بطلة الرواية، نسبة إلى اسم عائلتها (الطنطوري). وهي كلمة تُستخدم لتمييزها أو تحقيرها، باعتبارها ابنة “برجوازي” أو غير منتمية إلى الفصائل المسلحة.
لكن الكاتبة تجعل من هذا اللقب عنوانًا لهويّة نضالية خاصة، متحرّرة من الشعارات، وشاهدة على الواقع والمأساة.
التلخيص الأدبي المفصّل للرواية
1- البداية: من صيدا تبدأ الرحلة
تبدأ الرواية من مدينة صيدا اللبنانية، حيث تعيش رقيّة الطنطوري، فتاة في الثالثة عشرة من عمرها، ابنة لأبٍ مثقف يعلّمها حبّ الوطن والكرامة.
غير أن حياتها تتبدّل حين تشهد مجزرة على يد الجيش اللبناني في بداية الحرب الأهلية (1976)، يُقتل فيها والدها أمام عينيها.
هذه اللحظة لا تكون فقط نقطة تحوّل في حياتها، بل بداية التشظّي والشتات.
2- الشتات الفلسطيني: منفى بعد منفى
تنقلنا الرواية في خريطة جغرافية حزينة للمخيمات والمنافي، كأنّنا أمام خريطة لنكبة متجددة:
من صيدا إلى بيروت
من بيروت إلى صور
من صور إلى صبرا وشاتيلا
من صبرا إلى عين الحلوة، ثم إلى الجنوب، ثم إلى دمشق، ثم إلى الضفة الغربية
رقيّة التي تبدأ حياتها كشاهدة، تصبح جريحة من الداخل، تسير في دروب الفقد، ترقب المجازر والمخيمات المحاصرة، وترى رفاقًا يموتون أو يضيعون.
هي لا تنتمي لأي فصيل سياسي، لكنها تعيش مرارة القهر التي يتساوى فيها المناضل والمدني، الرجل والمرأة، الكبير والطفل.
3- المجازر: صبرا وشاتيلا
في مشهد بالغ الألم، تدخل رقيّة إلى مخيم صبرا وشاتيلا بعد المجزرة (1982)، وتصف الرائحة، الجثث، النساء المغتصبات، الأطفال المذبوحين، وتكتب بنبرة البكاء الخافت، دون صراخ.
وحدها اللغة الصامتة هي ما يوصل الفجيعة، دون خطاب أو شعارات. وهنا تكمن عبقرية رضوى عاشور: أن تكتب المقاومة بالصمت، والمأساة بالشعر.
4- الحبّ والزواج
تتزوّج رقيّة من مناضلٍ فلسطيني، لكن الحبّ لا ينقذها من المأساة، بل يضيف طبقة أخرى من الخسارة. يموت الزوج، ويُنتزع منها شعور الانتماء مرة أخرى.
هي لا تعرف الاستقرار، بل تعرف الرحيل والانتظار.
5- الضفة الغربية: فلسطين الحاضرة/الغائبة
في النهاية تصل إلى رام الله، هناك حيث فلسطين تبدو أقرب، لكن الواقع مشوّه، والمشهد عبثي.
ترى كيف تحوّلت القضية إلى مناصب، وانقسام، وسلطات وهمية، وكيف أصبح الناس يركضون خلف وهم الدولة، وهم الوطن، وهم الحل.
الرؤية الفنية للرواية
اللغة: تنتمي إلى السرد الحيّ، مع مقاطع شعرية داخلية، تأملية، تخلو من الخطابة.
السرد: الرواية كأنها مذكرات شخصية لرُقيّة، بصيغة “أنا”، لكنّها في الحقيقة مرآة لجيل فلسطيني كامل.
الزمن: يمتد من 1976 حتى أوائل الألفية، يغطي محطات تاريخية مفصلية في تاريخ الفلسطينيين في الشتات.
الرمز: المخيم هو الرمز الأكبر، والمجزرة هي الحدّ الفاصل، والبطلة نفسها تمثل فلسطين المنسية لا المرفوعة في الخطابات.
رسائل الرواية
1- فلسطين ليست فقط أرضًا مغتصبة، بل ذاكرة ممزقة.
2- المرأة الفلسطينية ليست صورة في نشرة أخبار، بل شاهدة على المأساة ومعايشة لها.
3- القضية خُذلت من الداخل قبل الخارج.
4- الوجع لا يحتاج إلى سلاح، بل إلى ضمير.
5- ليس كل من لم ينتمِ لحزبٍ خائن، وليس كل من حمل السلاح بطلًا.
في الختام
رواية الطنطورية ليست فقط رواية فلسطينية، بل هي نصّ إنساني عالمي.
إنها مرثاة صامتة لمخيماتٍ تحترق، ولشعب يتشظى كل يوم، ولذاكرة تنزف دون توقف.
وتبقى رُقيّة الطنطوري امرأة من لحمٍ ودم، ليست بطلة بالمعنى البطولي، لكنها الشاهدة التي لم تُغمض عينيها، ولا خانت الحكاية.
بالطبع، إليك تلخيص رواية “الطنطورية” للدكتورة رضوى عاشور في نقاط سريعة:
تلخيص سريع ومركّز للرواية:
1- البطلة:
رقيّة الطنطوري، فتاة فلسطينية من صيدا، تروي مذكراتها منذ عمر 13 عامًا.
2- اللقب “الطنطورية”:
لقب ساخر من فصائل المقاومة، نسبة إلى اسم عائلتها، للدلالة على أنها ليست “مناضلة” كما يزعمون.
3- البداية:
تشهد مذبحة في صيدا عام 1976 يقتل فيها والدها برصاص القوات اللبنانية.
4- الشتات الفلسطيني:
تتنقّل بين صيدا، صور، بيروت، صبرا وشاتيلا، عين الحلوة، الجنوب، دمشق، رام الله.
5- صبرا وشاتيلا (1982):
تدخل المخيم بعد المجزرة، وتصف الكارثة الإنسانية والروائح والجثث في مشهد مؤلم.
6- العلاقة العاطفية:
تتزوّج من مناضل فلسطيني ويموت لاحقًا، فتعاني فقدًا جديدًا.
7- رفض الانتماء السياسي:
لا تنتمي لأي فصيل فلسطيني، لكنها شاهدة على فشل الجميع.
8- مأساة المخيمات:
المخيم يتحوّل من مكان مقاومة إلى مساحة للخذلان والموت اليومي.
9- الوصول إلى رام الله:
ترى ما تبقى من فلسطين تحت الاحتلال والانقسام، حيث السلطة هشة والواقع مشوّه.
10- أسلوب الرواية:
سرد ذاتي، بصيغة “أنا”، لغة مؤلمة وصادقة، مشبعة بالحنين والاحتجاج الصامت.
11- رسالة الرواية:
لا حاجة للشعارات، فالقضية الفلسطينية موجودة في التفاصيل اليومية للشتات والمعاناة والصمت.
12- نهاية مفتوحة:
لا نهاية حاسمة، لأن معاناة رقيّة والفلسطينيين لا تزال مستمرة.