قالت شبكة”إنتليجنس جيوبوليتيكا” الإيطالية إن الضربات الموجعة -التي تلقّتها فرنسا في القارة الأفريقية مؤخرا- تكشف عن خسارة نفوذها في منطقة الساحل الأفريقي، مؤكدا أن إيطاليا أضاعت الفرصة لسد الفراغ، مقابل تنامي النفوذ الصيني والروسي.
وقال الموقع -في تقرير للكاتب جوزيبي غاليانو- إن طرد القوات الفرنسية من السنغال وتشاد يمثل ضربة جديدة لنفوذ باريس في أفريقيا القارة التي شكلت لأكثر من قرنين محور السياسة الخارجية والحضور العسكري الفرنسي خارج الحدود.
ورأى الكاتب أن القرار الجريء -الذي اتخذته السنغال بإغلاق القواعد العسكرية الأجنبية في البلاد- يعدّ خطوة باتجاه استعادة السيادة الوطنية ويبعث برسالة واضحة لفرنسا.
وأضاف أنه بعد طرد قواتها من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فإن الحصون التي كانت تُعتبر الأكثر أمانًا -مثل تشاد- أدارت هي الأخرى ظهرها لفرنسا التي تبدو عاجزة عن الحفاظ على نفوذها التاريخي في القارة.
وحسب رأي الكاتب، فإن طرد القوات الفرنسية من القارة الأفريقية ليس حالة معزولة، بل يندرج ضمن ظاهرة أوسع تشمل الغرب بأكمله، إذ تقلص حضور القوات الأميركية والألمانية بشكل كبير في أفريقيا وخاصة في منطقة الساحل.
ولفت الكاتب إلى أن إيطاليا -رغم احتفاظها بوجود عسكري في النيجر- تبدو غير قادرة على استغلال هذا الفراغ الذي تركته فرنسا، معتبرا أن “خطة ماتي” التي تم الترويج لها كركيزة للسياسة الإيطالية في أفريقيا، تبدو غير كافية لمعالجة أولويات القارة أمنيا وعسكريا.
وأوضح أن هذه الخطة -التي تركز على المشاريع الإنسانية والبنية التحتية- تفتقر إلى عنصر استراتيجي يشمل التعاون العسكري، مما يحد من قدرة إيطاليا على تقديم نفسها كبديل موثوق به للقوى الغربية التي تفقد نفوذها في القارة.
وتابع الكاتب أنه مقابل تراجع النفوذ الفرنسي على وجه التحديد، والغربي بشكل عام، يتعاظم نفوذ روسيا والصين في أفريقيا، من خلال تقديم مشاريع متكاملة تجمع بين المساعدات الاقتصادية والبنية التحتية والتعاون العسكري.
وحسب تعبيره، فقد تمكنت موسكو على وجه التحديد من استغلال استياء دول أفريقيا من الغرب، وقدمت نموذجا يشمل التدريب والتسليح، وتقديم الدعم عبر شركات المرتزقة مثل مجموعة فاغنر.
من جانبها، تواصل الصين توسيع نفوذها الاقتصادي مع حضور عسكري متزايد، وهو ما يظهر من خلال القاعدة البحرية في جيبوتي. أما تركيا، فتسعى وفقا للكاتب إلى أن تعزز تعاونها مع دول القارة في مجالات متعددة، بدءا من الدفاع وصولا إلى مشاريع البنية التحتية.