مهدي‌ عقبائي يكتب: البديل الديمقراطي.. مستقبل إيران القريب

رسالة تظاهرة باريس.. البديل الديمقراطي قادم

في ذكرى الثورة الإيرانية المناهضة لنظام الشاه، اجتمع آلاف الإيرانيين الأحرار في قلب باريس في تظاهرة تاريخية ضخمة، ليجددوا العهد مع الثورة ويؤكدوا استمرار النضال من أجل الحرية والديمقراطية في إيران.

كان هذا الحدث رمزًا حيًا لصوت الشعب الذي لم يخفت رغم محاولات القمع المتواصلة من النظامين الشاه والملا.

الرسالة الأساسية لهذه التظاهرة كانت واضحة وصريحة: الثورة الإيرانية ما زالت مستمرة، والشعب الإيراني مصمم على تحقيق النصر النهائي والبدیل قادم.

هذه التظاهرة لم تكن مجرد تجمع اعتيادي، بل كانت مشهدًا سياسيًا واجتماعيًا مميزًا، حيث اجتمعت ثلاثة أجيال من الإيرانيين تحت شعار واحد:

“لا للديكتاتورية، لا للشاه ولا للملالي، نعم للجمهورية الديمقراطية”.

من شوارع باريس، انطلقت أصوات آلاف المتظاهرين الذين رفعوا صور شهداء المقاومة وشعارات تدعو إلى إسقاط النظام وبناء إيران حرة تعتمد على إرادة الشعب.

حدث كبير.. وحضور مكثف

رغم برودة الطقس القارس، سادت التظاهرة أجواء مليئة بالحماس والإصرار، حيث شارك الآلاف من الإيرانيين من مختلف أنحاء أوروبا في هذا الحدث الكبير.

الحضور المكثف والنظام المذهل في صفوف المتظاهرين أثارا إعجاب المارة وشدّا أنظار وسائل الإعلام.

بدا وكأن شوارع باريس قد تحولت إلى مساحة حرة للتعبير عن تطلعات الشعب الإيراني وأحلامه في الحرية والكرامة الإنسانية.

اللافت في هذه التظاهرة هو المشاركة الفاعلة للأجيال الثلاثة. الجيل الأول، الذي عاش أحداث الثورة عام 1979، كان حاضرًا بقوة في هذه التظاهرة.

هذا الجيل هو من أسس للثورة وأفنى حياته في سبيل تحقيق الحرية للشعب الإيراني، رغم أنه تعرض لأقسى أنواع القمع والتنكيل من قبل نظام الملالي.

ورغم المجازر الرهيبة التي ارتُكبت بحق هذا الجيل، إلا أنه لم ينكسر، بل استمر في نضاله ونقل راية المقاومة إلى الأجيال التالية.

الجيل الثاني،

الذي تربّى في كنف الثورة وشهد على الفظائع التي ارتكبها نظام الملالي، لم يقف مكتوف الأيدي.

هذا الجيل حمل رسالة المقاومة في الداخل والخارج، وظل على مدار أربعة عقود يرفع صوته في مختلف أنحاء العالم منددًا بجرائم النظام.

كان هؤلاء الحاضرون من الجيل الثاني هم الرابط بين الماضي والحاضر، يجسدون الاستمرارية في النضال

ويؤكدون أن الثورة لم ولن تموت رغم كل محاولات التشويه والقمع.

أما الجيل الثالث، فهو جيل الشباب الثائر الذي وُلد في المنفى أو عاش طفولته في ظل القمع الداخلي، لكنه لم ينسَ وطنه.

كان حضور الشباب في التظاهرة مؤثرًا للغاية، حيث رفعوا أعلام المقاومة وصور رفاقهم من الداخل، مرددين شعارات الحرية والديمقراطية.

هذا الجيل يتميز بشغفه الشديد وتعلقه العميق بمستقبل وطنه،

إذ يرى في هذه الثورة أملًا جديدًا ويؤمن بأنه الجيل الذي سيحقق الحلم الكبير: إيران حرة وديمقراطية.

خطابات القادة والشخصيات السياسية التي ألقيت خلال التظاهرة أكدت على أهمية هذا الحدث ودوره في لفت أنظار العالم إلى معاناة الشعب الإيراني.

دعا غي فرهوفشتاد، رئيس وزراء بلجيكا السابق، المجتمع الدولي إلى تغيير سياساته تجاه النظام الإيراني،

مطالبًا بوضع حد لسياسة الاسترضاء وإدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية.

كما شدد على ضرورة الاعتراف بالمقاومة الإيرانية كممثل شرعي للشعب الإيراني.

دعم الجيش السوري الحر

من جانبه، ألقى رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، كلمة عبر الفيديو كونفرانس، حيث أبدى دعمه الكامل للمعارضة الإيرانية.

وقد أشار إلى التشابه العميق بين نضال الشعب الإيراني ضد ملالي النظام، ونضال الشعب السوري ضد بشار الأسد.

هذه الكلمات تأتي في وقت حساس، حيث كان لغياب سوريا في التظاهرات حضور معنوي كبير،

إذ أن التظاهرات في باريس لم تقتصر فقط على المطالبة بحرية إيران، بل حملت رسالة شاملة لدعم كل الشعوب التي تعاني من الأنظمة الاستبدادية،

ومنها الشعب السوري الذي يواجه التحديات نفسها في سبيل تحقيق الحرية والديمقراطية.

تصريحات الأسعد كانت بمثابة رسالة قوية تعكس روح التضامن بين الشعوب التي تسعى إلى الخلاص من الأنظمة القمعية،

حيث أكد أن الثورة السورية والإيرانية، رغم اختلاف السياقات، تشتركان في نفس الأهداف والمبادئ: إسقاط الديكتاتوريات وبناء مستقبل ديمقراطي مشترك.

من جهتها، ألقت إنغريد بتانكور، المرشحة الرئاسية الكولومبية السابقة، خطابًا مؤثرًا أكدت فيه دعمها للمقاومة الإيرانية.

قالت بتانكور: “نحن هنا اليوم لنكون صوت هؤلاء الذين يناضلون في الداخل الإيراني. إنهم أبطال حقيقيون، يضحون بحياتهم من أجل الحرية والكرامة الإنسانية”.

دعم سياسي وثقافي واجتماعي فرنسي

رسائل الدعم لم تقتصر على الشخصيات السياسية فحسب، بل جاءت أيضًا من عدد كبير من الشخصيات الثقافية والاجتماعية الفرنسية.

تحدث جاك بوتو، الذي أكد دعم العديد من رؤساء البلديات الفرنسيين لهذه التظاهرة،

مشيرًا إلى أن الثورة الإيرانية سُرقت من قبل نظام الملالي الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الثوار وأعدم الآلاف من السجناء السياسيين.

دعا بوتو الحكومة الفرنسية والمنظمات الدولية إلى إدانة الإعدامات الوحشية المستمرة في إيران

ووضع حد لسياسة الصمت تجاه جرائم النظام.

التظاهرة في باريس ليست مجرد حدث عابر أو ذكرى سنوية. إنها انعكاس للإرادة الصلبة للشعب الإيراني،

الذي يرفض الخضوع لأي شكل من أشكال الاستبداد. هذا التجمع الكبير هو دليل على أن المقاومة الإيرانية ليست حركة معزولة أو ظاهرة مؤقتة،

بل هي تيار شعبي واسع يضم مختلف فئات المجتمع الإيراني، من الشيوخ إلى الشباب،

من الذين عاشوا الثورة الأولى إلى الذين يستعدون لقيادة الثورة القادمة.

وحدة الأجيال الثلاثة

إن وحدة الأجيال الثلاثة في هذه التظاهرة كانت مشهدًا استثنائيًا يعكس عمق الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشعب الإيراني.

رغم كل محاولات النظام لتفتيت الصفوف وزرع اليأس، نجحت المقاومة في الحفاظ على وحدة صفوفها ونقل رسالتها من جيل إلى جيل.

هذه الوحدة هي ما يجعل الثورة الديمقراطية في إيران حقيقة واقعة،

ويؤكد أن الشعب الإيراني لن يتوقف حتى يحقق حلمه في الحرية والعدالة والديمقراطية.

ختامًا، تظاهرة باريس كانت صرخة مدوية في وجه الظلم والطغيان،

ورسالة واضحة بأن الشعب الإيراني مصمم على المضي قدمًا في نضاله حتى النصر.

إنها ليست مجرد ذكرى، بل محطة جديدة في مسيرة طويلة من الكفاح من أجل الحرية.

لقد أثبت الشعب الإيراني في هذه التظاهرة أن الثورة مستمرة، وأن الأمل باقٍ،

وأن النصر حتمي طالما أن هناك من يؤمن بالحرية ويضحي من أجلها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights