تُعد وسائل الإعلام الأميركية لاعبًا رئيسيًا في تشكيل الرأي العام حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ ظلت الرواية الإسرائيلية تهيمن لعقود على تغطيات الصحف والقنوات الكبرى بوصف إسرائيل “حليفًا ديمقراطيًا” للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولات لافتة، بفعل تنامي الوعي الشعبي، تصاعد الجرائم بحق الفلسطينيين، وضغوط من التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، فضلاً عن توسع الإعلام الرقمي المستقل.
موقف القنوات التلفزيونية الكبرى
CNN
الخط التحريري: تقليديًا منحاز للرواية الإسرائيلية، مع محاولات لإظهار الحياد.
تحولات تدريجية: خلال حروب غزة (2021 و2024)، بدأت القناة بالإشارة إلى أعداد الضحايا المدنيين الفلسطينيين واستخدام “القوة المفرطة” من جانب إسرائيل، لكنها لا تزال تتجنب استخدام مصطلحات مثل “احتلال” أو “فصل عنصري”.
الخطاب الإعلامي: يعتمد على سردية “صراع متكافئ” ويضخم من رواية “الدفاع عن النفس” الإسرائيلية.
Fox News
الانحياز الواضح: دعم مطلق لإسرائيل، ينسجم مع خطاب اليمين الجمهوري.
التغطية: تصف المقاومة الفلسطينية بـ”الإرهاب”، وتبرر الاستيطان، وتنتقد الأمم المتحدة عندما تُدين ممارسات الاحتلال.
MSNBC
مساحة للرأي الآخر: قناة تقدمية نسبيًا، فتحت المجال لأصوات فلسطينية أو مناصرة لفلسطين.
أمثلة بارزة: تغطيات مراسلين مثل أيمن محيي الدين وميدو حسن، الذين استخدموا مصطلحات صريحة مثل “الفصل العنصري” و”التهجير القسري”.
ضغوط على الصحفيين: بعض المراسلين واجهوا إجراءات إدارية بعد تعبيرهم الصريح عن الانحياز الإعلامي.
موقف الصحف الأميركية الكبرى
The New York Times
التاريخ التحريري: منحاز تقليديًا لإسرائيل.
التطورات: بدءًا من 2021، اتجهت نحو توازن نسبي، ونشرت مقالات رأي فلسطينية. ومع ذلك، لا تزال تصف الفلسطينيين بـ”الضحايا خلال غارات” دون توصيف قانوني للانتهاكات.
The Washington Post
موقف أكثر اعتدالًا: بالمقارنة مع “نيويورك تايمز”، منفتحة على الأصوات التقدمية، وتنشر تحقيقات عن سياسات الاحتلال، لكن تظل تحت مظلة “الدعم الأميركي الاستراتيجي لإسرائيل”.
The Wall Street Journal
انحياز صريح: تركز على الرواية الأمنية، وتربط أمن إسرائيل بالأمن القومي الأميركي.
قسم الرأي: يكاد يخلو من أي محتوى يدعم الحقوق الفلسطينية.
الإعلام الرقمي المؤثر
Vox Media
توجه تقدمي: يشرح الاحتلال والسياق التاريخي والسياسي، ويستخدم مصطلحات مثل “نظام الفصل العنصري الإسرائيلي”.
الفيديوهات التفسيرية: ساهمت في رفع الوعي العام، خصوصًا لدى الأجيال الشابة.
Politico
التركيز السياسي: يتابع مواقف الساسة الأميركيين تجاه الصراع، ولا يتناول الوضع الميداني بشكل معمّق.
ميل مؤسساتي: يعكس سياسة الإدارة الأميركية دون انتقاد جذري.
The Intercept
أقوى الأصوات الاستقصائية المؤيدة لفلسطين: يحقق في الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، وينشر تقارير عن التكنولوجيا المستخدمة في قمع الفلسطينيين.
اللغة واضحة وصريحة: يصف إسرائيل بوضوح كقوة محتلة.
الإعلام التقدمي والمستقل
Democracy Now
موقف صريح: داعم لحقوق الفلسطينيين، يستضيف ناشطين وحقوقيين، ويعرض التقارير دون تلميع سياسي.
Al Jazeera English
تأثير واسع: رغم بثها من خارج أميركا، إلا أن تقاريرها تلقى صدى في الوسط الإعلامي الأميركي، خصوصًا بين الأوساط الأكاديمية والتقدمية.
رغم هيمنة الرواية الإسرائيلية تقليديًا، يشهد المشهد الإعلامي الأميركي في 2025 تحولًا تدريجيًا، خصوصًا مع تنامي نفوذ الإعلام الرقمي المستقل والضغط الشعبي، وهو ما قد يُمهّد لمساحات أوسع أمام الرواية الفلسطينية في السنوات القادمة، خصوصًا في ظل تغيّر التوجهات السياسية داخل الولايات المتحدة.
