أقلام حرة

مهدي عقبائي يكتب: فك شفرة استراتيجية طهران في الشرق الأوسط

 تبنى النظام الإيراني موقفاً عدوانياً على المستويين المحلي والدولي. وعلى الصعيد المحلي، تعتمد استراتيجيته للبقاء على القمع، وتكتيم أي صوت معارض.

وفي الوقت نفسه، يعمل على دعم الإرهاب من خلال الميليشيات الوكيلة، لتوسيع نفوذه في الخارج والمساهمة في شبكة معقدة من الصراعات الإقليمية. وقد أدت هذه التصرفات إلى نداء عالمي لاستجابات استراتيجية تتجاوز الحلول العسكرية التقليدية.

ويجب أن ندرك أن التعامل بفعالية مع تهديد النظام الإيراني يتطلب تغييراً استراتيجياً يتجاوز الاحتواء التقليدي. فإن الطبيعة الدورية لسلوك طهران، والتي ترجع إلى نقاط ضعفه داخليا، تستدعي انتهاج سياسة أكثر دقة وشمولية في الغرب.

وبينما تزعم جماعات الضغط التابعة للنظام أن المواجهة الحازمة تؤدي إلى تفاقم الأزمات، تظهر الأدلة التاريخية أن الحزم يؤدي إلى تراجع استراتيجي للنظام الإيراني ويؤكد الحاجة إلى موقف واضح وحاسم ضد عدوان طهران.

 ويتعين على المجتمع الدولي أن يعترف بالركائز الأساسية التي تقوم عليها استراتيجية بقاء النظام ــ القمع الداخلي والاضطراب الخارجي.

يدعم النظام الإيراني منذ عام 1979، بشكل منهجي الإرهاب العالمي.  وتوجه إيران إرهابها من خلال مؤسسات مثل الحرس وفيلق القدس ووزارة المخابرات، وتنظم الهجمات والاغتيالات ودعم الإرهاب عبر هياكلها العسكرية والاستخباراتية.

ويقود فيلق القدس التابع للحرس دعم الميلشيات العاملة له بالوكالة في الخارج.

ويشكل حزب الله اللبناني تهديدا مهما في العالم بدعم سنوي له يصل إلى 700 مليون دولار من إيران.

  وتقوم شركات الطيران الإيرانية، بما في ذلك شركة ماهان إير، بتسهيل الأنشطة العالمية للنظام. لقد أثر الإرهاب المدعوم من إيران على أكثر من 20 دولة منذ عام 1979.

وكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في مقال: إن بقاء النظام الإيراني يعتمد على ركيزتين حيويتين: القمع في الداخل، وانتشار الإرهاب وإثارة الحروب في الخارج. وتدور استراتيجية النظام في الشرق الأوسط حول مفهوم «العمق الاستراتيجي»، الذي ينطوي على تعزيز النفوذ الإقليمي من خلال دعم الميليشيات الوكيلة والجهات الفاعلة غير الحكومية.

برامج الصواريخ الإيرانية: تهديد متزايد

إن تطوير النظام الإيراني للصواريخ الباليستية يشكل خطراً أمنياً إقليمياً كبيراً ويتحدى الجهود العالمية لمنع الانتشار. وفرض قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1929، الذي تم تنفيذه في عام 2010، قيودًا صارمة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وخاصة تلك القادرة على إيصال الأسلحة النووية. ولکن، تواصل إيران تطوير ونشر مجموعة متنوعة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى، وتحتفظ بأكبر قوة صاروخية باليستية في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من المخاوف الدولية، أطلق النظام الإيراني عدة صواريخ منذ عام 2010، في انتهاك للقرار 1929 ويستمر في تحدي القرار 2231.

وهناك أدلة على أن إيران قدمت تكنولوجيا الصواريخ إلى وكلائها، بما في ذلك تقارير عن نقل الصواريخ الباليستية إلى الميليشيات الشيعية في العراق. وفي لبنان، وتدعم إيران منشآت إنتاج الصواريخ التابعة لحزب الله وتطوير أنظمة التوجيه الدقيقة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة متزايدة على أن إيران توفر تكنولوجيا الصواريخ الباليستية للحوثيين في اليمن، مما يؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية ويشكل تهديدا أوسع للاستقرار العالمي.

الأنشطة المالية غير القانونية في إيران

يستخدم النظام الإيراني دائمًا أساليب خادعة لتمويل الأنشطة غير القانونية التي تشكل تهديدًا للنظام المالي العالمي. وعلى الرغم من الدعوات الدولية لفرض لوائح أكثر صرامة، يواصل النظام استخدام الشركات الوهمية والكيانات الشرعية على ما يبدو لاستغلال نقاط الضعف في التمويل.

ويشارك الحرس وفيلق القدس، خاصة من خلال البنك المركزي الإيراني، في مخططات تمويل غير مشروعة واسعة النطاق ويدعم الجماعات الإرهابية المحددة مثل حزب الله وحماس.

وأدى عدم امتثال إيران لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى تصنيفها على أنها منطقة عالية المخاطر وغير متعاونة من قبل فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في العقد الماضي.

التهديد البحري الإيراني

ويشكل النظام الإيراني، وخاصة من خلال الحرس، تهديدا كبيرا للأمن البحري العالمي، من الخليج إلى البحر الأحمر. وقد هدد المسؤولون الإيرانيون، بما في ذلك قادة رفيعو المستوى في الحرس الإيراني، علناً بإغلاق مضيق هرمز الحيوي، وهو ممر رئيسي لـ 20% من النفط العالمي. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم إيران ميليشيات الحوثي في اليمن، حيث توفر لها الأسلحة والمستشارين مما يؤدي إلى شن هجمات بحرية في البحر الأحمر.

ويتجلى النفوذ المستمر للحرس في المنطقة في توسيع القدرات الهجومية البحرية للحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، استولت إيران على سفن تجارية بدوافع سياسية، مما يدل على عزمها ممارسة نفوذها محليًا ودوليًا.

تهديد الأمن السيبراني

وبرز النظام الإيراني باعتباره جهة فاعلة في مجال التهديد في الفضاء الإلكتروني، حيث يستخدم التجسس الإلكتروني والدعاية والهجمات لتشكيل التصورات الأجنبية ومكافحة التهديدات. وهذا النشاط لا يقوض المعايير الدولية فحسب، بل يشكل أيضًا تهديدًا منتظمًا لاتصالات الإنترنت الآمنة والموثوقة. واعتمدت إيران سياسة الإنكار في الفضاء السيبراني، ولكن هناك أدلة متزايدة على استمرار الأنشطة السيبرانية الخبيثة للنظام الإيراني.

على مدى العقد الماضي، عملت إيران بنشاط على تطوير القدرات السيبرانية لرصد وتخريب، واستهداف الحكومات والكيانات التجارية والمجتمع المدني. ومن خلال التركيز على الأهداف “السهلة” مثل الشركات الضعيفة والبنية التحتية الحيوية، تمكنت من توسيع نطاق أنشطتها. وتتجاوز الجرائم الإلكترونية التي يرتكبها النظام هذه الأمور وتشمل إسكات وتقويض المنتقدين داخل حدوده.

  ويستخدم النظام الإيراني القدرات السيبرانية للحد من وصول مواطنيه إلى الإنترنت، وحظر منصات التواصل الاجتماعي، وتمويل الرقابة على الإنترنت والحد من الوصول إلى خدمات الأقمار الصناعية، وقد أظهر قمعًا مفتوحًا لمنصات مثل تويتر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى