من ذكاء العربية

نفيُ المُفْرَد نفيٌ للجنس كلِّه قليلِه وكثيره واحدِه ومثناه وجمعِه، وهو أبلَغُ من نَفيِ المصدرِ العام المُطلَق:
كما في قوله تعالى: “ليس بي ضلالة”، قال ضلالة ولم يقل ضلال؛ لأن نفي الضلالة أبلغ من نفي الضلال عنه، كما لو قيل: ألَكَ تَمْرٌ ؟ فالجوابُ الأنسبُ للسؤال: ما لي تَمْرَةٌ، وذلك أنْفى لجنس التمْر، ولو قلتَ: “ما لي تَمْرٌ” لَكان يؤدي من المعنى غير ما أداه القول الأول.
ومثلُه: “قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ”، قالَ “سَفاهَة” ولم يقُلْ “سَفه أو سَفاه”
فإن قيل: لا فرق بين الضلالة والضلال أو السفاهة والسَّفَاه، فكلاهما مصدر “ضَل يَضِلّ ضَلالا وضلالةً” فالجواب أن الضلالةَ تكون مَصدرا عاماً وتكون عبارة عن المرة الواحدة، والمراد بالضلالة في هذه الآية المرةُ الواحدة من الضلال، فلمّا نَفى المرةَ الواحدةَ نَفَى ما فَوْقَها من المرتين والمرات الكثيرة.