تقاريرسلايدر

العلاقات المصرية التركية .. تطبيع مؤجل حتي إشعار أخر

أثارت حالة الجمود التي تعاني منها العلاقات المصرية التركية خلال الأسابيع الأخيرة حالة من الجدل خصوصا بعد تأجيل الزيارة التي كان مقررا أن يقوم بها لأنقرة نهاية شهر يوليو الماضي لاسيما أن إلغاء الزيارة جاء بشكل مفاجئ  بعد ترتيبات أجراها مسئولا البلدين لإتمامها وإزالة كافة العراقيل التي تحول دون عقدها .

وكان اللقاء الذي احتضنتها العاصمة القطرية الدوحة بين السيسي وأردوغان  قد أنعش  الآمال باحتمال عودة الحرارة لعلاقات البلدين بعد قطيعة استمرت اكثر من عشر سنوات أثر إطاحة الجيش بالرئيس المصري الراحل  الدكتور محمد مرسي عبر انقلاب عسكري رفضته أنقرة  وناصبته العداء لسنوات طويلة متجاهلة عواقب علي هذا الموقف علي علاقات البلدين لاسيما علي الصعيد الاقتصادي.

شكري وجاويش اوغلو بالقاهرة

ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وتبددت اجواء التفاؤل التي سادت علاقات البلدين بعد زيارة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش اوغلو القاهرة القاهرة  وأدلي خلالها بتصريحات أكدت أن علاقات البلدين تسير علي الطريق الصحيح مما أثار التساؤلات حول أسباب هذا الجمود المفاجئ الذي أنهي أشهر من التفاؤل .

العديد من الخبراء أعادوا هذه الحالة الي الجانب التركي الذي يبدو أن شهيته لإعادة هذه العلاقات مع مصر  الي سابق عهدها قد تراجعت علي أثر النتائج اللافتة التي حققها الرئيس أردوغان والحزب الحاكم خلال الانتخابات الرئاسية والعامة حيث سعت أنقرة قبلها لاستعادة سياسة تصفير المشاكل والتي كان قد وضع قواعدها رئيس الوزراء السابق احمد جاويش أوغلو ذلك لتأمين الفوز في الاستحقاقين الانتخابيين المهمين وهذا ما حدث.

ملفات لخلاف بين القاهرة وأنقرة

ووقفت عديد من الأسباب وراء  إلغاء زيارة السيسي لتركيا أو تأجيلها لعديد من الأسباب منها عودة الخلافات بين البلدين حول عديد من الملفات أهمها ليبيا و الإخوان المسلمين ومنتدي غاز المتوسط حيث أخفق البلدان في التوصل لحلول ترضي الطرفين حول الملفات الثلاث  خلال محادثات الإعداد لزيارة السيسي لانقرة واخفقا في ردم الهوة بينهما.

ففيما يتعلق بملف ليبيا لم تستجب تركيا لمطالب مصرية بسحب القوات التركية او حتي المدربين العسكريين من ليبيا كما تسميهم تركيا حيث تمسكت بأن وجودها هناك  يستند الاتفاقات مع الحكومة الليبية وأن الأخيرة هي الجهة الوحيدة التي يحق لها مطالبة تركيا بسحب هذه القوات من أراضيها

ولم تكتف تركيا بذلك بل عملت علي تعزيز وجودها في الأراضي  التركية عبر الحصول علي تسهيلات في قاعدة الخمس البحرية وهو أمر تم نفيه من قبل تركيا وطرابلس الغرب علي حد سواء  الا  انه ازعج القاهرة بشدة حيث كانت تضع شرط خروج القوات والخبراء الأتراك من ليبيا كأساس لأي تقارب مع حكومة أردوغان.

ولعل ثاني الملفات التي أثارت انزعاج مصر من السياسات التركية تتعلق بموقف أنقرة من جماعة الاخوان المسلمين حيث عاد الرئيس اردوغان التلويح بورقة الإخوان مجددا وأعاد احتضان الجماعة ولو نسبيا و رفض الاستجابة لمطالب القاهرة بتسليمعدد من عناصر الجماعة الذين اتهامهم القاهرة وادانهم “قضاؤها “بالمسئولية عن مقتل النائب العام المصري الأسبق  المستشار هشام بركات حيث رفضت أنقرة الأمر جملة وتفصيلا وبل وأعلنت الرئاسة التركية خلال اجتماع الرئيس ارد وغان بوفد من علماء المسلمين  عن تخصيص خط ساخن يتولي حل مشكلات المصريين المقيمين  بحسب تصريح القيادي بالجماعة الإسلامية المصرية الدكتور محمد الصغير.

وتظهر هذه الخطوة كيف عاد الرئيس أردوغان يلوح بورقة الإخوان المسلمين مجددا بعد أن كانت شاعت اجواء تكرس تنصل أنقرة من دعم الجماعة وتخفف من الدعم المقدم لوسائلها الإعلامية التي تبث من أراضيها ومن خارجها بشكل يؤشر إلي أن دوافع تركيا لتطبيع علاقاتها مع مصر بثمن غال لم تعد تشكل أولوية في الوقت الحالي علي الاقل.

مصر وتركيا

ثالث المحطات التي شكلت خلافا بين القاهرة والقرى تمثلت في منتدي الغاز في شرق المتوسط حيث رفضت القاهرة انضمام أنقرة للمنتدي بدون تسوية المشكلات مع اليونان وقبرص الرومية وهو أمر لم تتعاط معه تركيا بشكل إيجابي حتي الآن في ظل خلافاتها الشديدة مع كل من أثينا ونيقوسيا حتي الان والتي لا يبدو أنها ستشهد انفراجه قريبة بسبب عمق الخلافات بين البلدان الثلاثة حول كثير من الملفات.

تطبيع مؤجل بين البلدين

الخلافات بين القاهرة أنقرة  حول الملفات الثلاثة تبدو عميقة  وتعد من الخطوط الحمراء للعاصمتين فتركيا لن تبدي أي تنازل يسحب الورقة الليبية من يديها بل ستحاول تعزيز نفوذها في الداخل الليبي ولن تضحي بورقة الإخوان المسلمين في ظل الأوضاع الصعبة التي يعاني منها نظام السيسي في الداخل لاسيما علي الصعيد الاقتصادي

ومن هنا لن  تنفض يديها بالكامل من تقديم الدعم السياسي والإعلامي الجماعة لاسيما أن هناك تقارير تتحدث علي أن مصير النظام المصري الحالي علي المحك ولا يبدو أنها ستقدم تنازلات لقبرص واليونان حول غاز المتوسط بشكل يؤكد أن التطبيع الكامل بين مصر وتركيا ملف مؤجل حتي حين.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights